عادات مصرية قديمة تحدت الزمن وبقيت إلي اليوم

منوعات

بوابة الفجر


عُرف المصري القديم بأصالته وتمسكه بالعادات والتقاليد، حيث تعرضت مصر للعديد من الغزاة بحضاراتهم الدخيلة على مصر من هكسوس، نوبيين، ليبيين، بطالمة،ورومان، ولكن تجلت أصالة المصري القديم بعدم تغير ملامح حضارته، بل العكس هو ما حدث وتأثر الغزاة بالعادات والتقاليد المصرية، كما أخذوا من المصريين لبلادهم، فنون، ومعبودات وديانات، وعلي مر الأزمان والعصور خلد المصري القديم عاداته وتقاليده التي ظلت باقية إلى يومنا هذا. 

عادات اجتماعية
كان المصري القديم يتزوج في سن مبكرة، فما أن يبلغ الابن سن البلوغ حتي يقرر والداه تزويجه، فيقومان باختيار إحدى أقاربه لتكون زوجة لابنهما، وهو ما لايزال قائماً إلى يومنا هذا ببعض بلدان الصعيد المصري، فعندما يكبر الابن ويبلغ "سن الرشد" يقوم الأب والأم بتزويجه لابنة عمه مثلاً.

يذهب العريس لبيت العروس لطلب يد عروسه من أبيها، يقدم لها ست أوقيات من الفضة، وهي ما نسميها اليوم بالـ "مهر"، ويتم الزواج بعقد قران، كما يقوم الأب بشراء الملابس وأدوات الزينة لابنته، كما نعهد اليوم بأن يقوم الأب بتجهيز ابنته العروس وشراء كافة مستلزماتها قبل الزواج.

أما بالنسبة للطلاق،  فيتعهد الزوج قبل الزواج بأنه إذا هجر زوجته كارهًا إياها أو بسبب رغبته في الزواج من امرأة أخرى يقوم برد المهر مرة أخري إلى زوجته، وهو ما نسميه اليوم بالمؤخر، وفي حالة أنه أنجب من زوجته فلذلك الابن له الحق بأن يرث والده، وإذ ما حدث العكس وطلبت الزوجة الطلاق فترد المهر لزوجها وكافة الهدايا التي أهداها لها.

عادات الطعام
كان المصري القديم يفترش الأرض أثناء تناوله الطعام، حيث كان يرفع إحدى ركبتيه عن الأرض ويجلس دون أن يسند ظهره حيث كان يتناول المصري القديم ثلاث وجبات يوميًا منها واحدة يجب أن يتجمع فيها أفراد الأسره، كما يفعل أهل الصعيد المصري عند تناولهم الطعام؛ إذ أنهم يجلسون على الأرض حول مائدة صغيرة تسمى "الطبلية"، وتتجمع العائلة كلها أثناء الطعام خاصة في شهر رمضان وما يُعرف بالعزائم وتجمع الأقارب والأحباب لتناول الإفطار.

كما كان لمائدة الأكل عند المصري القديم طقوسها الخاصة في وجباته اليومية، إذ يجب أن يتوافر في كل وجبة الخبز والجعة "أي شراب الشعير"، وهو ما يحتفظ به المصري في عصرنا الحديث من عادات ولكنه استبدل "شراب الشعير" بالمشروبات الغازية والعصائر، كما كان يفضل المصري القديم تناول لحوم البط، الأوز، لحم الثور، وفي عصرنا الحديث لا تخلو عادة مائدة المصري من تناول أي من أنواع البروتين، إذ يعتقد المصري بأن اللحوم هي سر قوته البدنية.

وقد أحب المصري القديم تناول الملوخية، فكان للنساء عادة "الشهق" عند وضع الثوم على الملوخية عند طهيها اعتقادًا بأن هذا الفعل يضفي على الملوخية الطعم المميز لها، وهذا ما ظلت النساء المصريات تتبعه من عادة طهي الملوخية.

عادات الموت
ظلت العادات الجنائزية منذ عصر المصريين القدماء حتى يومنا هذا تتبع نفس التقاليد، حيث كان يُحمل المتوفى في تابوت على كتف ذويه من منزله إلى المعبد الجنائزي، ثم إلى قبره لنقله إلى الحياة الأخرى، وكان يوضع مع الميث "كتاب الموتى"، وهو كتاب يضم أدعية للمتوفى لكي يعرف طريقه إلى جنة الخلد، ويستطيع تخطي كل ما يقابله من عقبات أثناء محكمة العدل في الحياة الآخرة وتبرئته من ذنوبه، حيث كان يوضع بجانب قدم المتوفى، وهذا ما هو معهود اليوم، حيثُ يُحمل المتوفى إلى مثواه الأخير ويقوم أقاربه ومعارفه بالصلاة عليه والدعاء له عند إنزاله القبر.

كما توارثت أيضًا عادة البكاء والنواح على المتوفى، وكذلك عادة الأربعين يوم، وهي مدة عملية التحنيط، وكان هناك مهنة تسمى "النوحات" اختصت بها النساء.

واحتفظت قرى الصعيد والأقاليم بتلك العادة؛ إذ تُظهر النساء الحزن والأسى من ارتداء الملابس السوداء، الارتماء بالأرض، ولطم الخدين، ويقمن بالنواح والصراخ ورثاء الميت بعبارات مسجوعة.

التعاويذ
ومن العادات المصرية القديمة التمائم والتعاويذ، حيث كان للخرزة الزرقاء مدلولها المعهود من فعاليتها في طرد الحسد وامتصاص الطاقة السلبية، كما وضع الناس على بيوتهم البصل والثوم اعتقاداً منهم على طرد الأرواح الشريرة وحماية أهل البيت من العين والحسد، كما كانوا يستعينون بالأحجيات المكتوبة والمقروء عليها بعض الطلاسم المُعتقد أنها تحميهم من شر الحسد، وهذا ما يتبعه المصريون الآن من الاحتماء بالخرز الأزرق والكف لمنع العين والحسد، وكذلك اقتصاص عروسة من الورق وثقبها بالإبرة لفك الحسد عن ذلك الشخص.

سبوع المولود
ومن أهم الموروثات في مصر منذ زمن أجدادهم قبل 7000 عام الاحتفال بـالـ "سبوع"، فعند إتمام المولود يومه السابع كان يعتقد أجدادنا بأنه تبدأ حاسة السمع عند المولود بالعمل، فيقومون بإحداث الصخب والاحتفال ويضعون في أذنه حلقة ذهب "حلقة الإلهة إيزيس"، كما يطلبون من المولود طاعة الإله حتى يكون ذلك أول ما تسمعه أذناه، ثم يتضرعون للإله بأن يمنح المولود العمر المديد.

وهذا ما تحتفظ به الأسر المصرية إلى الآن، ففي اليوم السابع للمولود تدعو الأسرة الأقارب والأصحاب للاحتفال به، حيث يوضع المولود في منخل مُزين، وتوزع الحلوى على الحضور، ويمسك الأطفال بالشموع ويقومون بوضع الطفل على الأرض وتمر الأم من فوقه سبع مرات، كما تحثه الجدة على طاعة الأب أو الأم.

وبالرغم من تتابع الأزمنة ونزول الديانات السماوية الثلاث، إلا أن المعتقدات المصرية ظلت متوارثة منذ عصر الإنسان البدائي مرورًا بعهد الفراعنة، وباختلاف الحقب التاريخية من فرعونية، قبطية، والإسلامية، ويستمر الإنسان المصري بتوريثها مما تغيرت ملامح الأزمان وتتابعت العصور.