النفوذ في العراق.. نكشف المخطط الإيراني الأمريكي للسيطرة على مفاصل الدولة‎

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السلطة الأمريكية، بدأ الصراع بين أمريكا وإيران على النفوذ في العراق، دون مراعاة لاستقلالية الدولة، حيث اشتعل الصراع بين البلدين على السيطرة على النفوذ في العراق، بحجة تطهير الموصل من داعش، إلا أن مساعي الدولتين أكبر من ذلك، فهما يهدفان إلى السيطرة على مفاصل الدولة.

 

السر وراء اختيار قائد الحرس الثوري سفيرًا في بغداد

وتختبئ وراء تسلّم الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أوراق اعتماد السفير الإيراني لدي بغداد، وبيانٍ مكتبه الرسمي المُشيد بعمق العلاقات بين البلدين الجارين، الكثير من الحقائق والتسميات عن حقيقة الاستراتيجية الإيرانية ونوايا قادتها وسفرائها، بما فيها علاقة سفير إيران الجديد ومستشار قاسم سليماني "إيراج مسجد"» وارتباط مهمته الدبلوماسية بالتحديات والمتغيرات المقبلة في العراق، بعد التغير الواضح والعلني  في الموقف الأمريكي الرافض لاتساع النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

حيث كان لعملية اختيار كبير مستشاري الحرس الثوري الإيراني العميد إيراج مسجدي سفيرًا إيرانيًا في بغـداد، استراتيجية طهران لوقف نفوذ واشنطن من خلال الدعم والتنسيق مع التنظيمات والميليشيات.

 

وكما أن علاقته وارتباطه بقاسم سليماني تجعل منه مصدرًا موثوقًا به في دفع مصالح طهران من خلال خطورة التحديات المقبلة التي ستواجه العراق بعد قرار واشنطن بإعادة تقييم استراتيجيتها السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، والنية في وقف المد الإيراني الطائفي وخطر السلاح النووي الذي يهدد المنطقة والعالم.

 

وفي الوقت نفسه كان لاختيار طهران وتحت ستار الدبلوماسية الإيرانية في العراق، لقائد الحرس الثوري سفيرًا لها في بغداد الفرصة الملائمة لدعم السياسة المذهبية الخاصة بالعراق التي أثبتت نجاحها في زيادة نفوذها للتدخل في الشأن العراقي من خلال حرصها على بقاء الملف العراقي في دائرة الحرس الثوري ومرشد الجمهورية الأعلى.

 

مخطط أمريكي لوقف نفوذ إيران

ومع تزايد التصريحات التي تأتي من أركان الإدارة الأمريكية حول إيران، يبدو واضحًا أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أعطى اهتمامًا ملحوظًا للوعود التي قطعها أثناء حملته الانتخابية للضغط على إيران وإجبارها على الانسحاب من الملفات الساخنة في العراق وسوريا واليمن.

 

ولعل الموقف الأمريكي الأكثر وضوحًا تجاه إيران في هذا السياق، جاء في الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون واتهامه لنظام الولي الفقيه برعاية الإرهاب في العالم، وزرع الميليشيات لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

 

مخطط إيراني للإطاحة بـ"العبادي"

وفي مرحلة جديدة من المواجهة بين واشنطن وطهران لإنهاء التوسع في العراق وتدخل الدين السياسي المذهبي في العالم العربي والإسلامي، أولى هذه المؤشرات تكمن في التوجه الجديد لقادة الميلشيات الموالية لإيران للإطاحة برئيس الوزراء حيدر العبادي وإعادة نوري المالكي لإدارة ترتيب المشهد السياسي لمرحلة ما بعد تنظيم داعش.


وتصمم طهران على تحقيق أهدافها في العراق بأي ثمن، بما في ذلك إدامة حالة عدم الاستقرار في البلاد، واحتمال الإطاحة برئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي من خلال شبكة التنظيمات السياسية والعسكرية التي زرعتها في داخل مؤسسات الدولة وخارجها. وهذا ما سوف يلقي بضلاله على المشهد السياسي والأمني للبلد ويؤهله لمواجهة جديدة بين مؤيدي سياسة الولايات المتحدة الجديدة من العرب الشيعة والسنة والكرد وبين أحزاب الولي الفقيه وأجندته التي ستجلب للعراقيين المزيد من الانقسام والدمار.

 

تبادل الزيارات الأمريكية العراقية

تلك المرحلة بدأت تتبلور على أرض الواقع بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى واشنطن حدث تطور لافت تمثل بزيارة صهر "ترامب" وكبير مستشاريه «جاريد كوشنر» برفقة رئيس هيئة الأركان الأمريكية "جوزيف دانفورد" إلى بغداد في 4 أبريل المنصرم.

 

وكشف اختيار "جاريد" وكونه من الحلقة الضيقة المقربة من "ترامب" ومرافقة رئيس الأركان له اهتماما كبيرا من الإدارة الأمريكية بالملف العراقي ولكنه، بالتأكيد، يتجاوز مسألة المعارك العسكرية الجارية مع تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي تدخل الحملة ضده في الموصل شهرها السابع.

