انفراد.. نص تحقيقات قضية "المواسير الفاسدة"

العدد الأسبوعي

صرف صحي - أرشيفية
صرف صحي - أرشيفية


3.7 مليار جنيه فاتورة الفساد بخط المياه الرئيسى للقاهرة الجديدة

■ الرقابة الإدارية: المتهمون اتخذوا من أقاربهم الأجانب "واجهة" للهروب من المسئولية

■ أمر الإحالة: "الاستشارى" تلاعب بالمواصفات لإرساء المناقصة على شركات بعينها


حصلت "الفجر" على نص تحقيقات نيابة الأموال العامة، فى القضية المتورط فيها عدد من ملاك الشركات الخاصة والاستشاريين، فى أعمال إسناد وتوريد واستلام "مواسير" غير مطابقة للمواصفات لمشروع خط المياه الرئيسى لمنطقة القاهرة الجديدة، والتى جرت خلال عام 2007، والتى تعتبر أكبر مشروع قومى خاص بالمياه فى مصر والشرق الأوسط، حيث ترتب على المخالفات إهدار للمال العام بلغ نحو 3.7 مليار جنيه.


1- المتهمون تلاعبوا بأوراق المناقصات لتعمد إرسائها على شركات بعينها قدمت «مواسير» فاسدة غير صالحة للاستخدام

حمل ملف القضية رقم 468 لسنة 2016 حصر أموال عامة عليا، والمقيدة برقم 75 لسنة 2017 جنايات أموال عامة عليا، وأعد التحقيقات المستشار أحمد خفاجى رئيس بنيابة الأموال العامة، تحت إشراف المستشار محمد البرلس المحامى العام الأول لنيابة الأموال العامة.

وتضم قائمة المتهمين 4 أشخاص، هم محمود محمد عبدالعظيم البيومى، 52 سنة، أستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس، والسيد إسماعيل إبراهيم لقمة، 63 سنة، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة "هوباس مصر"، وأحمد عبدالعظيم لقمة، 52 سنة، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة "العالم العربى للاستثمارات المالية"، وسعد حسن سعد الخادم، 61 سنة، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة "المستقبل لصناعة الأنابيب".

ووجهت نيابة الأموال العامة للمتهمين أنهم فى غضون عام 2007، قام المتهم الأول بصفته الاستشارى مصمم مشروع تنفيذ الخطوط الناقلة لمحطة تنقية مياه القاهرة الجديدة، بالحصول للمتهمين من الثانى حتى الرابع، على ربح ومنفعة التعاقد على توريد المواسير المستخدمة بالمشروع بـ618 مليوناً و20 ألفاً و972 جنيهاً، حيث أجرى مقارنة فنية بين بدائل المواسير المطروحة للمشروع دون اتباع الأصول والاعتبارات الفنية المتعارف عليها، ما أدى لحصول المواسير التى تنتجها الشركات التى يساهم فيها المتهمون على درجة فنية غير مستحقة أدت لقبولها وتساويها فنياً مع البدائل الأخرى حال كونها الأقل سعراً، رغم علمه بعدم صلاحية المواسير الأولى للاستخدام فى المشروع، بجانب عدم تضمينه التقييم الفنى لشركات المقاولات على الدرجات الفنية المستحقة وفقاً للمعايير والضوابط المعروفة.

وترتب على تصرف المتهم الأول إلزام لجنة البت بالجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى، باختيار المواسير الأولى، لتساويها فنياً مع البدائل خصوصاً أنها الأقل سعرا، قاصداً تربيح المتهمين بالتعاقد معهم دون وجه حق.

كما أضر المتهم عمداً بأموال ومصالح الجهة التى يتصل بها بحكم عمله والغير المعهود بها إلى تلك الجهة، بأن ارتكب الجريمة السابق ذكرها، ما ترتب عليها ضرر مادى جسيم قيمته 3 مليارات جنيه تقريباً، تمثل قيمة المواسير التى تم توريدها واستبدالها لعدم صلاحيتها وفشلها فى تجارب التشغيل، وكذلك قيمة توريد وتركيب مواسير صلب بديلاً عنها لتشغيل المشروع ورفع كفاءة المحطات والخطوط لإمداد المناطق المتضررة من تأخر تشغيل المشروع لعدم وصول مياه الشرب لها.

ووجهت النيابة إلى المتهمين من الثانى حتى الرابع، تهم الاشتراك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمة، بأن اتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه بتقديمهم عروضاً مالية وفنية تضمنت صلاحية تلك النوعية من المواسير للاستخدام فى المشروع.

وذكر أمر الإحالة أن اتفاق المتهمين أدى لإلزام لجنة البت لإرساء المناقصة العامة للمشروع والتعاقد مع الشركات الموردة للمواسير الفاسدة.


