عدوى "الماكسيمليزم" تنتقل من الأزياء إلى الأحذية

الفجر الطبي

احزية - ارشيفية
احزية - ارشيفية


من منا لا تتذكر موضة الثمانينات ببريقها وبهرجتها، ولا كيف قضت المرأة عقودا تحاول التنصل منها، إن لم نقل المعالجة منها؟. بحلول التسعينات وظهور مضاد لها يرفع شعار «القليل كثير» نجحت الموضة في التخلص من آثارها، سواءً تعلق بالألوان التي خف توهجها وأصبحت أكثر طبيعية أو بالتصاميم التي عانقت الخطوط البسيطة وتخففت من تعقيداتها وتفاصيلها. لكن يبدو أنها لم تمت تمامًا، إذ لاحظنا في السنوات القليلة الأخيرة، عودة بعض عناصرها لعروض بعض المصممين، ولو باستحياء. ثم جاء هادي سليمان وأعادها لنا بقوة في آخر تشكيلة قدمها لـ«سان لوران». كانت تشكيلته الوداعية تحية للمصمم إيف سان لوران لهذا لم يحاول أن يُخفف من إيحاءاتها الثمانينية.

 والغريب أنها لم تثر الخوف أو النفور بقدر ما أشعرتنا بنوع من الحنين إلى الماضي وفتحت شهيتنا على كل ما يلمع ويبرق. أليساندرو ميشيل، مصمم «غوتشي» والثنائي «دولتشي أند غابانا» ترجموها بلغة عصرية فيما أصبح يُطلق عليه «الماكسيمليزم» أو بمعنى آخر «الكثير قليل».

فزخرفات ومبالغات المصممين الحاليين مدروسة وتلعب على نفسية الزبونات اللواتي لا يردن أي شيء له علاقة بالتقشف. كما أن النظرة إلى البريق والزخرفات تغيرت تمامًا بعد أن تعودت عليها العين، فضلا أن الغرب، منذ ثلاثة عقود لم يكن مستعدًا أو متقبلا لهذا الترصيع السخي. فكلما ما كان يلمع ارتبط في أذهانهم إما بزبونات الشرق الأوسط أو ثريات روسيا ودالاس. دارت الأيام، وتغيرت ثقافة الموضة نتيجة تغير خريطتها الشرائية، وأصبح البريق جزءًا من الموضة وعنصرًا من عناصر جاذبيتها. 

البعض يعيد الفضل في هذا إلى ناديا سواروفسكي، وريثة أكبر شركة أحجار للكريستال في العالم، التي ربطت علاقات مباشرة مع المصممين موفرة لهم هذه الأحجار ليصوغوها مع الحرير والساتان وحتى الصوف في أزياء وإكسسوارات تُقبل عليها المرأة أيا كان أسلوبها وعمرها، بينما يعيده البعض الآخر لأحوال السوق التي تغيرت وجهتها من الولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط. 

وسواء كان هذا أو ذاك فإن النتيجة واحدة وهي أن كل ما يلمع أصبح جزءًا من الموضة لا تستغني عنه شريحة كبيرة من المصممين. والمقصود هنا ليس إيلي صعب أو زهير مراد، أو «دولتشي أند غابانا» وغيرهم، بل أيضًا أمثال ديمنا فازاليا، مصمم دار «بالنسياغا» الذي يرتبط أسلوبه بالشباب والتمرد وثقافة الشارع. فقد قدم مجموعة أحذية مرصعة بالخرز والترتر ومصنوعة من الساتان بألوان ساطعة مثل الفوشيا والأزرق شكلت جرعة فيتامين أضفت التميز على أزياء «سبور» وارتقت بها.

ويبدو أن الأحذية تحديدا كانت مادة دسمة للتطريز والترصيع بالنسبة للمصممين هذا الموسم. فالبعض منهم حولوها إلى ما يشبه التحف أو قطع جواهر تليق بسندريلا، أو هذا على الأقل ما أشارت إليه ساندرا تشوي مصممة «جيمي شو». وليس غريبا أن تكون صورة سندريلا في بالها، كونها هي مصممة أحذية فيلم «سندريلا» الذي أعادت شركة ديزني إصداره في عام 2015. الفيلم كما تعترف ساندرا تشو ألهمها الأمر الذي كانت ثمرته أحذية رصعت بنحو 7 آلاف حجرة كريستال تُبرر سعرها البالغ 3 آلاف جنيه إسترليني. «جيمي شو» ليست الدار الوحيدة التي أسهبت في الترصيع والبريق هذا العام، فصوفيا ويبستر قدمت بدورها مجموعة محدودة رُصعت باليد حول كعب أخذ شكل أجنحة فراشة بنحو 3600 من أحجار كريستال. تفسيرها أن حذاءً لافتًا يمكن أن يرتقي بأي زي مهما كانت بساطته ويُغني عن الجواهر.

لا يمكن الحديث عن الأحذية المرصعة من دون الحديث عن كريستيان لوبوتان، الذي أصدر كتابا مصورا بعدد محدود بعنوان «قصة صناع أحذية ونجوم مسروقة»، The Tale of the Shoemaker and the Stolen Stars,

يحكي فيه قصة صانع أحذية يستعير من السماء عدة نجمات لتزيين حذاء ملكة ستحضر حفلا كبيرا. والنتيجة كانت مجموعة باللون الأزرق الغامق من الشامواه تزخرفه نجمات بعدة أحجام. إذا كانت ساندرا تشوي وصوفيا ويبستر وكريستيان لاكروا عادوا بنا إلى عهد الأساطير وقصور الأميرات، فإن شارلوت أوليمبيا لم تبخل علينا بالزخارف والأحجار البراقة لكن من منظور مرح وشقي يجمع الريترو بالمستقبلي.

لكنها هي الأخرى أكدت أنه مهما تغيرت الأساليب فإن 2017 سيكون عام الأحذية المرصعة تماشيًا مع موجة الـ«ماكسيميلزم» التي بدأت تتسلل إلى خزاناتنا وتعيد ترجمة عناصر من حقبة الثمانينات بأسلوب مطعم بفنية أكثر جاذبية. فالترف بمفهوم مصممي الإكسسوارات عموما والأحذية خصوصا لا يقتصر على فستان يقدر بآلاف الدولارات أو قطعة جواهر فحسب، بل يمكن أن يشمل أحذية تحاكي الجواهر، شكلا وسعرا. ما شجعهم على هذا علاقة المرأة الأزلية بالأحذية، وهي علاقة تتعدى قصة رومانسية بطلتها شخصية خيالية اسمها سندريلا إلى الواقع، أو ما يمكن وصفه بعقدة إيمليدا ماركوس، التي دخلت التاريخ بسبب عشقها للأحذية وامتلاكها الآلاف منها. فالحقيقة التي يعرفها المصممون أن للأحذية تأثيرا قويا على الحالة النفسية كما على المظهر «فهي لا تمنحنا الثقة بالنفس فحسب، بل أيضًا تغير مشيتنا ووقفتنا بشكل إيجابي» حسب قول ساندرا تشوي.

أرقام المبيعات بدورها تؤكد أنه بداخل أغلب النساء سندريلا وإيميلدا، وبالتالي فإن المطلوب حاليًا هو التميز والتفرد، وهو ما يُوفره أسلوب «الماكسيميلزم» بكل بريقه وزخرفاته وتطريزاته.