الحب عند قدماء المصريين .. ملك بني لمعشوقته معبدا وآخر ترك العرش لأجل محبوبته

منوعات

بوابة الفجر



ان قدماء المصريين استخدموا الورود للتعبير عن الحب لمحبوباتهم قبل الاف السنين، وأن نقوش ورسوم معابد ومقابر الفراعنة ترصد الكثير من صور الحب والعشق فى مصر القديمة 
وفي عيد الحب، نذكر لكم أشهر قصص الحب التي دونت علي جدران معابد أجدادنا  

"رمسيس ونفرتاري" 
تتجه القلوب إلي أجمل قصة حب ربطت بين قلبي "رمسيس الثاني" وزوجته "نفرتا ري" فى أول قصة حب خلدها التاريخ قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ويظهر هذا الحب الفياض جليًا من خلال الكلمات الرقيقة التي نقشت علي جدران معبد "نفرتاري" بأبوسمبل والتي يصف فيها رمسيس الثاني  زوجته الحبيبة بأنها "ربة الفتنة والجمال وجميلة المحيا وسيدة الدلتا والصعيد"، غير ذلك يتميز معبد "نفرتاري" باللمسة الأنثوية الحانية التي تعبر عن رقة صاحبته حيث يوجد فيه مجموعة من النقوش الناعمة التي  تبرز جمال "نفرتاري" وهي تقدم القرابين للملائكة وفي يدها الصلاصل رمز الموسيقي ويعلو رأسها  تاج الإلهه "حتحوري" ربة الفتنة والجمال عند القدماء المصريين. 

بني لها معبداً
"نفرتاري" هي الزوجة الوحيدة من زوجات "رمسيس الثاني" التي بني لها معبدًا خاصًا إلي جوار معبده الكبير بمدينة أبوسمبل، ويسمي بالمعبد الصغير أو معبد "حتحور"، ويقف أمام هذا المعبد ستة تماثيل هائلة يصل ارتفاعها إلي حوالي عشرة أمتار منها أربعة تماثيل للملك "رمسيس الثاني" واقفًا وتمثالان لنفرتاري ويحيط بهما تماثيل صغيرة الحجم لابناءهما، وجعل رمسيس الثاني تماثيل "نفرتاري" بنفس حجم التماثيل الخاصة به تقديرًا وعرفانًا بحبه الشديد لها، كما توجد في قاعة الأعمدة ستة رؤوس علي شكل الإلهة "حتحور" وفي الردهة والحجرات المجاورة توجد مشاهد ملونة لها ولمركبتها المقدسة. 
بني "رمسيس الثاني" لها واحدة من أجمل المقابر في البر الغربي بالأقصر بعد رحيلها ليؤكد إخلاصه وحبه الأبدي لجميله الجميلات "نفرتاري"، ويذكر أن "رمسيس الثاني" تزوج من "نفرتاري" قبل أن يتولي العرش وكان عمره وقتها 19 عاما، وكانت "نفرتاري" واحدة من عامة الشعب وليست من القصر الملكي ويعني اسمها جميلة الجميلات أو "حلاوتهم" في اللغة العامية المصرية، وهو اسم علي مسمي لأن النقوش علي جدران معبد "نفرتاري" توضح أنها صاحبة وجه دائري جميل وخدود ممتلئة وهي كانت مولعة بالإكسسوارات والزينة في جميع ملابسها.  

بني المعبد حتي لا تبعد عنه كثيرًا
وكرمها الملك "رمسيس الثاني" ببناء معبدا خاصا لها حتى تتمكن زوجته من أن تتعبد لآلهتها المحبوبة "حتحور" آلهة الرقص والسعادة والطرب والحنان عند القدماء المصريين، فقد كان معبد "حتحور" الأساسي يقع بمدينة دندرة التي تبعد عن الأقصر 100 كم مما يصعب علي الملكة نفرتاري السفر من أبوسمبل إلي دندرة لأداء الطقوس الخاصة بمحبوبتها حتحور لذا، قرر رمسيس الثاني بناء معبد لحتحور في ابوسمبل حتى لا تبتعد نفرتاري كثيرا عن محبوبتها حتحور، ووصفتها النقوش بكلمة حبيبة وأنها الزوجة المفضلة وسيدة الدلتا والصعيد وسيدة الأراضي، وأعطاها اللقب الملكي وقيل أنها وصفت "بالملكة الإلهة"، وعلي جدران المعبد نقش رمسيس الثاني عبارة (من أجل أحب زوجاتي قمت ببناء هذا المعبد). 

