مى سمير تكتب: سيناريوهات الحرب القادمة بين السعودية وإيران

مقالات الرأي



تقرير أمريكى يؤكد تفوق الرياض عسكريا.. وطهران تملك 5 أسلحة متطورة

■ الصراع الحالى تجاوز مذهبى «السنة والشيعة» وأوباما فقد قدرة التأثير على المشهد الدولى 
■ القوات الجوية المتطورة لدى السعودية قادرة على تدمير كل المرافئ الإيرانية تقريبا ومحطات شحن النفط وأهم الصناعات الإيرانية

يرى آرون ديفيد ميلر، نائب رئيس المبادرة الجديدة فى معهد ويلسون وودرو للأبحاث السياسية بالولايات المتحدة، أن السؤال الدائر حاليا حول نشوب الحرب بين السعودية وإيران غير منطقى بالمرة.

ونشر ميلر تقريرا بعنوان «حرب إيران والسعودية الدائمة» وذلك بالتعاون مع المستشار الخاص للمركز جاسون برودسكى، ويرى ميلر أن الحرب قائمة بالفعل، لكنها حرب بالوكالة، غير أن السؤال الأكثر منطقية، فى وجهة نظره هو: ما شكل التصعيد الذى يمكن أن يحدث فى ظل احتداد المنافسة بين القوتين؟

1- منافسة مشتعلة

يملك ميلر الذى شغل من قبل منصب مستشار لعدد من وزراء الخارجية الأمريكية خبرة واسعة فى مجال السياسة الخارجية وقضايا الشرق الأوسط، ويرى أن هذه التوترات بين السعودية وإيران ليست مجرد مرحلة عابرة، وإنما منافسة مشتعلة وساخنة، فتلك الحرب الباردة ستكون واحدة من أهم السمات التى ستميز ما يمكن وصفه بالشرق الأوسط الجديد، غير أن التوتر الأخير بين الدولتين لا يرجع فقط إلى الصراع المذهبى ولكنه يرتبط – أيضا - بتغير طبيعة الدولتين والكيفية التى تنظر بها كل دولة لنفسها ولدورها فى المنطقة، فالصراع القائم مختلف عن التنافس الشيعى السنى كما كان فى التسعينيات.

تشعر الرياض بالضغط مع انخفاض أسعار البترول، تصاعد العجز، الحرب المكلفة ضد الحوثيين، والصعود الإيرانى، ومع شعورها بالغضب من أمريكا بسبب الاتفاق النووى الإيرانى وعدم تدخل واشنطن بشكل حاسم للقضاء على نظام الأسد، قررت الرياض التحرك على نحو واسع وغير مسبوق فى اليمن، كما لعبت دورا كبيرا فى دعم الميليشيات المعادية للأسد بما فى ذلك جماعات قريبة من القاعدة، بخلاف إعدام الداعية الشيعى نمر النمر.

وفى المقابل، تشعر إيران بمزيد من الجرأة بفضل الاتفاق النووى والذى من المرجح أن يوفر لها المليارات مع تخفيف العقوبات، بخلاف منحها شرعية دولية، غير أن طهران عازمة على مواصلة سعيها المتواصل للحصول على النفوذ الإقليمى من خلال دعم نظام الأسد والميليشيات الشيعية الموالية لإيران فى العراق وحزب الله فى لبنان، كما تساعد الحوثيين فى اليمن.

كما واصلت إيران اختبار حدود الاتفاق النووى من خلال متابعة برامج الصواريخ الباليستية، وهى تعتمد على رغبة الولايات المتحدة فى رؤية نجاح الاتفاق النووى، وفى هذا الإطار فإن نجاح السعودية فى دفع عدد من دولة الخليج فى اتخاذ موقف معاد من إيران سوف يؤدى إلى تعميق مخاوف المحافظين الإيرانيين وتوفير الذخيرة الإضافية لمواجهة هذا التحالف السنى.

وجاء إعدام النمر فى وقت كانت فيه الرياض وطهران فى مفترق طرق، وسيتحول قرار السعودية بإعدام النمر إلى أحد الموضوعات الرئيسية فى إيران سيتم استخدامها سياسيا من قبل المتشددين فى الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة المنتظر انعقادها فى الشهر القادم. ويحاول المتشددون إضعاف الرئيس الإيرانى الذى اكتسب نفوذا قويا بعد عقد الاتفاق النووى.

