توقعات بارتفاع هائل في أسعار النفط العامين المقبلين

السعودية

انتاج النفط
انتاج النفط



توقع تقرير نفطي، أن يشهد العامان المقبلان تطورًا هائلًا في إنتاج النفط، الأمر الذي سيفرض كثيرا من التحديات والجهود على منظمة "أوبك" من أجل إعادة التوازن إلى السوق وتخفيف حالة الوفرة والتخمة في المعروض العالمي عن طريق تفعيل ومد اتفاقيات خفض الإنتاج.

وأكد تقرير "أويل برو" الدولي المعني بسوق النفط، نقلا عن بنك جولدمان ساكس، أن توقعات كل من منظمة "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية دقيقة وصائبة بشأن انخفاض إنتاج النفط الصخري الزيتي خلال فترة تراجع الأسعار وزيادة إنتاجه مع انتعاش الأسعار مرة أخرى، مشيرا إلى أن ردة فعل الإنتاج الأمريكي بعد تحسن الأسعار فاقت أيضا التوقعات.

وأشار التقرير إلى أن تقديرات بنك جولدمان ساكس تؤكد أن السوق مقبلة على موجة طويلة من المشاريع النفطية خاصة بعد تدفق الإنتاج الأمريكي الذي يتسم بالدورات الاقتصادية القصيرة، لافتا إلى أن هذه الحالة ستحدث زيادة كبيرة في المعروض خلال عامي 2018 و2019.

وأضاف التقرير الذي يتمتع بمصداقية وموثوقية واسعة في قطاع النفط في العالم أن طفرة إنتاج النفط الصخري - التي أعقبت خفض "أوبك" والمستقلين إنتاجهم – أدت إلى زيادة واسعة في المعروض وجعلت التنبؤات بتطورات السوق صعبة للغاية، في إطار حالة النشاط الواسعة التي يتحول اليها قطاع الطاقة في الولايات المتحدة.

ولفت التقرير إلى تبدل تحذيرات سابقة من المصارف الاستثمارية التي تمول كثيرا المشاريع الجديدة لشركات النفط الكبرى مثل "توتال"، و"إيني" من أن التخفيضات الضخمة في الانفاق الرأسمالي التي جرت بسبب هبوط أسعار النفط منذ عام 2014 ستؤدي إلى أزمة في العرض خلال العامين المقبلين 2018 و2019.

وأوضح التقرير أنه على العكس يرى بنك جولدمان ساكس وهو البنك الوحيد الذي يحقق نحو مليار دولار سنويا من تجارة السلع أن الانتعاش الذي يلوح في الأفق في الناتج الأمريكي يرجع في الأساس إلى ارتفاع أسعار النفط جنبا إلى جنب مع المشاريع الجديدة في الموارد التقليدية ما سيوجد فائضا كبيرا في المعروض بحلول عام 2019.
ويرى التقرير أنه يصعب عمليا التنبؤ بدقة بمستقبل المعروض النفطي نظرا لأنه قبل ثورة النفط الصخري الزيتي كانت المهمة أسهل حيث كان النفط التقليدي هو اللاعب الوحيد في السوق، مشيرا إلى أن صعوبة تقدير العرض المستقبلي تشمل أيضا عوامل مثل المخاطر السياسية في الدول المنتجة للنفط.

وشدد التقرير على تزايد قدرة قطاع الصخر الزيتي على التكيف بسرعة وبطريقة فعالة مع بيئة الأسعار المنخفضة، لافتا إلى أن هذا الأمر يعني أن دورات الإنتاج أصبحت أقصر من السابق حيث يمكن القول إن الحقول يمكن حاليا تشغيلها وإيقافها في غضون أسابيع.

إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور إمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، "إن زيادة الإنتاج الأمريكي لن تعرقل جهود "أوبك" في استعادة التوازن في السوق هذا العام وهذه الرؤية تشترك فيها عدة مؤسسات مالية في مقدمتها "مورجان ستانلي".

وتوقع فاسولي أن الطلب قد يتفوق على العرض على المدى الطويل بفعل نمو الاقتصاديات الناشئة بمعدلات متسارعة في مقابل نمو العرض بوتيرة أضعف نتيجة نضوب الحقول وانكماش الاستثمارات في السنوات السابقة، مشيرا إلى توقعات مؤسسات مالية أن عام 2025 قد يشهد تفوق الطلب على العرض ما يوجد فجوة تقدر بنحو 20 مليون برميل يوميا.

من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أرورو تاكاهاشي مدير شركة طوكيو للغاز في فرنسا، أن منظمة أوبك خلال اجتماعها الوزاري المقبل في 25 أيار (مايو) ستعيد تقييم الموقف في ضوء تطورات السوق، متوقعا أن يتم التركيز على المقارنة بين الاستقرار الذي يمكن أن يتحقق في السوق نتيجة خفض الإنتاج وبين احتمال خسارتها بعض الحصص السوقية على المدي الطويل، معتبرا أن تفضيل استقرار السوق وتعافي الأسعار سيكون في الغالب هو الأرجح في اختيارات المنتجين.

وقال تاكاهاشي "إن "أوبك" عازمة على مواصلة جهود تقييد الإنتاج على الرغم من أن ذلك يقود في المقابل إلى طفرة واسعة في الإنتاج الأمريكي"، مطالبا بأن تكون وتيرة الخفض قوية وسريعة وتسعى لتتفوق على معدل نمو الإنتاج الأمريكي وإن لم يحدث ذلك فقد نواجه للأسف مستويات مرتفعة للمخزونات النفطية بحلول نهاية العام الحالي وهو ما حذر منه كثير من المؤسسات الدولية الكبرى في العالم".

