"النواب" يتجاهل المحامين والصيادلة والبيطريين وأطباء التحاليل عند وضع قوانينهم المهنية

العدد الأسبوعي

مجلس النواب - أرشيفية
مجلس النواب - أرشيفية


■ "قانون وهدان" يهدد "عاشور".. و"مشروع إيناس" يفجر أزمة بين النقابات الطبية


قبل أن تهدأ موجة الغضب التى فجرها إصدار مجلس النواب التعديلات على قانون السلطة القضائية، بدأ المجلس ونوابه فى التجهيز لحزمة من القوانين تخص عدة فئات منها المحامون والصيادلة والأطباء والمحاسبون والمطورون العقاريون، بحيث لن يترك فئة دون التنغيص عليها، بزعم تنظيم المهنة ووضع قواعد لممارسيها، ما يضع المجلس والدولة من ورائه فى صدام عنيف.

فتح البرلمان ملف النقابات الطبية حيث ناقش خلال الأيام الماضية عدة مشروعات قوانين تخص هذه الأقسام، منها مشروع قدمته الدكتور إيناس عبدالحليم، عضو لجنة الشئون الصحية، أستاذ الأورام بكلية الطب بجامعة المنصورة، لتنظيم مزاولة مهنة التحاليل الطبية فى مصر، حيث قصر المشروع إدارة وامتلاك معامل التحاليل على خريجى كليات الطب البشرى، باعتبارهم الأكثر تخصصاً بين باقى المزاولين للمهنة، بشرط حصوله على دراسات عليا أو زمالة مصرية. نقابة الأطباء دعمت المشروع، ودافعت عنه، وقال الدكتور إيهاب الطاهر، أمينها العام، إن القانون الحالى المنظم لإنشاء معامل التحاليل بحاجة للتغيير، فى المقابل رفضت نقابة الصيادلة، بشدة المشروع،ووصفه الدكتور محيى عبيد، نقيب الصيادلة، بالفاشل، خصوصاً أن القانون الحالى يسمح لكل من الصيادلة والأطباء وخريجى كلية العلوم، والبيطريين بترخيص معامل بإشرافهم.

وقال الدكتور أشرف مكاوى، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن نقابة الاطباء تريد الاستحواذ بشكل كامل على المعامل، رغم أن دور الطبيب يقتصر على طلب إجراء المريض تحاليل، أما العملية نفسها فيقوم بها المختصون من الصيادلة والكيميائيين، أما كل ما يخص الحيوانات فيخص البيطريين، أما الأمر الوحيد الذى يخص الطبيب فهو التحليل الباثولوجى الذى يتعامل مع الأنسجة والخلايا البشرية.

وأكد مكاوى أن نقابة الصيادلة لن تسمح بتمرير قانون الدكتورة إيناس، وأن النقابة تعد مشروعاً بديلاً، يحظر على الأطباء التعامل مع التحاليل عدا الإشراف على تحليل الباثولوجى.

يذكر أن اللجنة المختصة بإصدار التراخيص لمعامل التحاليل بوزراة الصحة، جميع أعضائها من أطباء بشريين، وترفض أغلب طلبات التراخيص لغير الأطباء، ما يدفع أغلب الصيادلة والبيطريين والعلميين لرفع دعاوى قضائية للحصول على التراخيص.

المشروع الثانى الذى أشعل الفتنة بين النقابات الطبية، هو قانون «مزاولة مهنة الصيادلة»، الذى تمت مناقشته بحضور ممثل نقابة الصيادلة فقط، رغم اعتراض بقية النقابات الطبية لغياب ممثليهم، وتصر نقابة الصيادلة على عدم مناقشة النقابات الأخرى المشروع الذى يهم أكثر من 200 ألف صيدلى، ويخص تحليل الأدوية والدعاية لها، والأدوية البيطرية.

نقابة الأطباء اعترضت على المشروع، بسبب عدة بنود مثل صرف الصيدلى تذكرة دوائية دون الرجوع للطبيب فى الحالات الطارئة، وقصر الدعاية الدوائية على الصيادلة فقط، وإشرافهم على المتطوعين للتجارب الدوائية.

أما نقابة البيطريين، فاعترضت على المشروع لأنه يسمح للصيادلة بيع الأدوية البيطرية داخل الصيدليات دون إشراف بيطرى، وقال الدكتور سامى طه، نقيب البيطريين السابق، إن البيطرى هو المختص الوحيد بكل ما يخص الثروة الحيوانية، ومحاولة الصيادلة التدخل فى الأدوية البيطرية سيشكل خطورة على الثروة الحيوانية.

أما سليمان وهدان، وكيل البرلمان، فأثار أزمة مع نقابة المحامين بعد تقدمه بمشروع تعديل لقانون المحاماة، ما دعا المحامين إلى التحرك بعدما شعروا بأن الدور عليهم بعد القضاة، خصوصاً مع تجاهل البرلمان لمشروع القانون الذى أعده سامح عاشور الذى انتقد وضع قانون خاص بالمحامين من جانب أشخاص من غير أهل المهنة.

وأكثر المواد التى أثارت خلافاً مع نقابة المحامين المادة 132 الخاصة بالاشتراطات للترشح على مقعد نقيب المحامين، وذلك بتعديل المدة التى يقضيها المرشح بجدول محامى النقض، وبدلاً من النص على أن تكون أكثر من 5 سنوات متصلة، رأى وهدان أنه يحق للمرشح الذى زاول مهنة المحاماة لـ7 سنوات متصلة الترشح لمنصب النقيب.