منذ فترة طويلة ينظر إلى الرئيس الإيرانى حسن الروحانى باعتباره من مؤيدى توطيد العلاقات مع السعودية، خاصة أنه يتمتع بعلاقة قريبة مع الرئيس الإيرانى السابق هاشمى رفسنجانى والمعروف بعلاقته القريبة مع قادة السعودية.

فى التسعينيات، قاد الروحانى ورفسنجانى حوارا دبلوماسيا مهما عن التعاون الأمنى مع الرياض، وفى عام 2014 صرح الروحانى بأن علاقة إيران مع أكبر دولة مصدرة للبترول فى منظمة الأوبك يجب أن تكون أكثر دفئا، وفى حوار أجراه هذا الصيف أشار رفسنجانى إلى أن التعاون مع السعودية له أولوية فى الدستور الإيرانى.

بالتالى فإن تطورات الأوضاع بين الدولتين ستجعل المحافظين يستغلون الانتخابات القادمة باعتبارها بمثابة استفتاء على إدارة الروحانى، وهناك رهانات على المحك فى الانتخابات القادمة خاصة انتخابات مجلس خبراء القادة الذى يتمتع بنفوذ كبير باعتباره الكيان الذى يشرف ويختار المرشد الأعلى.

ومع الشائعات المنتشرة فى الشرق الأوسط بشأن تدهور صحة المرشد الأعلى الإيرانى على خمائنى، ومع تشكيل المجلس مؤخرا للجنة من أجل إعداد المرشحين المحتملين لمثل هذا المنصب، فإن المجلس القادم هو من سيحدد اسم المرشد الأعلى الجديد.

أما فى الرياض، فأسفرت بعض القضايا المشتعلة «الاتفاق النووى، انخفاض أسعار البترول، مشاكل الميزانية، تخفيضات الدعم والحرب ضد داعش» عن ضغوط كبيرة على العائلة المالكة السعودية دفعتها للبحث عن الدعم من قبل تيار المحافظين المتشددين.

2- العراق وسوريا

سوف يسفر الصراع بين إيران من جهة والسعودية والدول الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى من جهة أخرى، عن مزيد من التوتر والقلق والحيرة فى الملاعب الرئيسية بالمنطقة «سوريا والعراق».

عرض العراق أن يلعب دور وسيط، وليس شريك، فى الصراع، كان بمثابة إشارة واضحة أن بغداد بحاجة لاسترضاء الدائرة السنية المحبطة والذى يعد تعاونها ضروريًا من أجل تحقيق الاستقرار فى البلاد.

لكن البعض فى الطائفة الشيعية فى العراق سوف يطلب رد فعل أكثر قوة من مجرد لعب دور الوسيط وهو الأمر الذى من شأنه إضعاف رئيس الوزراء حيدر العبادى، وانعكس ذلك فى ردود أفعال قادة المجتمع الشيعى فى العراق مثل مقتدى الصدر، عصائب أهل الحق، ومنظمة البدر والذين حثوا الحكومة العراقية على الامتناع عن فتح السفارة السعودية الجديدة فى المنطقة الخضراء.

وأدان آية الله السيستانى عملية الإعدام ووصفه بغير العادل، وتوقع رئيس الوزراء السابق نور المالكى إسقاطًا وشيكًا للحكومة السعودية.

وتعزز ردود الأفعال القوية من قيادات الشيعة أسوأ المخاوف لدى الطائفة السنية وبالتالى سيكون من الصعب تجنيد مزيدًا من أعضاء السنة من أجل محاربة تنظيم داعش أو من أجل الاستعداد للمعركة الفاصلة ضده وهى معركة الموصل المنتظرة.

أما فى سوريا، فمن المنتظر أن تبدأ مباحثات السلام فى 25 يناير بين ممثلى الحكومة والمعارضة. وكان وزير الخارجية السورى قد أعلن بعد عملية إعدام النمر أن الحكومة مستعدة للمشاركة فى المباحثات ولكنه يطالب بقائمة لهؤلاء الذين سيسمح لهم بالجلوس على طاولة المفاوضات وهؤلاء الذين يندرجون تحت وصف الإرهابيين.