انجبت نفرتاري ستة أبناء للملك رمسيس، ولكن لم يتول أي منهم العرش لأنهم ليسوا من الخط الملكي لعدم انتماء "نفرتاري" للقصر ولكن تم تصوير أبناء "نفرتاري" الستة أربعة ذكور وابنتين علي جدران معبدها، ومن ابرز بناتها  "ميريت آمون" أي حبيبة آمون وكانت جميلة للغاية وذات مكانة عظيمة ودور كبير في حياة الملك رمسيس الثاني فيما بعد

الحب يصنع المعجزات
"نفرتاري" لم تكن الزوجة الأولي أو الأخيرة في حياة رمسيس الثاني ولكنها كانت أحب زوجاته وان كان هذا الحب لم يمنع رمسيس من الزواج من امرأة أخري وهي "است نفرت" أي "ايزيس الجميلة"، وكانت هناك علاقة نادرة بين "نفرتاري" و"است نفرت" لدرجة أن كل واحدة منهما كانت تسمي ابنتها علي اسم الاخري فـ "است نفرت" لها ابنة اسمها "نفرتاري" ولنفرتاري ابنة اسمها "است نفرت".

حرص المهندس المصري القديم مصمم المعبد علي أن تظهر "نفرتاري" في غاية الجمال بقوامها الممشوق وملابسها الشفافة التي تظهر مفاتنها وكذلك ملابسها الزاهية البراقة ويظهر ذلك جليًا من خلال واجهة المعبد التي خلدت الملكة "نفرتاري" في تمثالين رائعين وهي تلبس ثوبا طويلا فضفاضًا وفي يدها الصلاصل رمز الموسيقي وان كان يعيب هذا المعبد شيئا واحد من الناحية الفنية وهو أن رمسيس الثاني  قام  بتصوير نفسه 16 مرة مقابل 12 مرة فقط لنفرتاري مع انه  بني هذا المعبد لزوجته وليس لنفسه .

"الوليمة" عيد الحب  
 أن معابد ومقابر ملوك وأشراف ونبلاء المصريين القدماء ترصد صورا عديدة  لعلاقة المصريين القدماء بالحب واحتفائهم بالعشق والعشاق في احتفالات خاصة كانت تقام بشكل دوري ضمن 282 عيدًا واحتفالاً كل عام، غير أن المصري القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته، وكان يعبر عن عواطفه تجاهها فى إحتفالية يطلق عليها "الوليمة"، وقد حوت مقابر الجيزة وسقارة ومقابر النبلاء غرب الأقصر حوت عشرات اللوحات التي تصور احتفاء المصري القديم بمحبوبته وتقديمه الزهور لزوجته ومعشوقته.  

الغزل 
اعتمد قدماء المصريين على التصوير فى التعبير عما يكنونه من مشاعر بدواخلهم قد لا يستطيعون التعبير عنه فى نصوصهم، بجانب وجود العشرات من قطع الاوستراكا وقطع الفخار التي سجل عليها المصري القديم مشاعر حبه ولوعته مثل قول أحدهم واصفا معشوقته فى إحدى المخطوطات القديمة (أنها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها أجمل جميلات العالم، انظر إليها كمثل النجمة المتألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب، تلك التي تتألق والتي تبرق بشرتها بريقا رقيقا، ولها عينان ذواتا نظرة صافية وشفتان ذوتا نطق رقيق، ولا تخرج من فمها أبدا أية كلمة تافهة، هي ذات العنق الطويل والصدر المتألق شعرها ذو لون لامع، أن ذراعيها تفوقان تألق الذهب، وأصابعها تشبهان كؤوس زهرة اللوتس، أنها ذات خصر نحيل، وهى التي تشهد ساقها بجمالها، ذات المشية المتسمة بالنبل عندما تضع قدميها على الأرض) . 

الحب الذي كاد أن يُضيع عرش الملك  
"امنحتب الثالث" تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة، والذي يُعد أحد أعظم حكام مصر على مر التاريخ والذي اهتم بالرياضة والصيد والقنص وعرف بأنه صياد عظيم، ووقع فؤاده اسيرا لدى واحدة من عامة الشعب، واصر على الارتباط بها والزواج منها برغم أن اصراره على الزواج من محبوبته كاد أن يفقده عرشه الملكي.

