في الذكرى الـ44 لعملية "الفردان"..تعرف على تفاصيل اغتيال شهداء حركة فتح الثلاثة

تقارير وحوارات

شهداء حركة فتح الثلاثة
شهداء حركة فتح الثلاثة


في ثوب امرأة شقراء تنكر "إيهود باراك" بصحبة مجموعة من أفراد وحدة الكوماندوز الصهيونية، ونزلا إحدى شواطئ بيروت مستقلين سيارة أعدها عملاء لإسرائيل في مثل هذا اليوم العاشر من إبريل 1973، تمهيداً لتنفيذ عملية "الفردان".

عرفت هذه العملية بـ"عملية فردان" اغتالت فيها القوات الإسرائيلية أهداف وشخصيات فلسطينية في قلب بيروت، حيث تمكن الإسرائيليون من اغتيال 3 قادة فلسطينيين من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهم الشاعر الفلسطيني كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبويوسف النجار.

وقد عمت أوساط الثورة الفلسطينية والقوى الوطنية والتقدمية في لبنان والوطن العربي وشتى أنحاء العالم موجة عارمة من السخط والأسى والحزن لهذا الاغتيال، ويوم التشييع كانت بيروت، تشهد أضخم جنازة عرفها التاريخ اللبناني والعربي بعد جنازة الزعيم جمال عبد الناصر، ضمت أكثر من نصف مليون مشيع ضاقت بهم المساحات الممتدة من الكرنتينا حتى مقبرة الشهداء في منطقة الحرش المطلة على المطار الدولي.

وفي ذكرى اغتيالهم نرصد لكم معلومات عن شهداء فتح الثلاثة، خلال السطور التالية.

أبو يوسف النجار
محمد يوسف النجار "أبو يوسف"، الذي اغتاله جهاز الموساد الإسرائيلي مع صاحبيه كمال ناصر، وكمال عدوان،  في عملية "فردان"، ولد في بيروت عام 1930، في قرية يبنة بقضاء الرملة، وأتم دراسته الابتدائية فيها لينتقل بعدها إلى الكلية الإبراهيمية في القدس حيث أنهى دراسته الثانوية، أول قائد عام لقوات العاصفة عند الانطلاق، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس اللجنة السياسية لشؤون الفلسطينيين في لبنان، وممثل فلسطين في مؤتمر وزراء الخارجية والدفاع العرب في القاهرة عام 1971.

عاد إلى مسقط رأسه ليعمل مدرسا حتى اضطرته النكبة عام 1948 إلى ترك قريته والنزول في حي الشابورة في معسكر رفح للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وفيه عمل في التربية والتعليم حتى 1956.

عرف بمواقفه الوطنية، واعتقل لأول مرة 4 أشهر سنة 1954 بتهمة قيادة إحدى المظاهرات طالب فيها بالتجنيد الإجباري للشبان الفلسطينيين، واعتقل ثانية في مارس 1955 لقيادته إحدى المظاهرات احتجاجا وشجبا لمشروع التوطين في شمالي سيناء الذي حاولت وكالة غوث اللاجئين تنفيذه، شارك في الكثير من المؤتمرات والندوات العربية والدولية، وكان يؤكد دائما رفض الشعب العربي الفلسطيني قرار مجلس الأمن 242 وإصرار المقاومة الفلسطينية على القتال حتى النصر، ويطالب الدول العربية والصديقة بزيادة دعمها ومساندتها للثورة الفلسطينية.

وفي ليلة العاشر من أبريل لعام 1973، نسفت مجموعة من الموساد الإسرائيلي مدخل شقة الشهيد، ليقتحموا المنزل حيث كان الشهيد نائما في غرفته مع زوجته رسمية النجار، ابنة خالته، التي حاولت أن تحميه من وابل الرصاصات، واستشهدا معا، فيما تمكن بكرهما يوسف، من الهروب إلى المنزل المجاور عبر نافذة غرفته.

كمال عدوان
ولد الشهيد القائد واسمه أحمد كمال عبد الحفيظ علي عدوان، في قرية بربرة القريبة من مدينة عسقلان عام 1935، وكان الجميع يري في عيني ذلك الصغير براعة وجرأه لا تتمثل في غيره من الصبيان، فكان عنيدا في طباعه مفعما بالحيوية والنشاط وكان لا يهاب أي شيء، وظل طوال حياته يردد تلك المقولة وهي: "كي تكون قوميا وحتى تكون أمميا، لا بد أن تكون فلسطينيا أولا".