وعلى الرغم من تأكيدات وزراء خارجية السعودية وإيران بأن التوترات الحالية لن تؤثر على مباحثات السلام (عملية جينيف) إلا أن تصريحات قائد حزب الله حسن نصر الله تزيد من تعقيد الموقف وضبابية الصورة، خاصة أنه لم يتردد فى شن هجوم كبير على المملكة العربية السعودية مع تصاعد تبادل التصريحات الصارمة بين ممثلى الدولتين. كل هذه التطورات تزيد من مخاطر الخطأ فى الحسابات أو سوء الفهم. وفى مسار دبلوماسى هش ومحفوف بالفعل بحالة انعدام الثقة، فإن سوريا ستكون هى الأكثر تأثرًا فى ظل أوضاع تعطى الفرصة لتنظيم داعش ليكسب وقتا وأرضا لاستكمال خططه.

3- الدور الأمريكى

يرى الكاتبان ميلر وبرودسكى أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما من الممكن أن تلعب دورا كبيرا لاحتواء تداعيات التنافس الإيرانى السعودى، لكن.. حتى إذا نجحت أمريكا فى تجنب التصعيد، فإن الواقع يشير إلى أن نفوذ واشنطن على كل من الرياض وطهران قد تضاءل بشكل واضح فى الفترة الأخيرة.

فالحكومة السعودية ترى أن الولايات المتحدة لم تكن صارمة بما فيه الكفاية مع إيران، التى تدرك أن أوباما حريص على نجاح الاتفاق النووى كما يحتاج إلى مساعدتها فى سوريا، وبالتالى تشعر طهران أنها يمكن أن تلعب بقسوة مع أمريكا إذا لزم الأمر. علاوة على ذلك، فإن مع العام الثامن لرئاسة أوباما، يبحث حلفاء أمريكا وكذلك خصومها عن الرئيس الأمريكى القادم.

وفى ظل هذه الحقائق فمن غير المرجح أن يكون لواشنطن تأثير كبير فى إعادة تشكيل التنافس السعودى الإيرانى أو تحديد أى من البلدين ستقوم واشنطن بالوقوف إلى جواره لحماية مصالحها فى المنطقة.

4- الحرب العسكرية

ومن جانبه يرى مايكل نايتس الباحث الأمريكى فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذى أكد فى ورقة بحثية نشرت على موقع المعهد، أن من المرجح أن تتصاعد هذه الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران لتنتهى فى نهاية المطاف إلى اشتباك مباشر يتسم بالحدة قد يستمر لفترة قصيرة قبل أن يتراجع إلى حرب جديدة بالوكالة.

وتعد الحرب بالوكالة الأسلوب الأمثل الذى تفضله كلتا الدولتين، بعد الحرب العراقية الإيرانية فى الثمانينيات من القرن الماضى والتى استمرت لسبع سنوات مدمرة، أصبحت إيران تفضل أسلوب الحرب بالوكالة والذى انعكس فى تدعيمها لحزب الله اللبنانى، الميليشيات الشيعية العراقية وحركة حماس.

وتفضل المملكة عدم الدخول فى مواجهة عسكرية مباشرة. والامداد العسكرى الذى تقدمه إيران يعكس أهمية هؤلاء الوكلاء، فقد أمدت إيران حزب الله بمنظومة صواريخ يصل مداها إلى تل أبيب كما يملك حزب الله مخزونًا من الصواريخ الموجهة والمتطورة والعبوات الناسفة، هذا إلى جانب صورايح ياخونت المتطورة والصواريخ المضادة للسفن من نوع أس-802 التى يملكها أيضا الحوثيون.

كما تحظى الميليشيات الشيعية فى العراق بدعم إيران التى تمدها بأنظمة دعم جوى ومدفعيات ومعدات عسكرية هذا إلى جانب الدعم الطبى، أكثر ما يثير إزعاج المملكة هو محاولات التدخل الإيرانية سواء فى البحرين أو فى المنطقة الشرقية بالسعودية والغنية بالنفط.

وفى ظل هذه المنافسة المشتعلة بين إيران والسعودية، فإن التساؤل الأكثر أهمية يتمحور حول الخطوة التالية فى هذا الصراع.. ويؤكد الباحث الأمريكى أن مستقبل هذا الصراع قد يتضمن عدة مراحل، فى المرحلة الأولى قد تسعى كلتا الدولتين إلى اختبار الطرف الآخر دون الدخول فى مواجهة مباشرة.