من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن التقارير الاقتصادية الدولية تشير إلى أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك نحو 1.5 مليون برميل يوميا من الطلب ستحتاج إلى أن تأتي من مشاريع لم يتم التصديق عليها بعد"، متوقعا أن ترتفع أسعار النفط لتعادل مستوى 70-75 دولارا للبرميل وهو ما يعني أن مشاريع الصخر الزيتي ستزداد وستكون أكثر ربحية.

وأضاف هوبر أن "نتائج خفض الإنتاج في دول "أوبك" وخارجها تشهد تقدما من شهر إلى آخر وأن نتائج الشهر الماضي جاءت قوية وأفضل من شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) الماضيين وبما يفوق الحصص المتفق عليها"، معتبرا أن "أوبك" اختارت استراتيجية طويلة المدى ستؤدي تدريجيا إلى السيطرة على فائض المعروض وتقليل الفجوة بين العرض والطلب.

من جهة أخرى، واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية بدعم من التقدم المستمر في التزام دول أوبك والمنتجين المستقلين بتنفيذ كامل حصصهم في خفض الإنتاج وتلقت الأسعار دعما خاصا مما نشرته وسائل إعلام أمريكية عن تأييد السعودية لتمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى أواخر هذا العام بهدف تعزيز أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وتلقت الأسعار دعما مماثلا من الموقف الروسي الذي يساند مد الاتفاق مع تأكيد الالتزام بالوفاء بكامل حصة الخفض وقدرها 300 ألف برميل يوميا بحلول نهاية الشهر الحالي إلى جانب الاستعداد لإجراء مشاورات مع شركات الطاقة الروسية للتفاهم حول آليات الحفاظ على مستويات الخفض في ضوء توقعات واسعة بتمديد الاتفاق.

وأبقت المكاسب أسعار النفط عند أعلى مستوى في ستة أسابيع فيما عادت أجواء من الثقة والتفاؤل للسوق بفعل مؤشرات عن تقلص في المخزونات النفطية وفي ضوء توقعات بتعافي السوق في النصف الثاني من العام الحالي مع قرب التوافق الكامل على مد العمل بالاتفاقية التى ستتبلور الخطوات في هذا الشأن خلال أيام قليلة وبالتحديد خلال الاجتماع الوزاري الخماسي الثالث للجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج في فيينا يوم 21 من الشهر الحالي.

وصعدت أسعار الخام لتتجه معها العقود الآجلة للخام صوب أطول فترة مكاسب متصلة منذ أغسطس 2016 وسط أنباء بشأن حشد التأييد لتمديد خفض الإنتاج إلى ما بعد النصف الأول من عام 2017.

وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتا أو ما يعادل 0.36 في المائة إلى 56.43 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ مطلع مارس.

ومع تماسك الزيادة في الأسعار أمس يكون هذا هو سابع يوم على التوالي من المكاسب، ويفوق ذلك فترة مكاسب لمدة ستة أيام متصلة في آب (أغسطس) عام 2016 على الرغم من أن زيادة الأسعار وقتئذ كانت بنسبة 17.5 في المائة مقارنة بزيادة نسبتها 6 في المائة في الارتفاع الحالي.

وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 18 سنتا أو ما يعادل 0.34 في المائة إلى 53.58 دولار للبرميل وهو أيضا أعلى مستوى منذ مطلع آذار (مارس).

وتعهدت "أوبك" والمنتجون المستقلون ومن بينهم روسيا بخفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من عام 2017 في محاولة للسيطرة على تخمة المعروض ودعم الأسعار.

وبينما كان مستوى امتثال بعض المشاركين في الاتفاق غير مكتمل نفذت السعودية تخفيضات كبيرة في الإنتاج، وعلى الرغم من ذلك ما زالت هناك مخاوف من أن أسواق النفط تعاني حالة تخمة في المعروض.

وفي الولايات المتحدة يزيد الإنتاج والمخزونات على حد سواء، وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن إنتاج الخام في الولايات المتحدة في عام 2018 سيزيد إلى 9.9 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 9.22 مليون برميل يوميا في العام الحالي.

وقال معهد البترول الأمريكي "إن مخزونات النفط في الولايات المتحدة سجلت هبوطا مفاجئا الأسبوع الماضي مع تراجع الواردات وزيادة استهلاك الخام في مصافي التكرير، وانخفضت أيضا مخزونات البنزين والمشتقات الوسيطة".

وأضاف المعهد في تقريره الأسبوعي أن "مخزونات الخام التجارية انخفضت 1.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في السابع من نيسان (أبريل) في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 87 ألف برميل".

وأظهرت بيانات معهد البترول أن استهلاك الخام في مصافي التكرير زاد بمقدار 57 ألف برميل يوميا، وانخفضت مخزونات البنزين بمقدار 3.7 مليون برميل الأسبوع الماضي في حين توقع محللون في استطلاع انخفاضا قدره 1.7 مليون برميل.

وتراجعت مخزونات المشتقات الوسيطة، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 1.6 مليون برميل في حين كان من المتوقع أن تنخفض 885 ألف برميل، وأشارت البيانات أيضا إلى أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي انخفضت 15 ألف برميل يوميا إلى 7.8 مليون برميل يوميا.