"برنامج التوازن المالي".. تعرّف على سياسة الدعم الحكومي الذكي الموجه إلى مستحقيه

السعودية

السعودية - أرشيفية
السعودية - أرشيفية


أعلن اليوم عن الميزانية السعودية 2017 حيث حفلت بالكثير من الطموح والرغبة في مواصلة الإصلاحات الاقتصادية ضمن إطار الرؤية السعودية 2030 وظهرت ملامح حضور (برنامج التوازن المالي) وهو أحد البرامج التي أسهمت ومهدّت الطريق أمام بناء رؤية 2030 الطموحة والتي يعمل عليها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيث بدأ المجلس بالفعل منذ تأسيسه في مراجعة المشروعات القائمة وآلية اعتمادها وأثرها الاقتصادي، وأسس لجاناً واستحدث إدارات جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها، وراجع اللوائح المتعلقة بذلك.


هذه الموازنة هي الأولى التي تطلق ضمن برنامج التحول الوطني وفق برامجه المتنوعة الداعمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.

الملك: حماية مستقبلنا
   لقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله في كلمته مؤخرا أمام مجلس الشورى أن الدولة سعت إلى التعامل مع المتغيرات التي حدثت بما لا يؤثر على ما تتطلع إلى تحقيقه من أهداف وذلك من خلال اتخاذ إجراءات متنوعة لإعادة هيكلة الاقتصاد؛ وشدد على أن تلك الإجراءات المتخذة قد يكون "بعضها مؤلماً مرحلياً، إلا أنها تهدف إلى حماية اقتصاد بلادكم من مشاكل أسوأ فيما لو تأخرنا في ذلك".

واستشهد خادم الحرمين الشريفين بالظروف الاقتصادية التي مرت على المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية التي اضطرت فيها الدولة لتقليص نفقاتها، غير أنها خرجت منها باقتصاد قوي ونمو متزايد ومستمر.

موازنة اليوم وضح من خلال أبرز مفاصلها سعيها الدقيق لتحقيق الكفاءة وترشيد الإنفاق وتعظيم الدخل الحكومي وبما يقود نحو تحقيق التعادل الأمثل خلال الأربع سنوات المقبلة. كما أتضحت الخطوات الملموسة لبرنامج التوازن المالي.

برنامج التوازن المالي
 يعد برنامج التوازن المالي من أهم البرامج التي يقوم بها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، إضافة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية، وتطبيق سياسة الدعم الحكومي الذكي الموجه إلى مستحقيه، علاوة على الإدارة الحكيمة للدين العام، مشيرا إلى أن زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 ملياراً إلى تريليون ريال سنويا، من أهم أهداف رؤية 2030.

ومن الأهداف التي قد يشكل تحقيقها تحديا كبيرا؛ وضع الأهداف الاستراتيجية والالتزام بها، إذ لا يمكن أن يحدث بمعزل عن الدراسات المتعمقة التي تُرجح إمكانية تحقيقها، إضافة إلى البرامج القادرة على تحويل تلك الأهداف إلى واقع. خصوصا مع التأكيد المستمر من جانب من ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على رفع سقف الحوار، بما يزيد الشفافية ويحقق الوضوح.

برنامج التوازن المالي، والذي يقوم على مبدأ أساسي مضمونه أن التمويل الدائم يجب أن يفوق أو يساوي مجموع الاستثمارات، مضافا إليها جزء من احتياجات دورة الاستغلال، مع مراعاة المخاطر المستقبلية، الناجمة عن انخفاض قيمة بعض الأصول المتداولة.

البرنامج في عامه الأول، حقق سلسلة من النجاحات، أبرزها منح الأولوية في الإنجاز للمشاريع الجاهزة، إضافة إلى قرار إلغاء مخصصات مشاريع غير متعاقد عليها بقيمة تريليون ريال لتحقيق أهداف اقتصادية عدة.

أولويات التوازن المالي
 ويستهدف البرنامج تحقيق أعلى عائد مالي من المصادر غير النفطية، وقد ثبت جدواه منذ بداية العام الماضي، إذ زادت الإيرادات غير النفطية بنسبة 30%، كما أنه يضع في أولوياته رفع العائدات غير النفطية إلى 530 مليار ريال بحلول 2020، مقابل 163 مليار ريال فقط خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن تقفز العائدات إلى تريليون ريال في عام 2030، ما يساوي حجم الناتج النفطي في أوج فتراته في عامي 2013 و2014.

