في ذكرى عودته من المنفى..تعرف على الاجتماع الذي أطاح بالزعيم "سعد زغلول"

تقارير وحوارات

الزعيم سعد زغلول
الزعيم سعد زغلول


وسط استقبال جماهيري حافل خرج آلاف من المصريين في مثل هذا اليوم عام 1921، بالزينات مهللين بهتافات تشق عنان السماء، وتصفيق يهز الوجدان، لاستقبال موكب الزعيم الراحل سعد زغلول أثناء عودته من منفاه بجزيرة مالطا، بعد رحلة من الشقاء لنيل الاستقرار و الحرية لبلاد.

جاء قرار نفي سعد ورفاقه، بعد تكوينه للوفد المصري مع صديقيه، عبدالعزيز فهمي، وعلي شعراوي، في 1918، حيث قام الاحتلال البريطاني بنفي سعد زغلول ورفاقه، خوفًا من التحام الشعب حولهم، لكن ما فعلوه أوقعهم فيما يخافوا منه، حيث كان النفي الشرارة التي أطلقت ثورة 1919، وفي 29 مارس 1921، عاد سعد ووفده من المنفى بعد الإفراج عنهم، وسُمح لهم بتمثيل مصر في مؤتمر الصلح بباريس، وعرض القضية المصرية.

حكاية الاجتماع التي أطاحت بـ"سعد زغلول"
بدأت تراود بريطانيا فكرة نفي الزعيم "سعد زغلول" عندما قرر الوفد أن يعقد اجتماعا في منزل سعد زغلول، يوم 31 يناير عام 1919، الأمر الذي دفع الجنرال (واطسون) قائد القوات البريطانية في مصر، وبعد التشاور مع المندوب السامي البريطاني في القاهرة، إلى أن يبعث إلى سعد زغلول رسالة كان نصها: "يا صاحب السعادة: علمت أن سعادتكم تعدون اجتماعا في منزلكم بمصر في 31 الجاري يحضره نحو الستمائة أو السبعمائة شخص، واني أرى أن مثل هذا الاجتماع قد يحدث منه إخلال للأمن فبناء على هذا الإعلان الصادر تحت الأحكام العرفية أرجو أن تتكرموا بالعدول عن إقامة هذا الاجتماع".
 
رد الزعيم سعد زغلول على ذلك بطلب أن يؤذن له بإرسال إخطار للمدعوين بإلغاء الاجتماع بناء على أمر السلطة العسكرية، ولم يتراجع واطسون بل صرح لسعد باشا بأنه لا مانع عند السلطة الانجليزية من أن ينشر إعلانا يصرح فيه أن دعوته منعت قهرًا.

وبعد 36 يوما، وفي 8 مارس على وجه التحديد، في الساعة الخامسة بعد ظهر ذلك اليوم وصل إلى بيت الأمة أربع سيارات عسكرية بريطانية، وخرج منها ضابطان انجليزيان دخلا الدار وطلب أحدهما من (زغلول) مصاحبة القوة، ونزل سعد درجات السلالم، وتم نقله إلى ثكنات قصر النيل، وكان المقر الرئيسي لقوات الحماية في العاصمة المصرية ونقل منها إلى بورسعيد ليركب على متن السفينة التي نقلته إلى مالطا، وهي جزيرة تقع في البحر المتوسط حكمها البريطانيون منذ عام 1798، واختاروها كمنفى للعناصر الوطنية في مصر وغيرها إبان فترة الحرب العظمى 1914 ـ 1918.
 
وفي اليوم التالي 9 مارس، تفجرت الثورة وبدأت بمظاهرة طلاب مدرسة الحقوق التي تبعتها مظاهرات طلاب بقية المدارس العليا والثانوية، وكانت هذه المظاهرات تخرج متجهة إلى بيت الأمة وهي تنادي بحياة سعد باشا، وكانت تنتظرهم السيدة صفية زغلول ملوحة لهم بمنديلها، وفي يوم 16 مارس انطلقت من أمام بيت الأمة أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر الحديث حيث خرجت سيدات العائلات الراقية إلى أنحاء القاهرة هاتفات بالحرية والاستقلال مناديات بسقوط الحماية، ومررن بموكبهن بدور القنصليات ومعتمدي الدول الأجنبية والناس من حولهم يصفقون لهن ويهتفون والنساء من بيوتهن يزغردن ويهتفن.
  
وبعدها اضطر الحاكم الإنجليزي إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر.