الدكتور ربيع عبد العزيز يكتب: حفريات في الذاكرة

ركن القراء

الدكتور ربيع عبد
الدكتور ربيع عبد العزيز


عندما عملت في جامعة الملك فيصل ، كان مكتبنا جامعة عربية، فيه زميلان سعوديان من أعرق العائلات: الدكتور محمد الدوغان، والدكتور عبد الله الحقباني الدوسري، وزميل من بلد عربي شقيق سأصون اسمه وبلده من الذكر لأن ما سأقصه يعنيه..بعد قرابة عامين من تواجدنا في المكتب، قال لي زميلي العربي:( إن لي في مصر مشكلة لن يحلها أحد سواك بإذن الله) ....

أخذتني الدهشة، ثم أنبأني بأن أباه تزوج مصرية منذ أكثر من أربعين عاما، ثم ذهبت معه إلى بلده وأنجب منها ولدا وبنتا، ثم ما لبث أبي أن مات فعادت المصرية إلى وطنها ومعها أخي وأختي من أبي..وقد دام التواصل بيننا ثم انقطع منذ خمس عشرة سنة لم نسمع لهما صوتا..وكل ما نعرفه أنهما كانا يقيمان في محافظة بني سويف.... 
أعطاني اسم أخيه وأخته ، وعلى الفور هاتفت أقاربي: العميد إبراهيم المصري، والمستشار بهاء صالح، وأعطيت صديقي الجوال ليزودهما بما يطلبان من معلومات بعد أن أفهمته مقامات من يهاتفهما....تم تحديد الهدف ووضع تحت السيطرة، .....

في الإجازة الصيفية عاد صديقي إلى بلده يفعمه الأمل بالعثور على أخيه وأخته، وعدت إلى مصر تفعمني الثقة في أن الله سيعيننا على جمع الإخوة، ولكن ا الهدف لم يعد تحت السيطرة..زودني المستشار بهاء يك والعميد إبراهيم بك بمعلومات تتبعنا خيوطها إلى أن هاتفت الفتاة ورجوتها أن تنتظر ريثما أهاتف شقيقها في بلده وأعطيه رقم التليفون الذي يصله بها، وما هي إلا دقائق معدودات حتى كان صديق يهاتفني بأن أخته غير موجودة بالرقم الذي زودته به..عاودت الاتصال وساعدني أوفياء ونبلاء لا أعرفهم ولا يعرفونني من بني سويف، إلى أن هاتفت الفتاة وشرحت لها الطريق من بني سويف إلى قريتي...في عصر اليوم الثاني رأيت رجلا يهبط من سيارة ومعه سيدة..كان الرجل صورة طبق الأصل من زميلي الأكاديمي الذي يعمل معي في جامعة الملك فيصل..رحبت بهما ثم هاتفت شقيقهما في وطنه ليتحقق اتصال بين إخوة تفرقت بهم السبل..كنا نبكي لبكائهما وهما يهاتفان أخاهما..بعد أسبوع كان صديقي يستقبل بالمطار أخته وأخاه...شكرا معالي اللواء إبراهيم المصري...شكرا معالي المستشار بهاء يك صالح..شكرا للنبلاء وأهل الشهامة من أعيان بني سويف...ثرثرة أعتز بها وأهديها لمن أدمنوا الخسة والغدر لعلهم يتعلمون.....