"توتة" بائعة على الرصيف مريضة بداء الفيل: "نفسي في شقة مش عارفة ادفع الإيجار"

تقارير وحوارات

توتة
توتة


تتلعثم في الكلام كطفلاً صغيرًا يتعلم النطق.. تداعب المارة بإبتسامة صامتة كأنها لا تحمل همًا ولا تبالي ضيقًا دون النطق بكلمات مسموعة أو مفهومة تشكو بها حالها لتنال بها تعاطف الغير، فترسل ببشاشة وجهها شعورًا خفيًا يجعل المارة أمامها تتحرك للشراء منها بعض "الآيات القرآنية" التي تنفق على أسرتها من خلالها.


"مروه محمد".. الشهيرة بـ"توتة"، البالغة من العمر ستة وثلاثين عامًا، تقبع على أحد الأرصفة بمنطقة وسط البلد بجوار دار القضاء العالي، لتأخذ جنبًا تختبىء فيه بجوار أحد المحال التجارية، خوفًا أن يصدم أحدًا أرجلها المصابة بمرض الفيل والذي تجلس وهي ممددة إحدهم أمامها، لصعوبة جلوسها بشكل صحيح من تورمها، معلقة: " عارفة إن مرضي ملوش علاج وروحت كتير القصر العيني اتعالج، ولكن مفيش حل، بس أهو ماشية بالابر والأدوية ".


تتوقف عن حديثها بعضٍ من الوقت، لصعوبة تجميعها مفردات الحديث، لتواصل معاناتها بشىء من الخجل: "بصحى الساعة 7 يوميًا أجي اقعد هنا لحد الساعة 10 بليل وأحيانا ببات في الشارع، لأن أقل تاكسي بيروحني لو مالقتش ولاد الحلال بيروحني بـ 40 جنية، وولادي أولى بيهم"، وتتحصر "توتة" على مصيرها في الشارع: "محدش بيهتم بالغلبان اللي زينا، جوزي ميت بقالوا 6 سنين ومشوفتش يوم راحة بعده، بالرغم كنت بساعده بس أهو كان شايل على الأقل إيجار الأوضة اللي لماني أنا والبنتين والولد الوحيد عيالي، ده غير ولاد عمي اللي مات وساب 4 في رقبتي، وأخوية اللي عايش عاله عليه بصرف عليه، وأنا مش قادرة أوفر لولادي أي حاجة".


رغم بساطتها وفقرها إلا أنها عزيزة النفس لم تعتاد أن تمد يدها للمارة: "مش عاوزة امد ايدي لحد وعلشان كده جبت بعض الآيات القرآنية علشان ابيعها وأكل العيال اللي ملزومة مني.. لكن ولاد الحلال عارفين ومقدرين أن الآية بـ50 قرش هتأكل أسرة كاملة ازاي، فبيعطف عليه بعض الطيبين.. لكني  نفسي في معاش كرامة ثابت أعرف اصرف بيه على ولادي والعيال اللي في رقبتي.. وعلاجي أهو بحاول اجيبه من الحكومة وربنا بيعدلها وبروح القصر العيني".


"دار الرعاية لا.. مش هروح واسيب ولادي.. مين هيأكلهم".. بهذه الكلمات رفضت "توتة" أن تذهب إلى دار الرعايا للاهتمام بحالتها بعد أن عرض عليها من بعد المتعاطفين مع حالتها، خوفًا على أبنائها، مضيفة: "نفسي في شقة تلمنا كلنا.. ومعاش يصرف علينا.. ونحمد ربنا على كده".