قد تبدأ إيران بإثارة الأحداث العنيفة فى المنطقة الشرقية من السعودية والبحرين، ويمكن أن تسعى إلى تعزيز المدافع الصورايخية الساحلية لدى الحوثيين، وقد تشهد المرحلة الثانية تصعيدا فى الحرب بالوكالة الدائرة فى سوريا والتى تعد بمثابة الملعب الرئيسى لمعركة السعودية ضد النفوذ الإيرانى. وكذلك يمكن لإيران أو لدول الخليج الانخراط فى مضايقات قائمة على مبدأ العين بالعين، أو اقتحام السفن، أو حتى استخدام الألغام البحرية بشكل يسهل إنكاره فى الطرق التجارية للدولة الأخرى. (وهذا تكتيك استخدمته إيران فى ثمانينيات القرن الماضى). زد إلى ذلك أن حرب الإنترنت قد تكون هى أيضا سلاحا يسهل إنكاره وتختاره كلتا الدولتين.

فى مرحلة ما خلال الأعوام المقبلة، من المحتمل أن نرى كلا الطرفين يخطئ فى حساباته ويطلق العنان لقوة عسكرية وجيزة وحادة للغاية ضد الآخر، وفى تلك الحالة فإن الوضع ينذر بمخاطر شديدة، من جانبها سوف تحرص أمريكا على تذكير الطرفين بأهمية تفادى النزاع المباشر وحصر نزاعهما بالأراضى التابعة للأطراف الثلاثة ذات الحظ السيئ.

5- الأسلحة

اليوم تملك إيران ودول الخليج أسلحة أقوى من تلك التى امتلكتها خلال الحرب الإيرانية-العراقية، والقوات الجوية المتطورة لدى السعودية والإمارات العربية المتحدة قادرة اليوم على تدمير كل المرافئ الإيرانية تقريبا ومحطات شحن النفط وأهم صناعاتها بواسطة الذخيرة الموجهة بدقة عن بعد، وفى المقابل، يمكن لإيران أن تضرب ساحل الخليج بإسقاط مجموعة الصواريخ غير الموجهة والصواريخ الموجهة بعيدة المدى.

وبحسب محرر الشئون العسكرى فى مجلة ذا ناشونال انترسيت، فإن القوات الإيرانية لا تملك نفس القدرات التكنولوجية والعسكرية التى تمتلكها السعودية المسلحة عسكريا بشكل كبير، إلا أن إيران يمكن لها أن تستخدم معداتها وجنودها على نحو يجعلها متساوية عسكريا مع السعودية. وكانت العقوبات قد ألحقت أضرارًا خطيرة بالقوات الإيرانية ولكنها فى انتظار وصول نظام الدفاع الصاروخى الروسى أس-300.

وفى ظل تفوق الإمكانيات العسكرية السعودية، فإن إيران تعتمد على خمسة عناصر رئيسية لصناعة قوتها العسكرية.

أولا، فيلق القدس، فى حين أنها لا تعد سلاحا فى حد ذاته، إلا أن هذه الوحدة المهمة فى قوات الحرس الثورى الإيرانى هى فى الأرجح واحدة من أكثر الأدوات فعالية لدى الجيش الإيرانى، ويبلغ عدد أعضاء وحدة العمليات الخاصة السرية 15 ألف جندى، وقد نجحت هذه الوحدة فى توجيه ضربات موجعة للجيش الأمريكى أثناء الاحتلال الأمريكى للعراق ونجحت فى تحويل حياة الجنود الأمريكان إلى كابوس.

تولى كوماندوز وحدة فيلق القدس تدريب الميليشيات الشيعية، كما دعموا تلك الميليشيات بالأسلحلة لاستخدامها ضد القوات الأمريكية بما فى ذلك المتفجرات خارقة الدروع والتى نجحت فى إصابة دبابات القتال الرئيسية ابرامز. وكانت هذه المتفجرات سببا فيما يقرب من خمس الخسائر الأمريكية فى العراق. يعمل فيلق القدس فى مختلف أنحاء العالم، فقد حاول اغتيال السفير السعودى فى واشنطن بعملية كانت على الأراضى الأمريكية، كما يشارك فى محاربة تنظيم داعش فى سوريا والعراق.

