سفير أرمينيا بالقاهرة يوضح حقيقة ما نشرته السفارة الأذربيجانية بالصحف والمواقع المصرية

عربي ودولي

السفير أرمين ميلكونيان
السفير أرمين ميلكونيان سفير جمهورية أرمينيا بالقاهرة


أوضح السفير أرمين ميلكونيان سفير أرمينيا بالقاهرة، أن ما نُشر  من قبل السفارة الأذربيجانية بالصحف والمواقع المصرية مؤخراً حقائق مغلوطة وأن القيادة الأذربيجانية للأسف تنشر مفهوما واحداً عن التاريخ مغلوطا وهو ما يشبه كثيراً مذهب "جيوبلز": "إذا قلت كذبةً كبيرةً وعدتها مراراً وتكراراً، سوف يصدقك الناس فى النهاية".

وأضاف: منذ انحسار الاتحاد السوفيتى، بات سكان ناغورنو-كاراباخ في نضال مستمر من اجل التوصل الى الاعتراف بحق تقرير مصيرهم  مكفول به في القانون الدولي وكان الطلب القانونى لسكان ارتساخ (ناجورنو-كاراباخ) بأن يمارسوا حقوقهم بحرية قد استُجيب بإقامة المذابح المنظمة ضد الأرمن فى مدينة سومجايت الأذربيجانية، الواقعة على بُعد 26 كيلومتر من باكو، هذه الأحداث التي قد تم تنظيمها تحت شعار "الموت للأرمن"، كانت تجسيداً لسياسة كراهية الأجانب لدى القيادة الأذربيجانية والتطهير العرقى ونفى الأرمن وهذه الأعمال الوحشية كانت الدافع الأساسي لأندريه ساخاروف الحائز على جائزة نوبل للسلام حين قال: "لو كان أحد يرتاب، قبل سومجايت في أن أذربيچان قد يكون لها الحق في ناجورنو كاراباخ، فبعد هذه المأساة لا أحد لديه حق أخلاقي للإصرار على ذلك".

وأكد سفير أرمينيا بالقاهرة أنه لو كانت المذابح المنظمة والتطهير العرقي للسكان الأرمن هو رد باكو الرسمي على طموح سكان ناجورنو-كاراباخ بأن يمارسوا حقوقهم فى تقرير مصيرهم، فإن رد الفعل على تنفيذ هذا الحق في 1991، وفقاً لتشريعات  الاتحاد السوفيتي وقواعد القانون الدولي، كان الحرب على نطاقٍ واسع ضد ارتساخ المستقلة حديثاً مصحوباً بالانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي.فقبل 25 عاماً تحديداً، بدأت القوات المسلحة الأذربيجانية فى قصف ستيباناجيرد، عاصمة ناجورنو-كاراباخ، لعدة أشهر والذي كان قد أصبح مأوى للاجئين الفارٌين من المذابح المنظمة فى سومغيت، باكو وغيرها من المدن الأذربيجانية. وفى يوم 13 من فبراير 1992، انتهكت أذربيجان الاتفاقيات الدولية وبادرت باستخدام قاذفات صواريخ متعددة من نوع (BM-21 Grad)  على المنطقة السكنية من ستيباناجيرد. كانت خوجالى واحدةً من سبعةِ قواعد إطلاق النار التي استخدمت لقصف ستيباناجيرد. 

فى إبان الحكم السوفيتي، كانت خوجالى تحتل أهمية استراتيجية، حيث كانت تقع على مفترق الطرق الذى يربط ستيباناجيرد بالمناطق الأخرى بناغورنو-كاراباخ. علاوةً على ذلك، كان المطار الوحيد لناغورنو-كاراباخ فى السبعينات بالقرب من خوجالى، والذي كان البوابة الوحيدة للعالم الخارجى أثناء حصار ارتساخ. لذا، أصبح واضحاً فى 1992 أنه لابد من القضاء على قاعدة إطلاق النار بخوجالى للحفاظ على سلامة سكان ستيباناجيرد وناغورنو-كاراباخ. 

