ميادة عبدالعال تكتب: انحدار القيم و تفشى الفساد من صناعة السينما

ركن القراء

ميادة عبدالعال
ميادة عبدالعال


تأثير وسائل الاعلام فى بعض الاحيان قويا وقادر على نشر نمط سلوكى وثقافي واجتماعى ينتهجه الفرد أو المجتمع، وفى بعض الاحيان يكون تأثير وسائل الاعلام أقل تأثيرا ويستطيع الفرد أو المجتمع الخروج من النمط الفكري والمجتمعى الذي ترسمه وسائل الإعلام، ويتوقف ذلك على مدى رغبة الفرد أو المتلقى للتعرض للرسائل والمعلومات التى تبثها وسائل الإعلام المختلفة فكلما كان الفرد أو المتلقى لديه رغبات واشباعات حول معلومات أو قضايا معينة فانه يتجه إلى وسائل الإعلام لاشباع رغباته وتطلعاته بما يسمى نظرية التعرض الانتقائي بمعنى أن الفرد أو المتلقى يبحث دائما فى وسائل الإعلام عما يتفق مع أفكاره واتجاهاته حتى لو كان ما يبحث عنه المتلقي هو مشاهدة أفلام سينمائية.

السينما تتميز عن الصحافة بعنصر الخيال من خلال الجرأة فى طرح القضايا . فعلى سبيل المثال حين تتناول السينما قضية فساد كبرى فهى تتناولها بصورة غير مباشرة من خلال طرح رؤية خيالية، هنا تترك حيزاً للمشاهد لأن يُسقِط ما يراه على أقرب قضية أو موضوع يدور فى خلده . فالسينما يمكن أن تتنكر بأدواتها وأساليبها للإسقاط على أنماط من الفساد لا يمكن للوسائل الإعلامية الآخرى التطرق إليها . فأحياناً ما تطرح السينما رموز حتى لا تطرح القضايا بصورة مباشرة . بالإضافة إلى ذلك تمتلك السينما آلية تسليط الضوء على موضوعات وحجب موضوعات آخرى .

فالأفلام أحياناً ما تُعد سلعة فاسدة . هنا يكون المُنتج السينمائى وجبة فاسدة تفسد الذوق والمزاج والثقافة والشخصية . هنا الإفساد يكون من الناحية السمعية والبصرية . فيعتاد المشاهد على رؤية مشاهد لا تراعى الآداب العامة وعلى الاستماع لألفاظ بذيئة وأغانى هابطة . هذه الوجبة الفاسدة تنخر فى الجسد. فيُصبِح الفرد مشبعاً بهذا المُنتَج الفاسد وينعكس تحديداً على الشباب فى مظهرهم ومصطلحاتهم والأغانى التى يستمعون إليها .

كما إنها اقتصرت على نقل الواقع السىء فى المجتمع و أبرازه و كإنه حالة عامة فجعلت من البلطجى بطلا و من سوء سلوك البنات رمزا يحتذى به و للأسف الشديد كانت الأفلام القديمة محصورة فقط على دور السينما لفترة طويلة إلى أن ظهرت الفضائيات و خرجت تلك الأفلام من دور السينما إلى كل مكان و هذا ما جعل المجتمع يتاثر بها رغم رفضه لها و فى نفس الوقت مجبر إنه يشاهدها .

إن الخطأ الذى نراه فى كل عمل درامى هو إظهار الاستثناءات فى المجتمع كإنها هى الاصل و اظهار مرتكبى الفواحش و السلبيات و كإنهم ابطال مما ينعكس بالسلب على الشباب فى الفن المعاصر. الاعلام والسينما ومواقع التواصل الاجتماعى لهم دور قومي في تشكيل الرأي العام وطرح قضايا وموضوعات اجتماعية يلتف حولها جموع المواطنين، والارتقاء بالبناء المعرفي والإدراكى للمواطن في كافة المجالات ذلك بجانب دور الإعلام التقليدي فى نشر الأخبار المختلفة من جميع دول العالم، وتكون وسائل الاعلام فى هذه الحالة إيجابية وفى صالح توعية المواطن والارتقاء بمجتمع مطلع قادر على التفكير والتحليل ورابط واقع الاحداث والمشاهدات من حولة بالصورة الذهنية التي ترسمها وسائل الإعلام رأس المال الأمر الذى يجعل الجهاز الإعلامى أداة لبث رسائل إعلامية بغرض حشد الرأى العام لصالح القضايا التى يتبانها النظام السياسي وأصحاب النفوذ ورأس المال .

وفى هذه الحالة تنعدم مصداقية ما تبثه وسائل الإعلام من أخبار ورسائل إعلامية وتكون موجهة دائما لصالح وجهة نظر واحدة وهى وجهة نظر صاحب السلطة على هذه الوسائل الإعلامية لفرض نفوذهم على الجماهير ووضع تفسيرات خاصة بمحتوى وسائل الإعلام للترويج لمصالح الفئات المسيطرة فى المجتمع، والهاء الناس عن البحث عن الحقيقة التي تعبر عن الواقع الذي يعيشونه