ثانيا، الصواريخ الباليستية، لاتزال لدى طهران القدرة على توجيه ضربات قوية باستخدام الصواريخ الباليسيتة، فلديها مجموعة من الصواريخ تحت تصرفها بما فى ذلك صاروخ عما الذى يعمل بالوقود السائل ويبلغ مداه ألف ميل. كما أن لديها عائلة شهاب للصواريخ الباليستية.

وقد أجرت إيران تطويرات فى صواريخ شهاب جعلت مداه يصل لـ 2400 ميل. أهم الصواريخ الإيرانية هى تلك الأسلحة التى تعمل بالوقود الصلب.

ثالثا، السفن سريعة الهجوم، التى يمكن استخدامها لتهديد صادرات النفط السعودية عن طريق محاولة إغلاق مضيق هرمز أو تعطيل حركة الملاحة فى الخليج الفارسى، كما فعلت من قبل فى ثمانينيات القرن الماضى.

رابعا، الغواصة غدير والمصممة للعمل فى المياه الضحلة فى الخليج الفارسى، والتى يمكن أن تستخدمها إيران لمهاجمة السفن والموانئ السعودية أو لنشر قوات الكوماندوز الإيرانية على الأراضى السعودية.

خامسا، يعتقد أن إيران تمتلك صاروخ كروز بعيد المدى يطلق عليه السومار والذى يصل مداه إلى 1500 ميل.

6- تاريخ طويل

وفى سياق النزاع بين الدولتين، صدر حديثا فى بريطانيا كتاب (المملكة العربية السعودية وإيران: المنافسة والسلطة فى الشرق الأوسط) للدكتور سيمون مابون أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة لانكستر ومدير معهد ريتشاردسون والباحث المشارك فى مركز السياسة الخارجية. يركز الكتاب على تاريخ المنافسة القائمة على ثوابت طائفية بين الدولتين والتى يعود تاريخها إلى عام 1979.

يتضمن الكتاب سبعة فصول يحاول من خلالها شرح طبيعة التنافس المعقد بين الرياض وطهران، فى الفصل الأول الذى يحمل عنوان (الشرق الأوسط فى العلاقات الدولية) يقدم الكاتب إطارا تحليليا لواقع هذه المنافسة القائمة على ما وصفه بمعضلة التناقض.

فى الفصل الثانى وتحت عنوان الخليج العربى فى مواجهة الخليج الفارسى يرسم الكاتب خريطة المنافسة الجيوسياسية بين الرياض وطهران والتى تمركزت حول الخليج الفارسى وبلاد الشام، هذه المنافسة تعقدت بفضل التدخل الأمريكى فى المنطقة وبفضل الحرب بالوكالة التى أشعلت الصراع بين الدولتين.

فى الفصل الثالث وتحت عنوان (تاريخ، سياسات وروايات بناء الدولة) يؤكد الباحث البريطانى أن بناء الدولة فى السعودية وإيران يعتمد بشكل أساسى على الإسلام الذى يستخدم كأداة لإضفاء الشرعية للأنظمة وحل معضلات الأمن الداخلى وتثبيت الشرعية فى الخارج، أدى هذا إلى نمو التنافس الطائفى بين الرياض وطهران.

فى الفصل الرابع وتحت عنوان (التناقض الدينى)، يناقش الكتاب فكرة أن تواجد هويات مختلفة داخل كل دولة يمثل تحديا لأيديولوجية الدولة أو لأراضيها وحدودها، ويضيف أن هذا التناقض قد ينتج عنه توتر بين الدول. وفى ظل التنافس الطائفى بين طهران وإيران عانت الأقلية الشيعية فى السعودية والأقلية ذات الأصول العربية فى طهران من الشكوك حول انتمائها الحقيقى، وقد شعرت السعودية بالشك تجاه الأقلية الشيعية فى ظل مزاعم أن ولاءها الحقيقى لإيران والعكس صحيح. ولعل هذا أكبر دليل كيف يمكن أن يؤثر التنافس الخارجى على الشأن الداخلى وقد يهدد استقرار الدولة.