د. علي اسماعيل يكتب: القمامة.. ثروة أم نقمة؟

ركن القراء

د. علي اسماعيل
د. علي اسماعيل


لقد فكرت أن اتناول في مقالاتي أحد المشاكل التي يعاني منها المجتمع وعرض الايجابيات والسلبيات لمحاولة الاستفادة برؤية قد تساعد في توفير موارد للدولة المصرية والاستفادة منها قي ظل الظروف التي تواجة الدولة المصرية من خلال الاعتماد علي القدرات الذاتية لابناءه لتحسين ظروفهم والاستفادة مما هو متاح لديهم فاليوم اناقش مشكلة القمامة والمخلفات التي تسبب ازمة حقيقية رغم انها يجب ان تكون قيمة اقتصادية.

لقد أصبحت مشكلة القمامة والمخلفات وعدم تدويرها من أهم الأمور التي عجزت عن معالجتها الأجهزة المعنية بالدولة سواء كانت المحليات أو وزارة البيئة ومعهم الكثير من وزارات اخري تلعب دورا رئيسي في التوجيه والإرشاد وتوعية المجتمع بكاملة وتقويم سلوكة في هذا الاتجاه فالاعلام لابد ان يكون ايجابيا في هذا الموضوع والتربية والتعليم لابد ان تضع ضمن مقراراتها المواد العلمية والتربوية  لتعليم التلاميذ دور هام وبناء في زرع القيم والاخلاق نحو المجتمع والمحافظة عليه بدءا من نظافة المنزل ثم الشارع ثم الحي وكيفية الاستفادة من المخلفات والقمامة وتدويرها ولا ننسي دور وزارة الزراعة في كيفية حماية القري من خلال تدوير المخلفات الزراعية في الحقول والاستفادة من مخلفات الثروة الحيوانية والداجنة والاستفادة منها بالصورة التي تنعكس علي البيئة والمجتمع.

ولا نغفل وزارة الإسكان ودورها في كيفية معالجه مياه الصرف الصحي والاستفادة منها لاستكمال خدمة التنمية الاقتصادية في ظل العجز والشح المائي الذي تعاني منه البلاد  مع وزارة الموارد المائية والري و كيف تؤدي دورها بشكل حازم للمحافظة علي المجاري المائية وأهمها النيل شريان الحياة للمصريين رغم وجود اللجنة العليا لحماية النيل وتفعيل قانون حماية النيل ومنع تلوثة بمياه الصرف الصناعي الذي تصب فية  المصانع من أسوان حتي دمياط ورشيد وتفعيل دور وزارة البيئة في المحافظة علي البيئة المصرية نظيفة من التلوث ومراجعه شروط التراخيص للمصانع المنتشرة في ربوع البلاد ودعم البحث العلمي في محال المحافظة علي البيئه وتقليل الانبعاثات الحراريه وتقليل مستويات التلوث البيئي الناتج عن المركبات السيارة.

لاشك أن العملية ربما تبدو صعبة ومعقدة لتداخل الاختصاصات وتشابك المصالح  ولكنها بسيطة وتحتاج الي الإرادة الشعبية والوعي لدي كل افراد المجتمع وتفعيل القانون وتنفيذه علي الجميع سواسية.

 فالدول المتقدمة تظل غنية ويذادد غناها وتقدمها والدول الفقيره تظل فقيرة  وتتدهور حالتها بمذيد من الفقر والتخلف  لعدم توفر الارادة الخاصة بالتقدم وبناء المجتمع  لديها بالصورة المثلي التي تحقق التنمية ورفع مستوي المعيشة للسكان ودفع عجلة التنمية لبناء الوطن بالاستفادة من كل مصادر الثروة كبرت ام صغرت.

فالأمور مختلفة مابين الاثنان فنري أن الدول الغنية هي التي تستفيد من مواردها وتعظمها ونري ذلك واضحا في دول عديدة مثل اليابان التي لاتمتلك موارد طبيعية ولديها مشاكل مع الطبيعة كونها مجموعة جزر في منطقة حزام الزلازل التي يمكن ان تعصف بكل ماهو قائم بها الا انها استفادت بكل مالديها من موارد واصبحت قوة اقتصادية فاعلة ضمن الثمانية الكبار بالعالم.