من أبرز ما يهم الشارع السعودي طبعا ما أعلن عن برنامج توفير الدعم لذوي الدخل المنخفض والمتوسط تحت مسمى "برنامج التوازن المالي" وذلك في ظل الترقب للعديد من الإصلاحات القوية التي تستوجب إجراءات تقشفية فعلية مثل تحرير أسعار بعض الخدمات مثل الوقود والكهرباء وذلك في ظل توجه حكومي أعلنته في كانون الأول (ديسمبر)، بزيادة أسعار الطاقة ليتم تحريرها بالكامل. وفي مسعى لتعويض المواطنين المتضررين من سياسة الترشيد، فإن خطة الموازنة تتضمن برنامجاً لتوفير الدعم المالي النقدي لذوي الدخل المنخفض والمتوسط.

الاستفادة من التجارب الناجحة
 لقد أبرزت الميزانية من خلال برنامج التوازن المالي إلي إصلاح أسعار الطاقة وذلك من خلال إعادة توزيع المخصصات لتطال من هم بحاجة ماسة إليها وتحسين وضعه المالي، والتشجيع على تبني سلوكيات أكثر اعتدالاً للإنفاق وإرساء نموذج استثماري قوي لقطاعاتنا الاقتصادية، والتركيز على المبادئ المعتمدة في هذه الإصلاحات على تجارب إصلاحية ناجحة من 25 بلداً، حيث تم عمل دراسات موثقة موسعة لسلوكيات واحتياجات الاستهلاك المحلية. والتي سيكون من خلالها صورة واضحة حول خلفيات الأمر حتى نفهم ضرورة هذه الإصلاحات: حيث إن مخصصات الطاقة في المملكة قاربت 300 مليار ريال في عام 2015 استناداً لأسعار التصدير في تلك الفترة. وقد ترتفع هذه المخصصات بمرور الوقت بفعل زيادة الاستهلاك المحلي وتغير أسعار النفط ووضع الاقتصاد العالمي.

وتؤكد الدراسات في وزارة الطاقة أنه وبالرغم من الجهود المبذولة لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة في السابق، إلا أنها لم تفلح بتحقيق الكثير في ضوء التسعيرة الحالية.   حيث اتضح أن انخفاض أسعار الطاقة في المملكة يتسبب بمزيد من الإسراف والهدر. ولأن المملكة تعتمد بشكل كبير على النفط غير المتجدد ومشتقاته كمصدر رئيسي للدخل، لذا فإن استهلاكه بسعر رخيص لن يكون أمراً مستـداماً على المدى البعيد.

تطبيق مرحلي للأسعار
 وما يغيب عن أذهان البعض ربما أن الوضع الحالي لمخصصات الطاقة تتيح للمستهلكين الذين ينفقون أكثر أن يستفيدوا بشكل أكبر – وهذا لا يساعد أصحاب الدخل الأدنى، ولذلك عملت الدولة من خلال مجلس التنمية الاقتصادية على تغيير هذا الواقع. حيث تسعى إلى حماية من هم بحاجة إلى مخصصات الطاقة، ولذلك تم إعداد برنامج تعويضات كجزء من خطة الإصلاح. وسيحقق دعم تنويع الاقتصاد وتوفير مخصصات أخرى للأسر والشركات. وهو ما ظهر ضمنا وصراحة في ثنايا بيان الميزانية الجديدة.

الإصلاحات القادمة ستتبنى العمل على تطبيق زيادة الأسعار على مراحل وصولاً إلى مواكبة أسعار السوق العالمية. ومنها إصلاح أسعار المنتجات التي لا تستدعي إجراء تغييرات في البنية التحتية. ويسعى برنامج التوازن المالي من خلال خطة تسلسلية لاستيعاب التأثيرات على القطاعين الاقتصادي والصناعي من خلال التضخم المالي، والناتج المحلي الإجمالي، والبطالة وكذلك قدرة القطاعات على تحقيق الكفاءة في استهلاك الطاقة. وبالتالي فإن الطموح بحلول عام 2020، و ربما قبل تشير التوقعات الي أن تثمر عملية الإصلاح التي بدأت هذا العام عن وفورات بقيمة 209 مليارات ريـال.