كيفية التعامل مع الطفل المحتضن بنجاح

الفجر الطبي

الطفل المحتضن
الطفل المحتضن


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا". لا يختلف اثنان على مقدار الثواب الذي تكسبه الأسر التي تحتضن أطفالاً أيتاماً، وتنشئتهم في بيئة سوية، وإحاطتهم بمشاعر الأبوة ودفء العائلة الذي حرموا منه، لكن على هذه الأسر معرفة كيفية تربية الطفل المحتضن، وتهيئته نفسياً ليكون فرداً منها وليس غريباً عليها.

ولتسهيل كثير من العقبات على الطفل المحتضن والأسرة الحاضنة له، تعرِّف استشارية التربية الخاصة عنان زهران الوالدين المحتضنين للطفل بأهم المعايير التي يجب أخذها في الحسبان أثناء التعامل مع طفلهم المحتضن، وتكشف الأخطاء التي قد تؤثر على تنشئة الطفل.

قواعد التعامل مع الطفل المحتضن
تختلف طرق التعامل مع الطفل المحتضن بحسب عمره، ومن الأفضل احتضان الطفل في سن يستطيع فيها الفهم "4 سنوات"، ويكون واعياً لوضعه الجديد وانضمامه إلى أسرة جديدة، فيبذل مجهوداً كبيراً ليتأقلم مع ذلك، عكس الطفل الذي يكون أشهره الأولى، فقد تصادف العائلة المحتضنة صعوبة في توصيل فكرة أنه ليس طفلاً لها، وهذا ما سنوضحه أكثر ضمن قواعد التعامل مع الطفل المحتضن.

• الصراحة والوضوح:
- مصارحة الطفل المحتضن هي أصعب وقفة مع الذات، ولكن يجب فعل ذلك لتحقيق الاستقرار العائلي فيما بعد، وأفضل عمر لذلك هو 3 سنوات، فإخباره في عمر صغير بذلك، سيجعله يتقبل وضعه ويتفهمه دون نقمة أو غضب، ويفضل أن تستعين الأسرة بمختصين لكشف تلك المعلومة له، أو أن تصارحه أمه البديلة بذلك بشكل ودي.

- زيارة دار الرعاية التي تم جلب الطفل منها، وتقديم هدايا للأطفال الآخرين، وخلال ذلك على الأم أن تشرح للطفل أنها احتضنته من ذلك المكان لتكون أماً ثانية له بعد فقدانه عائلته.

- هل تعلم من أين أتيت؟ على الأم أن تكون سباقة في كشف الحقيقة قبل أن يسأل الطفل من أين أتيت؟ كيف حملتني؟ حيث على الوالدين سرد قصة احتضانهما له، وكيف أحباه من النظرة الأولى، وتعلقا به، وما أضافه من حب وسعادة على حياتهما.

• تربية الطفل المحتضن
تقع الأسرة البديلة في أخطاء متعددة تؤثر على الطفل تشبه تماماً ما يحدث عند تربية الأبناء الأصليين، ولكن تأثيرها على الطفل المحتضن يكون مضاعفاً، لذا يجب مراعاة عدة نقاط مهمة وهي:

تقوية الانتماء: تعزيز قيمة الانتماء، وإشعاره بأنه جزء من العائلة لا يختلف عن أحد منها، يساعده في التكيف نفسياً مع وضعه، كما يجب تنمية قدراته بجعله عضواً مشاركاً في جميع أمور الحياة، خاصة إن كان هناك أبناء آخرون للعائلة، هنا يتوجب توعية الأبناء بضرورة التعامل معه على أنه شقيق لهم، وليس غريباً عليهم، ومناداته بـــ "أخي".

