"وقت الشاشة".. واصابة الأطفال بمرض السكري

الفجر الطبي

الجلوس امام الشاشة
الجلوس امام الشاشة - ارشيفية


لم يعد لفظ وقت الشاشة «screen time» باللفظ الغريب، حيث أصبح من المصطلحات المتعارف عليها؛ نظراً لغزو الشاشات المختلفة للحياة الحديثة، حيث لم يعد الأمر يقتصر على مجرد شاشة التلفاز، ولكن أصبح الأطفال محاصرين بالشاشات تقريباً طوال اليوم، خاصة بعد الاستخدام الموسع للأجهزة المحمولة الذكية ذات الشاشة الكبيرة، والتي يمكن من خلالها مشاهدة الفيديوهات والألعاب المختلفة. وبطبيعة الحال فإن هذه الأجهزة تجذب الأطفال والمراهقين بشكل أكبر من البالغين. وهناك الكثير من الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة بالبحث ومحاولة معرفة الآثار الجانبية لها. وأشارت أحدث دراسة نشرت لمناقشة هذه الآثار، إلى أن التعرض بكثرة للشاشات قد يزيد من احتمال إصابة الأطفال بمرض السكري من النوع الثاني.

وقت الشاشة
وأوضحت الدراسة التي نشرت في مطلع شهر مارس من العام الحالي في الإصدار الإلكتروني من دورية سجل أمراض الطفولة Archives of Disease in Childhood، أن الأطفال الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميا، معرضون لمخاطر كثيرة من ضمنها احتمالية زيادة إصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني، حيث تزيد المساحة الكلية للدهون في الأطفال وتزيد معها مقاومة الأنسولين (بمعنى زيادة المقاومة لعمل الأنسولين لتنظيم الغلوكوز في الدم). وهذه النتائج تماثل النتائج نفسها لدى البالغين الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات، سواء بحكم عملهم، أو بحكم المتابعة للمحمول. وأراد الباحثون معرفة لأي مدى يمكن أن ينطبق هذا على الأطفال أيضاً، خاصة أن التقارير تشير إلى ارتفاع وقت الشاشات في العالم كله بعد ظهور الأجهزة اللوحية (التابلت).

قام الباحثون بتجميع البيانات من 4500 طفل تقريباً تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات وجميعهم كانوا من الطلبة تم تجميعهم من 200 مدرسة ابتدائية من لندن وبرمنغهام بالمملكة المتحدة لمعرفة إذا كانوا معرضين لخطورة معينة من عدمه، خاصة أمراض الأوعية الدموية والتمثيل الغذائي. وقاموا بعمل الكثير من التحاليل لهؤلاء الأطفال مثل: قياس مستوى الدهون في الدم، وكذلك الغلوكوز، ورصدوا أيضاً بعض دلالات الالتهاب (أنواع من البروتين تزيد في حالات الالتهاب)، وأيضاً قاموا بقياس ضغط الدم ومساحة الدهون الكلية. وتم سؤال الأطفال عن الوقت الذي يقضونه كل يوم أمام الشاشات المختلفة سواء التلفاز أو الكومبيوتر أو الأجهزة الذكية.

وكان عدد الأطفال الذين تم تجميع بيانات كاملة عنهم نحو 4495 وكان منهم 2337 فتاة، بينما كان هناك 2158 من الذكور من الذين شاركوا في الدراسة في الفترة من عام 2004 وحتى عام 2007. وأيضاً تمت معرفة حجم النشاط البدني لكل طفل، وبالسؤال عن وقت الشاشات لكل منهم كانت هناك نسبة 4 في المائة من الأطفال أجابوا بأن الوقت المنقضي أمام الشاشة لا يمثل عامل جذب على الإطلاق بالنسبة لهم، وكانت أيضاً هناك نسبة بلغت 37 في المائة أجابوا بأنهم يقضون وقتاً أقل من ساعة أمام الشاشات كل يوم. بينما كانت هناك نسبة بلغت 28 في المائة أجابوا بأنهم يقضون وقتاً يتراوح بين ساعة وساعتين كل يوم. والأطفال الذين يقضون وقتا يتراوح بين ساعتين و3 ساعات يومياً كانت نسبتهم 13 في المائة، وأخيرا كانت هناك نسبة 18 في المائة يقضون وقتا أكثر من 3 ساعات يوميا أمام الشاشات المختلفة. وهذه النسبة تمثل طفلا واحدا من كل 5 أطفال على وجه التقريب.

الشاشات والدهون
وكانت النسبة الأكبر من الذين كانوا يقضون وقتا أكثر من 3 ساعات من الذكور، حيث كانت نسبتهم 22 في المائة، بينما بلغت نسبة الفتيات 14 في المائة فقط من هذه الفئة؟ وكان هناك ربط واضح بين زيادة الوقت المخصص للشاشات وزيادة المؤشر الوزني ponderal index (هو مؤشر يشير إلى وزن الجسم مقابل الطول، كما يدل أيضاً على سمك الجلد وكتلة الدهون في الجسم). وجميع هذه القياسات كانت مرتفعة في الأطفال الذين يقضون أكثر من 3 ساعات أمام الشاشات أكثر من الأطفال الذين أجابوا بأنهم يقضون ساعة أو أقل أمام الشاشات، كما كان هناك رابط بين وقت الثلاث ساعات وزيادة مستوى اللبتين leptin، وهو الهرمون المسؤول عن الشهية ومستوى الغلوكوز في الدم وأيضاً مقاومة الجسم لعمل الأنسولين.

والجدير بالذكر أن الربط بين وقت الشاشة وبين زيادة مستوى الأنسولين وزيادة المقاومة لعمله وأيضاً زيادة المؤشر الوزن ظلت ثابتة حتى بعد تثبيت بقية العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون لعبت دورا في زيادة هذه النسب بخلاف الشاشات، مثل: المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة، والعوامل الوراثية، وتوقيت البلوغ، وأيضاً حجم المجهود البدني لكل طفل على حدة.

وأوضح الباحثون أنه على الرغم من هذه النتائج فإنهم لا يستطيعون الجزم بأن كل طفل يقضى وقتا طويلا أمام الشاشة سوف يصاب بمرض السكري، ولكن يجب أن يتم وضع المخاطر في الحسبان مع زيادة الاستخدام، خاصة أنها مشكلة عالمية، ويجب أن تنال الاهتمام الطبي الكافي، وأشار الباحثون إلى أنه تبعاً للدراسة فإن النصيحة التي يجب توجيهها إلى الآباء والأمهات والمراهقين بمحاولة تقليل الوقت المنقضي أمام الشاشات كلما أمكن، وأن الخطورة يمكن أن تصيب كلا من الفتيات والفتيان وجميع الأعراق على اختلافها، ويتزامن ذلك مع زيادة معدلات مرض السكري من النوع الثاني في المراهقين، وهو الأمر الذي لم يكن معروفاً من قبل.