2- الرقابة الإدارية: المتهمون استخدموا أقاربهم الأجانب كـ"واجهة" للهروب من الجريمة

تضمنت تحقيقات القضية، تحريات جهاز الرقابة الإدارية، والتى أعدها الشاهد الأول أحمد مصطفى البحيرى، عضو الهيئة والذى قال إنه ورد إليه معلومات أكدتها تحرياته مفادها قيام المتهم الأول – الاستشارى المصمم، الذى أسند إليه الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى إعداد الدراسات التصميمية ومستندات الطرح لمشروح المأخذ والخطوط الناقلة للمياه العكرة والروافع حتى محطة تنقية مياه مدينة القاهرة الجديدة خلال عام 2007، والمتضمنة إجراءات البت والتقييم الفنى والمالى لاختيار النوع الأمثل من المواسير المستخدمة فى المشروع، بارتكاب مخالفات تمثلت فى قيامه باختيار مواسير من نوع «GRP» وطرحها كأحد بدائل المواسير التى يمكن استخدامها للمشروع فى كراسة الشروط والمواصفات.

وأضاف الشاهد، إن المتهم وضع تقييماً فنياً ضعيفاً للمفاضلة بين أنواع المواسير المطروحة سعى فيه لإعطاء المواسير من النوع المشار إليه، نقاط أفضلية غير مستحقة لقبولها فنياً، ولتتساوى مع البدائل الأخرى حتى يتم إرساء المناقصة عليها واختيارها رغم الأضرار التى ستترتب على استخدامها لعدم وجود تجارب سابقة لها داخل مصر ووجود كثير من المحاذير التصميمية والفنية.

وتابع الشاهد أن الأمر ترتب عليه فشل جميع تجارب التشغيل، وتغيير تلك المواسير بأخرى من النوع الصلب، ما أدى إلى حرمان المناطق المراد توصيل المياه إليها من الخدمة لتأخر تنفيذ المشروع، وتكلفة شراء نوع آخر من المواسير، وما تكبدته الدولة من نفقات الاستبدال من أعمال حفر وردم وصلت لـ 3 مليارات جنيه تقريباً.

وأشار ضابط الرقابة الإدارية إلى أن تحرياته كشفت عن أن المتهم قام بنفس الجريمة بأعمال تصميمات مشروع نقل المياه من مدينة أنشاص إلى مدينة العبور، والذى تم الانتهاء منه فى مواعيد الانتهاء المقررة ويعمل بكفاءة عالية.

وأكدت التحريات أيضا ارتكاب المتهم لتلك المخالفات بالتواطؤ مع المتهمين من الثانى وحتى الرابع، بقصد تظفيرهم بمنفعة وربح التعاقد على توريد مواسير الـ «GRP» دون وجه حق، وتعمد المتهمون من الثانى حتى الرابع إخفاء أسمائهم من سجلات الشركات وتكليف آخرين من عائلتهم ومن جنسيات أجنبية كواجهة للشركات تهرباً من المسئولية الجنائية، إلا أنهم يديرونها ويحضرون الاجتماعات مع الجهات كممثلين عن الشركات والمصانع الموردة للمواسير.


3- رئيس "مياه الشرب والصرف": المناقصة ذهبت لـ"حسن علام" وتم التعاقد مع شركات أخرى بعد تلاعب المتهم الأول

شملت أوراق القضية أيضاً، أقوال الشاهدة السابعة زينب نبيه منير، 61 سنة، رئيس الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى، "بالمعاش حالياً"، والتى قالت إنها كانت رئيس الإدارة المركزية للمشروعات، حال طرح المشروع الذى تم إسناده لمكتب "اتحاد الدار – بيسر" لإعداد الدراسات والتصميمات ومستندات الطرح، وعمل التقييمات الفنية والمالية لعروض الشركات المتقدمة.

وأضافت الشاهدة إن المتهم الأول، كان مختصاً بالأعمال المدنية للمشروع والتى تتمثل فى مسارات خطوط المياه والغرف والمحابس الخاصة بها والمواسير وأنواعها وأقطارها التى يمكن استخدامها وعمل المفاضلة الفنية بينها وفقا للقرارات الوزارية ورؤيته الفنية.

وأوضحت الشاهدة أنه تم الاستناد إلى درجة التقييم الفنى للعروض المعدة بمعرفة المتهم الأول، وصولاً إلى ترتيب أولويات العطاء والمنتهية لإرساء العطاء على شركة النصر العامة للمقاولات "حسن علام" باستخدام ماسورة «GRP» الأقل سعراً بسبب مساواة المصمم الاستشارى لنوعية المواسير وملحقاتها من الناحية الفنية وفقا للكتالوجات فقط دون الكفاءة الفنية بإعطائه درجة 5% من إجمالى الدرجات، رغم أن قيمة المواسير تمثل أكثر من 35% من تكلفة المشروع، ما أدى لاختيار الماسورة الأقل سعراً دون الأفضل فنيا بالمخالفة للمتعارف عليه فى المشروعات المثيلة والمعاصرة مثل مشروع 6 أكتوبر و10 رمضان وشمال الجيزة.

وتابعت أن هذا التصرف هدفه تقييد اللجنة باختيار الأقل سعراً فقط دون النظر للجودة الفنية، رغم أن المتهم سبق ووضع تقييماً فنياً لأنواع المواسير المستخدمة لخطوط المياه الناقلة لمحطة العبور عام 2008 وأعطى درجة فنية لنفس نوع المواسير بأقل من المواسير الخرسانية، وفقاً للمتعارف عليه فنياً بين المكاتب الاستشارية بالمشروعات المماثلة.


4- شهادات مسئولى الجهاز التنفيذى لمياه الشرب حول مخالفات المشروع

ضمت أوراق القضية أيضاً شهادة عدد من المسئولين، حيث أقرت الشاهدة الثامنة سامية أبانوب أنطون حنا، 62 سنة، رئيس الإدارة المركزية للتنفيذ بالجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى "بالمعاش حالياَ"، بأن التقييمات الخاصة بالمواسير وأفضليتها تم إعدادها وتقديمها بمعرفة المتهم الأول، والمسئول عن تحديد أنواع المواسير التى يمكن استخدامها من ضمن البدائل المطروحة بالكود المصرى والقرارات المنظمة له.

وأضافت الشاهدة إنه قام بعمل المفاضلة الفنية بين تلك البدائل والذى يعد الإجراء الأهم والأخطر فى الترسية، حيث يتم تحديد ترتيب الشركات المتقدمة بالعروض وفقاً لما انتهت إليه لجنة البت والتى كانت أحد أعضائها لدراسة العروض بالاشتراك مع المتهم، بقسمة القيمة المالية على درجة التقييم التى المحددة بمعرفة الاستشارى، وتحديد الشركة التى سيتم ترسية الأعمال عليها، لكون ذلك التقييم ملزماً للجهة المالكة.

كما أقر الشاهد التاسع أحمد إبراهيم السيد القاضى، 36 سنة، مهندس بالجهاز التنفيذى بأنه مختص بمتابعة الأعمال التنفيذية الخاصة بالمشروع ومطابقة البرنامج الزمنى للانتهاء منه،

وأنه من المتعارف عليه هندسياً أنه لا يمكن أن تتساوى مواسير «GRP» مع المواسير الخرسانية بالأقطار الكبيرة، ولم يقم الجهاز التنفيذى بتنفيذ أى مشروعات بتلك الأقطار بمواسير من نوعية «GRP» داخل مصر، وأن الشركات الموردة لم توفر فواصل تناسب أقطار المواسير لتحقق الغرض المطلوب، وذلك يرجع للاختيار الخاطئ لنوعية مواسير لم يسبق استخدامها بتلك الأقطار، ودون تحديد اشتراطات خاصة ومحاذير لها عند الطرح.

وقال الشاهد العاشر حسن خالد فاضل طنطاوى، 68 سنة، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، سابقاً، إن الجهاز التنفيذى لا يتدخل فى اختيار أى نوع من أنواع المواسير فى أى من المشروعات، لكون القرار الوزارى رقم 14 لسنة 2002 يحدد البدائل التى يمكن استخدامها فى المشروعات، مشيرا إلى أن المتهمين من الثانى حتى الرابع كانوا يحضرون لمقر الجهاز التنفيذى، ويوجهون خطاباتهم بصفتهم أصحاب المصانع الموردة للمواسير والوصلات والجلب والجوانات المعيبة.

أما الشاهد الحادى عشر صلاح زكى أحمد أبو المجد، 59 سنة رئيس قطاعات تنفيذ شركة النصر العامة للمقاولات، فأقر بأن شركة "حسن علام" بصفتها الشركة التى تم إرساء العطاء عليها لتنفيذ المشروع، تعاقدت مع مدير عام التسويق بشركة "أمانتيت مصر العربية لمنتجات الفيبر" بتفويض من المتهم الثانى، ومع مدير عام المبيعات بشركة "المستقبل لصناعة الأنابيب" بتفويض من المتهم الرابع، لكونها الأقل سعراً، وأنها الشركات الوحيدة المنتجة لتلك النوعية من المواسير التى تقدمت بالعروض قبل الدخول فى المناقصة، موضحاً أن عدم تناسب الجلب والجوانات مع جسم الماسورة أدى لتسريب المياه وعدم الاستفادة من المشروع.