 فالقمامة في الدول المتقدمة مثل الاتحاد الاوروبي وأمريكا والصين واليابان لديها القدرات والارادة والعلم والسلوك البشري القادر علي ان  تحول هذه البلدان القمامة والمخلفات  لديها من نقمة الي ثروة لانها تستفيد من كل عناصرها فالمخلفات الزراعية تتحول الي الاسمدة العضوية التي ترفع من الخصوبة للأرض الزراعية وتقلل الاضافه من الأسمدة الكيماوية الملوثة للمجاري المائية وتوفر للدوله ملاين الدولارات المستخدمه في الطاقه اللازمه لصناعة الأسمدة الكيماوية وكذلك الاستفادة من المخلفات الزراعية في حل مشكلة الأعلاف بصناعة الأعلاف الغير تقليدية التي تسبب صداع قائم للدولة المصرية بسبب نقص الأعلاف والضغط علي الأرض الزراعية لإنتاج الأعلاف التقليديه كالبرسيم والذرة الصفراء وفول الصويا وهي محاصيل تخصص لانتاج الاعلاف للحيوانات والدواجن وتنافس بذلك الإنسان في احتياجاته الغذائية بنسبة أساسية من الأرض الزراعية لإنتاج هذه الأعلاف في الدول الفقيرة عكس الدول الغنية التي تتوفر لديها المساحات الخضراء للرعي نتيجة الامطار.

ولكن تتوفر أيضا بها المزارع ذات الإنتاج المكثف للحوم والدواجن والتي تعتمد علي الاعلاف الغير تقليدية مثل استنبات الشعير والدخن  فالدول الفقيرة تستسهل الاستيراد للحوم بدلا من الانتاج المحلي الذي يرتفع تكاليف انتاجة لارتفاع تكاليف المدخلات به وبالتالي ارتفاع فاتورة استيرادها في حالة عدم زراعتها في البلاد مع أن هذه المشروعات الخاصه بتدوير المخلفات من أجل إنتاج الأعلاف كانت من الصناعات الأساسية في مصر مثل صناعة كسب العلف من بذرة القطن بعد عصر الزيوت وصناعة العلف من مخلفات مصانع السكر من قصب السكر والبنجر والردة من القمح والذرة بعد الطحن والقش والتبن كلها مواد مكملة لصناعة الأعلاف والورق والخشب.

فالمنتجات الزراعية تتيح مخلفات لها قيمة اقتصادية لو احسن استغلالها والاستفادة منها  لاصبحت اضافة حقيقية للناتج القومي والقيمة المضافة للانتاج الزراعي ويضاف اليها المخلفات الحيوانية التي تنتج الاسمدة العضوية والطاقه واهمها غاز الميثان  الذي يمكن استخدمه كوقود أو لتوليد الطاقه الكهربائية في القري ويجب ان يراعي ذلك في المشروعات الجديدة الزراعية وتطوير القري المصرية التي تتوفر لديها مخلفات حيوانية ونواتج اطعمة بشرية لانشاء وحدات اقتصادية لانتاج البيوجاز بصورة عملية ولننظر للتجربة الهنديه والصينية والروسية في توليد الطاقه الكهربيه من البيوجاز والآن هناك بعض النماذج النمساوية لإنتاج الكهرباء من المخلفات والقمامه بشكل اقتصادي يمكن دراستها لتحقيق افضل السبل للاستفادة من تجارب الاخرين.

 فلننظر الي الدول المتقدمة في تصنيف وفرز القمامة والمخلفات من البداية من المنزل فيتم فرز البلاستيك وزجاحات المياه المعدنية البيبسي والزيوت في أكياس  والزجاج في أكياس اخري  والكانز والمعادن في أكياس  وبواقي الطعام في أكياس ويتم بيع وشراء هذه المخلفات الناتجة فتدويرها بالشكل الصحيح والامثل ربما يوفر علي الدولة المليارات لاستيراد هذه المواد المختلفة ولابد أن يواكب ذلك صناعه قويه للاستفادة منها وإعادة تصنيعها ويطبق المفهوم العلمي بأن المادة لا تفني ولا تستحدث من العدم.