وأجمع أعضاء مجلس النقابة على رفض «قانون وهدان»، واعتبروه تدخلاً فى شئونهم وقال حسين الجمال، عضو المجلس: «مينفعش إحنا رجال قانون إزاى يتعملنا قانون وإحنا قاعدين وهو لا يدرى أى شىء عن المحامين وعلاقتهم بمؤسسات الدولة»، خصوصاً أن مجلس النقابة سبق وتقدم بمشروع لتعديل قانون المحاماة يتضمن تقليص عدد أعضاء مجلس النقابة، وتمثيل محاكم الاستئناف حسب أعداد المحامين وإلغاء تمثيل محامى المحاكم الابتدائية.

فى نفس السياق هاجم محمد كركاب، عضو مجلس النقابة، وهدان، بقوله إن الأخير ليس له صلة بالمحاماة، مستنكراً أن يتضمن مشروع وهدان مواد تسمح لأساتذة الجامعة بالترشح لمنصب النقيب، مؤكداً أن قانون وهدان لن يتم تمريره.

ولم يترك المجلس فئة دون ان يمد يده إلى القانون المنظم لها، حيث أحال الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان، جلسة 26 مارس الماضى، مشروع قانون مقدماً من النائب محمد العقاد، عضو لجنة الإسكان والمرافق و95 نائباً لإصدار قانون تنظيم نشاط التطوير العقارى، إلى لجنة مشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية.

وبعد نحو أسبوعين وافقت لجنة الإسكان على المشروع المكون من 84 مادة، وبعدها قررت اللجنة مواصلة اجتماعاتها لاستكمال مناقشة القانون للوصول لأفضل صياغة، واجتمعت فى 30 إبريل و1 و2 مارس بحضور نائب وزير الإسكان، وممثلى شعبة نشاط التطوير العقارى، ورئيس صندوق التمويل العقارى، وتستكمل بقية اجتماعاتها فى المستقبل.

ومن المتوقع أن يتسبب قانون العقاد فى أزمة مع قطاع المطورين العقاريين والذى يضم مئات الآلاف من رجال الأعمال، لكنه غير منظم ولا يخضع لقانون، وحسب النائب محمد العقاد، مقدم المشروع، فإنه يهدف لحفظ حقوق المواطنين ومدخراتهم ويشجع الاستثمار من خلال وضع آليات وقوانين ولوائح تحكم نشاط التطوير العقارى.

ويحدد القانون تعريف مهنة المطور التى تتنوع من القائم بتشييد البنية التحتية للمشروعات بمختلف أنواعها، والقائم على بناء وتوصيل المرافق العامة والمطور الزراعى الذى يعد الأراضى وينشئ الخدمات والوحدات، كما فرق بين المستثمر العقارى والمطور والمقاول العام، بحيث ينضم المستثمر لشريحة المطورين.

وينص القانون على إنشاء اتحاد للمطورين لوضع إطار تعاقدى وشروط نموذجية يجب توافرها لحماية المواطنين وأن يتم النص فى العقد على موعد التسليم ومواصفات الوحدة وإلزام المطور بالتعويض فى حال الإخلال بالبنود.

واستحدث القانون صندوق ضمان عقارى، لتغطية المخاطر وعدم تسليم الوحدة العقارية وذلك لمصلحة الحاجزين، ويمكن من خلاله ضمان استرداد المدفوعات والتعويض المناسب فى حال عدم التسليم، ما يساعد فى تلاشى المنازعات بين الشركات العقارية والمواطنين خاصة فى حال البيع على الرسومات.

أما المحاسبون فتدرس وزارة المالية بالتعاون مع نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين والمراجعين المصرية، تطوير الإطار القانونى لمهنة المحاسبة والمراجعة المالية، من خلال الاستفادة من الخبرة التى يتيحها برنامج التوأمة مع إسبانيا، فى اطار اتفاقية المشاركة المصرية- الأوروبية، على أن تتم إحالة مشروع القانون للبرلمان فور الانتهاء منه.

وتعتبر الوزارة هى الجهة الحكومية المنوط بها الإشراف على مهنة المحاسبة والمراجعة، حيث تضم لجنة القيد لسجل المحاسبين والمراجعين، ضمن هيكل قطاع الحسابات والمديريات المالية، ومن المقرر أن يكون مشروع القانون المقترح، بديلاً للقانون الحالى رقم 133 لسنة 1951 المعمول به منذ أكثر من 65 سنة، وينظم مهام المجلس الأعلى للمحاسبة والمراجعة، لتنظيم المهام المتعلقة بالجهات المسئولة عن المهنة.

ويتابع إعداد المشروع 22 من كوادر الوزارة من العاملين بقطاع الحسابات والمديريات، تحت إشراف السفير أيمن القفاص، المتحدث باسم الوزارة، ويديره كارم محمود، رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية.

ويضع القانون الجديد نظاماً للاختبارات الخاصة بالالتحاق بمهنة المحاسبة والمراجعة، لضمان الكفاءة والمهنية، وإنشاء جهة رقابية واحدة لجميع المراجعين والتزامهم ببرامج التدريب والاختبارات عن بعد، ووجود سجل رسمى موحد لهم يتم تحديثه باستمرار، كما يستحدث نظام اتصالات وتكنولوجيا متكامل يربط بين الشركات والمراجعين والحكومة والجمهور من خلال بوابة إلكترونية تفاعلية.

فى المقابل حذرت نقابة التجاريين، فى إبريل من العام الماضي، من تمرير القانون وإعداده من جانب وزارة المالية دون موافقة مزاولى المهنة، وأخذ رأيهم فيه، التزاما بنص المادة 77 من الدستور.