هي
"تي" التي لم تكن تحمل دماء ملكية لكنها وبفضل الحب الذى جمع بين قلبها وقلب أمنحتب الثالث صارت من أشهر ملكات مصر الفرعونية.
هو
امنحتب الثالث هو ابن الملك "تحتمس الرابع"، وكان من طقوس تولي العرش أن يتزوج بأميرة تحمل دماء ملكية، لكن قلبه تعلق بمحبوبته "تي" فقد لجأ الى كهنة الاله آمون الذين مكنوه من الزواج من محبوبته عبر اقامة معبد لآمون اله طيبة وهو المعروف الان بمعبد الأقصر وبداخل هذا المعبد أقام حجرة للولادة الالاهية، وهنا جاءت رواية الكهنة بأن "امنحتب الثالث" هو نتاج لمعاشرة آمون لأمه فصار ابن الاله، وتخطى عقبة أن امه محظية لوالده ولم تكن من سلسلة العائلة الملكية، وأن عليه الزواج من اميرة تنتمي للعائلة الملكية ولأنه صار ابن الاله فقد صار من حقه الزواج بمن يريد من دون أن يهدد هذا الزواج عرشه الملكي، وارتبط الملك امنحتب الثالث بمحبوبته "تي" التي شاركته كثيرا من أمور الحكم، وكانت بحبها له وحب الشعب لها سببا في استقرار ورخاء البلاد ابان حكمه، فخلد عقد زواجهما بأن أمر بنقشه على الجعران الذى يطوف حوله المئات في كل يوم داخل معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة في مدينة الأقصر.

إيزيس وأوزوريس
أشهر قصص الحب الأسطورية الخالدة هي قصة "إيزيس" معشوقة "أوزوريس"، والتي شغلت الكثيرون لما تحتويه من تجسيد للحب والتضحية والوفاء الى جانب فكرتها الأولى التي تدور حول صراع الخير والشر، وتجسيد الحب في الخير والنقص والقبح في عدمه.
  لقد كان اوزوريس حاكم علي مصر تميز بالعدل والوفاء والقوة في الوقت نفسه، وساد عصره حلة فريدة من السلام والمحبة، بينما كانت إيزيس برفقته تقوم بمهامها بين الناس فى البيوت و بين النساء قبل يختاره الناس أوزوريس ليكون حاكما للبلاد.
  إلى أن ظهر أخو أزوريس "ست"، وبدأت معه تظهر المصائب، فيحتال ست على أخيه ويعطيه هدية نفيسة عبارة عن عباءة من قماش نفيس جدا يحوز إعجاب الملك ثم يدعوه إلى سهرة فتظهر إيزيس عدم اطمئنانها إلى هذه الدعوة ولكن أوزوريس لم يلتفت إلى أحاسيس زوجته التى تتراقص أمامها أشباح المكيدة دون دليل واضح.
وفى الاحتفال الذى أعده ست لأخيه دارت الكؤوس ومعها الرؤوس ثم عرض ست التابوت الذى كان قد أعده مسبقا وعرضه على الجمع الذي أعجب به وقال انه سيهدى هذا الصندوق البديع الصنع المزخرف بالنقوش والموشى بالذهب إلى الشخص الذى يطابق الصندوق مواصفات جسده و بعد أن جرب كل الموجودين فى الاحتفال الصندوق اتضح انه لا يوافق جسد أى سوى جسد أخيه أوزوريس.
وما أن دخل "أوزوريس" التابوت حتي قام رجال ست بحمله وإخفاؤه وقتله ست واستولي علي العرش، ضربت إيزيس الأرض سعيًا وبحثًا عن جثة زوجها حتي عثرت عليها في جبيل، ولكن ست أفلح في سرقة الجثة وقطعها إلى اثنين وأربعين جزءًا، ووزعها على أقاليم مصر. لم تستسلم إيزيس وتمكنت من جمع أشلاء زوجها. 

المصاعب والأهوال كثيرة تلك التي تذكرها الأسطورة، ولكن إيزيس استطاعت تجميع أشلاء زوجها المغدور، حتى بعثت فيه الروح من جديد فعاشا فى هناء لا يعرف مثيله إلا من حرم من محبوبه حرمانا حقيقيا ثم رد إليه.