 

وبلا شك أن إرسال «كوشنر» يدل على خطط استراتيجية تتعلق بإعادة تشكيل الدولة العراقية بعد انتهاء دخان المعارك، وعلى الأخص، بوزن إيران الثقيل في مجريات الأحداث بما يفيض حتى عن العراق ويمتد إلى سوريا ولبنان واليمن.

 

دوافع السلطتين للسيطرة على العراق

وفي هذا الصدد، قال الكاتب الأمريكي والمحلل العسكري، أفشون أوستوفار، في تقرير مطول بمجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، إن معركة الموصل ستكون دموية وشرسة وستستغرق الكثير من الوقت، مرجعًا ذلك إلى تعدد اللاعبين في المشهد "الموصلي"؛ فهناك الولايات المتحدة، وتركيا، وإيران، وبالطبع هناك الحكومة العراقية.

 

وأوضح أوستوفار مؤلف كتاب "طلائع الإمام.. الدين والسياسة والحرس الثوري الإيراني"، وأستاذ مساعد لشؤون الأمن القومي في الكلية الحربية بكاليفورنيا، أن لكل من أولئك اللاعبين مصالحه الخاصة في حملة استعادة الموصل من سيطرة "داعش"، وهو يسعى لتحقيق تلك المصالح مع السعي لمنع منافسيه من تحقيق أي مكاسب على الأرض.

 

وقال أوستوفار إنه من بين القوى الدولية اللاعبة في العراق، يبدو الدور الإيراني الأكثر غموضًا، فرغم خصومتها الطويلة للولايات المتحدة، فإنها تركز على مساعدة الحكومة العراقية لطرد "داعش"، وهي تلتقي جزئيًا مع أهداف واشنطن، "لكن وسط الفوضى التي تضرب منطقة الشرق الأوسط حاليا يبدو أن تحقيق ذلك الهدف سيعرض إيران لمجموعة كبيرة من التحديات".

 

دور أمريكا في العراق

ورسم أوستوفار في مقاله خريطة للصراع الدائر في الموصل بين "الكاوبوي" (أمريكا) و"الفارسي" (إيران) و"العثماني" (تركيا)، وبدأ بـ"الكاوبوي"؛ حيث أوضح أن الولايات المتحدة تدعم تحالفًا يضم قوات من الجيش العراقي، ومليشيات مكونة من عشائر سنية، كما تشارك في المعركة قوات البشمركة الكردية، ومليشيات شيعية، ولكن دور هؤلاء اقتصر على تحرير قرى وبلدات محيطة بالمدينة.

 

وأشار إلى أن الخطة تقوم بالأساس على طرد "داعش" من مناطق محيطة بالموصل، ثم التقدم من عدة جهات، مع فتح ممر يسمح للإرهابيين بالانسحاب والتراجع نحو سوريا، إلا أن أوستوفار حذر في هذا الصدد من أن المشهد في الموصل لن يكون آمناً بعد طرد الدواعش بل سيصبح شديد الخطورة نتيجة لاقتتال الأطراف المتناحرة التي أسهمت في طردهم فيما بينهم، بحثاً عن الاستئثار بالجانب الأكبر من الغنيمة، وهو الأمر الذي تغض واشنطن عنه البصر.

 

دور إيران في العراق

وانتقل للحديث عن دور إيران، حيث بدأ أوستوفار بسرد جانب من التاريخ، فقال إن تدخل إيران في العراق يرجع إلى فترة ما بعد الغزو الأمريكي وسقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003، حين بات الشيعة العراقيون -الذين تعرضوا لقمع شديد في ظل صدام- يسيطرون على المشهد السياسي في العراق، وهو الأمر الذي ابتهجت له إيران -التي كانت تعاني من ندرة الأصدقاء في المنطقة- لتحول العراق من جار معاد إلى حليف يتمسك بالعقيدة الطائفية نفسها، وباتت حماية الدولة العراقية على رأس أولويات المصالح الأمنية لطهران.

 

وأوضح أوستوفار، أن أساس القوة الإيرانية في العراق هو دعم طهران لمليشيات طائفية وزعمائهم السياسيين، مشيرًا إلى أن الحرس الثوري الإيراني بدأ في تدريب وتمويل وتنظيم تلك المليشيات منذ أكثر من 10 سنوات، مضيفًا أن الدور الذي لعبته هذه المليشيات في دعم النظام السوري، ودورًا أساسيًا في الحرب ضد "داعش" في العراق، وعرفت بممارساتها الطائفية البغيضة ضد سنة العراق في عدة مدن بعد طرد الإرهابيين منها.

 

مكاسب إيران من العراق

ومن جانب آخر، تطرق المحلل العسكري الأمريكي إلى أرباح "الفارسي" من معركة الموصل، حيث قال إن إيران ترغب في إبقاء الحكومة العراقية كحليف لها وليس فقط جارة مؤمنة الجانب، مشيرًا إلى العلاقات الاقتصادية والمصالح الأمنية التي تجمع بين طهران وبغداد، وهي العلاقات التي تتأثر بمدى التقارب بين العراق والولايات المتحدة.

 

وتسائل المحلل العسكري الأمريكي: "من سيكون الرابح من معركة الموصل الأمريكي أم العثماني أم الفارسي؟ وبأي ثمن من خسائر بين المدنيين؟".