• الصحة النفسية للطفل: قد يمر الطفل المحتضن سواء بعد معرفته بحقيقة وضعه، أو الدخول في عائلة جديدة، بعدة مشكلات نفسية من أهمها الاضطراب والحساسية الزائدة والانفعال المصاحب بالتمرد، لذا يجب تأمين الأجواء النفسية والاجتماعية المناسبة له لكيلا يشعر بأنه مختلف عن الآخرين أو الإحساس بالنقص المستمر، ويتحقق ذلك من خلال:

- الإشباع العاطفي للطفل من قِبل الأسرة البديلة.

- إظهار الاهتمام الكامل به، ومصارحته بحبهم له.

- جعله يشعر بالأمان والاستقرار ليتخلص من مشاعر الخوف والتوتر.

- على الأم البديلة ألا تقارن نفسها بأمه الحقيقية، أو إشعاره بأن عائلته تخلت عنه.

- تعزيز المساواة: يجب أن يحظى الطفل المحتضن بمعاملة متساوية لا تختلف عن معاملة أبناء العائلة، وتلبية كافة احتياجاته المادية والنفسية.

- تجنب ذكر أنه يتيم: قد تقوم الأسرة المحتضنة دون انتباه بذكر أنه طفل محتضن في المجالس والاجتماعات العائلية، وشرح تفاصيل ذلك بوجود الطفل ما يؤدي إلى تعزيز شعوره باليتم والإحراج أمام الآخرين، كذلك تذكيره بشكل مستمر من قِبل الوالدين بأنه يتيم حتى وإن كان ذلك على سبيل إظهار الحب، كأن تقول الأم: "أنت لست ابني ولكني أحبك كثيراً". تكرار ذلك يضع حدوداً بينه وبين عائلته الجديدة، ويجعله يشعر دائما بأنه ضيف عليها وليس فرداً منها.

- تقوية شخصية الطفل: زراعة الثقة في نفس الطفل المحتضن من أهم النقاط التي يجب التركيز عليها، فهي من أهم متطلبات النجاح في تربيته، وليتمكن من الثقة في نفسه وعائلته ويتجاهل المقارنات السطحية التي قد تمر به.

- إشباع احتياجاته: يجب إشباع احتياجات الطفل العاطفية والاجتماعية والمادية، فهي أساس التربية النفسية السليمة، وأفضل طريقة لبناء شخصيته، وجعله أكثر توازناً نفسياً وعقلياً وجسمياً.

أخطاء التعامل مع الطفل المحتضن
الدلال والخوف الزائد: يكثر الوالدان المحرومان من الإنجاب من "تدليل" الطفل المحتضن لإظهار حبهما له ما يجعله طفلاً أنانياً متسلطاً بعيداً عن تحمل المسؤولية، كما أن الخوف المستمر عليه يجعله محاطاً بمحاذير وأوامر وقوانين تفرض عليه حصاراً مستمراً قد تجعله لا يتقبل الأمر وبالتالي عنادهما في معظم المواقف.

الانفعال على الطفل: وجود طفل في الحياة يغير من عادات الوالدين بصورة كبيرة، وقد يجد الوالدان صعوبة في التعامل معه، وفهم طلباته ما يدفعهما إلى الانفعال عليه ما يقلل من إحساسه بالأمان وزيادة شعوره باليتم.

التسرع في التأقلم: تأمل الأسرة البديلة أن يتأقلم الطفل سريعاً معها، لكن الواقع عكس ذلك تماماً، فالتأقلم لا يأتي بين ليلة وضحاها، ويتطلب صبراً طويلاً، لذا على الوالدين مراعاة ذلك، والتحلي بالصبر وعدم الشعور بالملل، أو الياس لكيلا يظهر ذلك في تعاملهم مع الطفل وبالتالي تتأثر نفسيته كثيراً.

استغلال الطفل عاطفياً: هو سلوك يقوم به أحد الوالدين من منطلق الحرص على تربيته بشكل صحيح، كأن يقول له: إن لم يسمع النصح، ويلبي الأوامر فسيقوم بإرجاعه إلى دار الرعاية. وهذا أحد أنواع الاستغلال النفسي الأكثر سلبية على نفوس الأطفال المحتضنين.