حكاية كارثة نووية أصابت الجزائر.. والرابطة الحقوقية تقاضي باريس على جرائمها

عربي ودولي

بوابة الفجر


تعيش الجزائر ذكرى من أكثر الذكريات المؤلمة، التي لا تزال تنزف دماءها إلى الآن، ولم لا؟ وهي تتعلق بأقسى محتل عرفته الجزائر، الذي استحلّ كلّ شيء في سبيل النيل من الشعب الجزائري وإفناءه وقتله، إنها ذكرى التجربة النووية الفرنسية التي تحين ذكراها 57، والتي توافق هذا اليوم 13من فبراير عام 1960.

فرنسا تختار الجزائر لإجراء أول تجربة
بعد خروج فرنسا من الحرب العالمية الثانية، فكرت جديا في أهمية النظر إلى التجارب النووية، حيث عكفت منذ 1954 على وضع برنامجٍ نووي والذي كان إمدادا لمراحله الأولى عام 1939، الذي منعه  الاحتلال الألماني من أن يولد حينها، وفي مطلع 1957 أمر رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك بيير منديس فرانس ببدء إقامة مركز للتجارب النووية، والتي انتهت تجربتها في الجزائر لأسباب أحالت تواجدها في المواقع التي اختارها الفرنسيون قبل أن يقع اختيارهم على الجزائر والتي كانت في المحيط الهادي أو الأطلسي، إلا أن الحظ العاثر جعلهم يختارون الصحراء الجزائرية وتحديدا منطقة "رقان" التي تقع في ولاية بشار. 

كيف تمت التجربة النووية؟
وتمت التجربة النووية الأولى لفرنسا والتي سميت بـ  "اليربوع الأزرق"، في  13 فبراير 1960، تحت إشراف الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديغول، فيما أكدت الأنباء حينها أن شدةُ التفجير الذي أُجري على سطح الأرض، بلغ خمسة أضعاف التفجير الناتج عن قنبلة هيروشيما.

ليست تجربة واحدة بل 13
وتتبادر الأذهان إلى الاعتقاد بأن فرنسا لم تقم بتجارب أخرى نووية، إلا أن الحقيقة تجافي هذا الأمر تماما، فلقد استمرت التجارب النووية الفرنسية في تلك المناطق الجزائرية على مدار 6 سنوات، ما بين عامي 1960 إلى 1966، لتشهد نحو 13 تجربة نووية في مناطق "عين إكر" ومنطقة "رقان" بولاية بشار، فيما ينفي هذا الكلام الباحث وأستاذ الفيزياء والكيمياء النووية في جامعة وهران ومؤلف كتاب "يرابيع رقان"  كاظم العبودي، مؤكدا إن  فرنسا أجرت 57 تجربة نووية بالجزائر، وبسبب ضيق المسافات سبب  أن الجو أصبح مشبعا بالإشعاع النووي.

استخدام 42 ألف جزائري كفئران تجارب
وهناك الكثير من الكوارث التي أضرت بالجزائريين، بعد إجراء تلك التجارب حيث ظهرت تشوهات خلقية على نطاق كبير بمناطق الصحراء الجزائرية وكان من بين العجائب والأسرار التي كشف عنها الباحث الفرنسي المتخصص في التجارب النووية برينو باريلو، هو استخدام الاحتلال الفرنسي للجزائر ائنذاك حوالي 42 ألف جزائري كفئران تجارب في تفجيراتها النووية.

ضحايا التجربة النووية 
وأكدت  "منظمة المجاهدين" وهم المعروفين بقدماء المحاربين، إن عدد ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر يأتون بأكثر من 30 ألفا، حسبما أكدت ذلك في تقرير لها أجرته قبل ذلك.

أضرار مستمرة ومتبقية
وقد استخدمت فرنسا في تجاربها النووية هذه كل من  اليورانيوم الذي يتبقى آثاره 24400 عام، فضلا عن استخدامها البلوتونيوم الذي تستمر آثاره 4.5 مليارات عام، بحسب خبراء في النشاط النووي.

ليست الجزائر وحدها
ولم تنحسر الكوارث في الجزائر بمفردها، إثر التجارب النووية الفرنسية، بل امتدت إلى مناطق واسعة ودول أخرى غير الجزائر، من بينها السنغال وتشاد وأفريقيا الوسطى وموريتانيا ومالي، حسبما نشرت تقارير فرنسية سرية عام 2013.

مقاضاة فرنسا أخر مستجدات الملف
وتزامنا مع ذكر هذه الكارثة في هذا اليوم، أعلنت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم، أنها سترفع دعوى قضائية ضد باريس بسبب أضرار التجارب النووية الفرنسية في الجزائر ما بين عامي 1960 و1966، داعية المنظمات الدولية والوطنية إلى تحريك دعوى قضائية ضد فرنسا بسبب التجارب النووية الفرنسية، مشددة على ضرورة  أن تعترف فرنسا بهذه الجرائم التي ارتكبتها في المستعمرات القديمة، بل وتعويض الضحايا ماديا ومعنويا.

من جانبه أكد "هواري قدور" وهو المكلف بملف الدفاع عن حقوق الإنسان في الرابطة الجزائرية، إنه سيعمل من أجل كشف حقيقة ملف ضحايا التجارب النووية، مذكرا أن الحكومات الجزائرية المتعاقبة منذ الاستقلال لم تهتم بهذا الملف ولم تسعى في مطالبة فرنسا على الاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائم التجارب النووية التي أجرتها في الجزائر.