فقمامة المدن التي تكدست والتي أصبحت مأساة لمدن جميلة كانت في الخمسينات والستينات أجمل مدن العالم  🌍كالاسكندرية  والقاهرة وغيرها استثناءا بعض المدن الجديدة ذات  الطبيعة الخاصة بها كالقاهرة الجديدة والشيخ زايد واحياء اكتوبر والتي يغلب عليها طابع الكمباوند ولها شركات تدير الحياة بها نجدها هي التي اصبحت نسبيا افضل حالا من المدن القديمة التي أصبحت القمامة  والمخلفات بها والنظافه فيها الآن تمثل بالضرورة مشكلة للسكان وتلوث البيئة ومصدر لانتشار الأمراض.

لماذا؟ ؟؟؟ وصل بنا الحال الي هذا الوضع رغم أن النظافة العامة في الأحياء تمت خصخصتها ويتم تحصيل مبالغ مالية إجبارية من المنازل والمحلات التجارية علي فواتير الكهرباء ولكن النظافة لم تعد بالشكل الصحيح الذي يرضي السكان والأمر الذي أصبح بالنسبة للأحياء تحصيل حاصل وتفرغ بعض من عمال النظافة للتسول علي الكباري والشوارع دون قيامهم بواجبات وظائفهم  والشركات العاملة لا تؤدي واجبها مثل ما تقوم به في بلدانهم   فالسيارات الاليه لها دور هام في كنس وتنظيف الشوارع الرئيسية والعمال للشوارع الفرعية ولابد أن تعود عمليه غسل الشوارع كما كانت تقوم به البلديات في الخمسينات والستينات ولابد من تجريم إلقاء المخلفات والقازورات في الشوارع ولتكن هناك شركات  مسئولة عن الانضباط في الاحياء تؤدي ذلك  وتحصل غرمات فورية للركن في الممنوع للسيارات أو القاء المخلفات وتدفع مرتبات للافراد العاملين عليها من هذة الغرمات بعيدا عن الحكومة  وان يتيح لها القانون ذلك وتحيل الي النيابة العامة المخالفين المتقاعسين عن تنفيذ القانون  وبعيدا عن النظام الحكومي.

لاشك أن قدرة الدول علي الاستفادة من المتاح لديها من موارد يمكن بفكر ابناءها مع زرع الانتماء لديهم ببناء هذا الوطن ووضعه في المكان المناسب لعظمة هذا الوطن بين الامم، ولتكون تجربة رائدة بمدينة واحدة يشارك ابناء هذة المدينة من خلال روابط شباب الاحياء وشركات تدوير المخلفات والقمامة والمجتمع المدني بتنفيذ التجربة المتكاملة فالشباب اثناء الثورة وبعدها كان ينظف الشوارع ويدهن الارصفه بحب وانتماء فتيان وفتيات ومن مصروفهم الخاص كانوا يشتروا الادوات ولنكرر ذلك ولكن بالاجر للشباب الذي لا تتوفر لدية فرصة عمل ليتحول الي فرد يبني ولا يهدم ولا يترك عرضه للتطرف والانحراف من خلال تجميع الموارد التي كانت تحصل من السكان والمحلات التجارية لتكون حصيلة لدفع رواتب هؤلاء الشباب كالشباب الذي يمكن ان يوزع الخبز علي المنازل او انابيب البوتجاز في صوره واضحة ومنظمة ومرخصة لهذة الخدمات من خلال شركات التوصيل للخدمات مثل باقي الخدمات التي تتم هذه الايام  كالبقالة من السوبر ماركت والاطعمة والصيدلة وخلافه وليكن لدينا منها شركات تجميع القمامة والمخلفات ليتم توزيع الاكياس مطبوعة علي المنازل بالالوان مختلفة ويتم تجميع المخلفات والقمامة مفروزه من الاول.

وكذلك إنشاء صناديق بالاحياء كل صندوق موضح علية العلامات الارشادية لنفس ألوان الاكياس التي توزع علي المنازل التي يتم تجميع الاكياس منها او عن طريق المواطنين انفسهم بوضع اكياسهم في الصناديق العامة  وتجمع الصناديق المتشابهة في عربة واحدة وتنقله الي مكان التجميع حسب طبيعة الفرز ثم تجمع  للمصانع او الممفارم حسب الاستخدام والمواد الاولية المطلوبة، اعتقد ان المجتمع بأفكارة وسواعد ابنائه يمكن ان يحل العديد من مشاكله ولتكن القمامة وتدويرها والاستفادة من كل مكوناتها الاقتصادية هي احد التجارب المجتماعية لصناعة مستقبل افضل للجميع.