وبدأت في يوم 25 من فبراير 1992 عملية القضاء على قاعدة إطلاق النار بخوجالى.ولعدة أشهر، قامت قوات دفاع ناغورنو-كاراباخ بإبلاغ أذربيجان، بشتى الطرق عن هذه العملية، عن أهدافها وعن وجود ممر إنساني لإخلاء خوجالى.تستمر أذربيجان إلي ألان في تشويه الحقائق عن هذه الأحداث الدموية التي وقعت بالقرب من أغدام، والتي سُميت (مأساة خوجالى). وباتت الحقائق الخاصة بتلك الأحداث مثار العديد من التساؤلات التي ترفض القيادة الأذربيجانية الرد عليها حتى بعد 25 عام.

ويتساءل  السفير أرمين ميلكونيان سفير جمهورية أرمينيا بالقاهرة : لماذا فشلت أذربيجان في تنظيم الإخلاء لسكان خوجالى؟.

الأتى هو إقتباسٍ من رامز فتالييڤ، رئيس لجنة التحقيق في أحداث خوجالى:” قبل أحداث خوجالي بأربعة أيام، في 22 فبراير، كانت هناك جلسة لمجلس الأمن القومي بمشاركة الرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس المخابرات الروسية، كيه چي بي، وآخرين، وأثناء هذه الجلسة تقرر عدم إخراج الناس من خوجالي".

كما ذُكر من قبل، أن قوات دفاع ناغورنو-كاراباخ قد فتحت ممراً إنسانياً لسكان خوجالى، والأغلبية منهم تمكنوا من الوصول إلى أغدام بسلام. وكان من هؤلاء المحافظ السابق لخوجالى الذي وصل إلى باكو، وهو حالياً مفوضاً فى مجلس ميلى لكن لسوء الحظ، ان مجموعةً صغيرةً من سكان خوجالى عبروا بنجاح الأقاليم الخاضعة للسيطرة الأرمنية الا انهم لم يتمكنوا من الوصول إلى أغدام عبر الأقاليم التي كانت عندئذ تحت السيطرة الأذربيجانية.

الأتي هو اقتباس من كلمات الصحفى الأذربيجانى سينجيز مصطفايف، و هو شاهدٌ على الأحداث: "في يوم 29 من فبراير، فى طريقي إلى أغدام من قرية أوموضلو فى مروحية عسكرية، رأيت أنه على بعد عشر كيلومترات من خوجالى، و نحو سبعمائة متر من موقعنا العسكرى، كانت جثث شعبنا متناثرة على الأرض. 

وأكثر شئ أصابني بالذُعر عندما كنت أُصور تلك الجثث، هو أنى رأيت نحو عشرة أشخاص من جانبنا، يتنقلون بسهولة فى الزى العسكرى. كان قد قيل لى أنه لا يوجد جثث، كان الذهاب الى هناك مستحيلاً، وكان الأرمن هناك وكان هناك إطلاق النار. ولكن عندما هبطنا بالمروحيات، أقلعت ثلاثة مروحيات إلى أغدام على الفور بشكل غير متوقع، وهؤلاء العشرة غادروا أيضاً لازلت لا أستطيع أن أفهم لماذا لم يلتقط أحداً هذه الجثث التى تقع على بُعد سبعمائة متر من موقعنا العسكرى و فى مكانٍ يقوم جنودنا بالتجوال بهدوء فيه؟".

يتحدث أستاذ مصطفايف أيضاً عن الجريمة الأساسية المُرتكبة فى خلال أحداث أغدام، و هي بتر الأجسام، والتي إكتُشفت بعد يومين من الأحداث "من قام بفعل كل هذا؟ لقد كنت أُصور هنا بالبارحة ولم يوجد شئ من هذا القبيل.” ومن الجدير بالتكرار، أن المنطقة الذي وُجد فيها الجثث، كانت تحت السيطرة الأذربيجانية.

