نادية صالح تكتب: عواطف البدرى ملاك الإنسانية بالإذاعة المصرية أو ماما نونا الإذاعة

مقالات الرأي



من قابلها.. من صافحها.. من قال لها صباح الخير واستمع إلى صوتها، وملامح وجهها الطيب لابد أن يعرف ما أحكى عنه اليوم، وبعد أن ودعناها من أيام..

«مدام عواطف» كما كنا نناديها.. صاحبة الصوت الحنون الذى خاطب الآباء والأبناء فى برنامج حمل هذا الاسم: «إلى الآباء والأبناء» وكان ذلك عام 1954 واقتنع بصوتها -وما كانت تقدمه- «كأم» قبل أن تكون «مذيعة» للبرنامج، وفى مشوارها قدمت برنامج «طبيب العيلة» وكان عاملا من عوامل رفع الوعى الصحى لدى الأسرة المصرية ومن برامجها أيضا قدمت «أيام مع الميكروفون» و«أغرب اليوميات» وغيرها من البرامج، باختصار هى إحدى الرائدات التى انكرت ذاتها وعاشت لعملها فأحبها الشباب وقتها قبل الكبار، وكم بكيت على صدرها.. كم بكيت على صدرك يامدام عواطف من قسوة غيرك من الرئيسات أيامها، وفى هذا المقام ونحن نودع مدام عواطف ملاك الإسانية كما جرى هذا التشبيه على لسانى الآن- أرجو أن أذكر القارئ الذى لايعرف أن عواطف البدرى هى الشقيقة الأكبر -كما أظن- للأستاذة عطيات البدرى الشهيرة بـ «كريمة مختار» والتى رحلت قبل شقيقتها بأيام قليلة.. وكم كنا نراهما تجلسان فى أروقة الإذاعة أحيانا يتهامسان.. فالكلام لديهما همس والصوت حنون طيبا كانت عطيات البدرى أو كريمة مختار والتى اشتهرت مؤخرا بأنها «ماما نونا» بعد نجاح منقطع النظير لمسلسلها مع العظيم -أطال الله عمره- يحيى الفخرانى، والآن أتصور أن كريمة مختار (عطيات البدري) هى (ماما نونا) الفن، وشقيقها عواطف البدرى هى (ماما نونا) الإعلام أو الإذاعة.. الحنان.. كل الحنان كان يشع من وجهيهما..

وأخيرا وليس آخرا.. لابد أن نتذكر ذلك اليوم الذى فوجئنا بأنك (مدام عواطف) كنت ضمن مجموعة الإعلاميين الذين اختارهم الرئيس عبدالناصر ضمن ما اسماه التنظيم الطليعي والذى عانى منه كثير من الإعلاميين تقاريره التى كان يرفعها «مغالطا» إلى الرئيس عبدالناصر وكان ذلك إساءة للتنظيم وللرئيس نفسه حتى تم إلغاؤه بل واستبعاد افراده بعيدا عن الاعلام.. وكانت الراحلة الغالية ضمن من استبعدوا وقتها وكانت مفاجأتنا أننا لم نلحظ عليك استعلاء ولا غرورا ولا غلظة فى التعامل مثل تلك التى كنا نلاحظها فى عدد من افراد هذا التنظيم، وللحق فرحنا جميعا بعودتك بعد أن أعاد أفراد التظيم وزير الاعلام الاسبق د.كمال أبوالمجد ولانظنك إلا كنت عضوا شرفيا فى ذلك التنظيم، يرحمك الله.. ويجازيك خير الجزاء بقدر ما قدمت لعملك من المعانى السامية والإخلاص حتى كان استحقاقك وحصولك على وسام الاستحقاق للفنون والعلوم والآداب من الطبقة الأول عام 1986 عن تاريخك الإذاعي..

يرحمك الله.. ويجازيك خير الجزاء.. (ماما نونا) الإذاعة و«ملاك الإنسانية» بالإذاعة المصرية..

عواطف البدري