بعد نكبة عام 1948، انتقل للعيش في قطاع غزة حيث درس في مدارس القطاع في مدينتي رفح وخان يونس، وبعدها انتقل إلى مصر لإكمال المرحلة الجامعية حيث التحق بكلية الهندسة، وأسس في مصر  مجموعة مقاومة نشطة لعدوان 1956 وهذه فتحت له آفاق معرفة أشخاص آخرين مثل أبو عمار وأبو جهاد 'خليل الوزير' وأبو يوسف النجار وآخرين.

ولظروف اجتماعية ومالية ترك كمال عدوان الدراسة في مصر بعد سنتين، ولكنه عاد لينهي المرحلة الجامعية وحصل على شهادة (هندسة البترول)، ومن ثم غادر مصر متجها إلى السعودية، وهناك بدأ بإنشاء تنظيم حركة فتح حيث يعتبر أول المؤسسين لتنظيم حركه فتح في السعودية، بعدها انتقل إلى قطر وقاد التنظيم هناك، واستقطب أبرز الصحفيين ورواد الكلمة من العرب والأجانب من أجل خدمة القضية الفلسطينية.

لقد تسبب القائد كمال عدوان في إزعاج كبير للإسرائيليين ليس فقط لأنه استمر في قيادة الكفاح المسلح وتطويره والإبداع فيه ولكن لتركيزه على العمل السياسي وتنشيطه للحركة الطلابية وللجان الطلابية لكي تقوم بالمظاهرات وتهتم بالعمل السياسي. 

وفي العاشر من أبريل عام 1973 استشهد القائد كمال عدوان في منزله في بيروت، وقد قاتل  مهاجميه حتى الرصاصة الأخيرة في رشاشة الذي كان ملاصقا له واستطاع أن يصيب منهم قبل استشهاده، حيث دلت دماؤهم الغزيرة على ذلك، ومن حقد العدو الإسرائيلي عليه أطلقوا مائة رصاصة على جثته.

وقبل استشهاده بثلاثة أشهر فقط، وفي الدورة الحادية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، وقف ضد كل المشاريع التي تستهدف القضية الفلسطينية في تحرير وطنه، ورفض الحلول الجزئية وتصدى لهذه المشروعات بالكفاح والنضال السياسي الجماهيري، ويومها قال قولته الشهيرة: "نعيش بأملنا فنحوله إلى حقائق.. ويعيشون بيأسهم فيستسلمو".

كمال ناصر
الشهيد كمال ناصر أحد أبرز قادة الثورة ومفكره، ينتمي كمال ناصر إلى إحدى أشهر العائلات الفلسطينية في مدينة بيرزيت، ولد في مدينة غزة حيث كان يعمل والده. 

كان كمال ناصر عضواً في أول لجنة تنفيذية بقيادة ياسر عرفات، وذلك في شتاء 1969، وهو مؤسس دائرة التوجيه والإعلام في م.ت.ف. 

كان يخشى الموت ولا يهابه في الوقت نفسه، وكثيراً ما ردّد: "أمامي عشرون سنة لكتابة الشعر، ولا أريد أن أموت قبل ذلك"، بدأ الوعي السياسي لدى كمال ناصر يتفتح في أثناء ثورة 1936، وكان مواظباً على المشاركة في التظاهرات الوطنية المناوئة للانتداب البريطاني وللهجرة اليهودية، ومع صدور قرار التقسيم في سنة 1947 أيقن أن فلسطين تسير إلى مستقبل سديمي غامض، وقرر أن يصدر جريدة سياسية، ولم يكن لديه أي أموال، فاستدان من شقيقته سلوى مئة دينار كانت ادّخرتها لدراساتها العليا، وفي ما بعد أصدر مع عبد الله الريماوي وراجي صهيون وعبد الله نعواس وطلعت البرغوثي جريدة "البعث" في رام الله.

وفي 10 ابريل 1973، اغتيل كمال ناصر، في منزله، حيث وجدوه مستلقى على الأرض وبجسده عشرات الرصاصات، وكان آخر ما كتبه لمجلة "فلسطين الثورة" افتتاحية بعنوان "القيادات تتغير والأشخاص يزولون وتبقى القضية أكبر من الجميع".