ومما لا شك فيه أن أذربيجان ليس لديها تسامُح تجاه التشكيك في الإصدار الرسمي لتلك الأحداث أو مساعي الصحافة الاستقصائية في هذا المجال. ومن يجرؤ على التحدث علناً عن تلك الأحداث، يتم قتله مثل سينجيز مصطفايف أو حبسه مثل الصحفي عينلله فتح اللايف أو نفيه مثل إياز مطليبوف الرئيس الأول لأذربيجان من 1990 إلى 1992.

خلال المقابلة الصحفية المنشورة للرئيس مطليبوف، فى 1992، مع الصحفية التشيكية دانا مازلوفا، ذكر أن ميليشيات الجبهة الوطنية الأذربيجانية قد قامت بسد الممرات الجبلية المفتوحة من قِبَل أرمن كاراباخ و منع إخلاء السكان المدنيين المحليين من منطقة العمليات العسكرية من خلالها المعارضة الأذربيجانية كانت لديها الأمل والنية فى استخدام خسائر مدنية بهذا الحجم لتحريض انتفاضة شعبية ضد نظام حكم باكو والإستيلاء على السلطة.

(دعونا لا ننسى أن أكثر من سبعمائة ساكن بخوجالى لم يتركوا القرية وأُخِذوا إلى ستيباناجيرد حيث تم تقديم الطعام والمساعدة الطبية لهم. بعد يومين تم نقلهم إلى الجانب الأذربيجاني بدون أى شروط مُسبقة.)
القيادة الأذربيجانية لم تجب حتى الآن عن الأسئلة التى أُثيرت من قِبَل الأذربيجانيين أنفسهم. 

وفى الوقت نفسه قد أتقنت فن تشويه الأحداث المذكورة أعلاه بهدف إلقاء اللوم على الآخرين وتجنُب تحمُل المسؤولية لجريمتهم ومحاولة خلق قصة خيالية عن المجازر التى إرتكبتها ضد الأرمن فى سومغيت، باكو، كيروفاباد وماراغا وغيرهم.

ساهمت أحداث سومغيت فى بداية حصانة غير مسبوقة  بل وتمجيد لقتل الأرمن، وهذا ما شهدناه لاحقاً خلال المذابح الأرمنية فى أماكن أخرى فى أذربيجان. حيث تستمر القيادة الأذربيجانية فى ضخ الكراهية ضد الأرمن.

 إنها تشجع على الجرائم مثل القتل الوحشى لكوركين ماركارين بالفأس أثناء نومه على يد راميل سافاروف اثناء اشتراكهما فى دورة تدريبية فى حلف الناتو ببودابيست. وقد لُقِب ذلك القاتل السفاح ببطلٍ قومى لأذربيجان لذلك السبب. حتى أن مؤخراً، وخلال العدوان على ارتساخ فى أبريل 2016  شهد العالم نتيجة سياسة الأرمينوفوبييا التى تديرها أذربيجان متمثلة في الأسلوب الداعشى لذبح كيارام سلويان وجنديان آخران من ناغورنو-كاراباخ، أو القتل الوحشى والبتر لأسرة من المسنين فى قرية تاليش، إضافةً إلى تكريم الرئيس الأذربيجانى لمرتكبى جرائم الحرب تلك، وهو الامر الذي يعُتبر مكروهاً ولابد من إدانته من قبل المجتمع الدولي بأكمله.

للأسف وبالرغم من نداءات الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك، وبدلاً من تنفيذ الاتفاقيات التى تم التوصل إليها في فيينا وسانت بيترزبرج، تحاول السلطات الأذربيجانية هذه الأيام  إشعال الوضع في خط التماس مع جمهورية أرتساخ وتستمر فى خلق وغرس الكراهية في المجتمع الأذربيجاني تجاه الأرمن.