"الفجر" ترصد معاناة ومطالب سائقو وعمال "النقل العام "

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


مسلسل المطالب عرض مستمر .. والهيئة "أذن من طين وأخرى من عجين"
بين ضعف الأجور ومضايقات "الميكروباص" وغياب الرقابة !! 
السائقين: المرتب لا يتعدى الــ700 جنيه .. والهيئة: "اللي مش عاجبه يمشي" !!

هنا في محطة عبد المنعم رياض، لا صوت يعلو فوق صوت صافرات العربات والمزاح والمشادات بين السائقين، فينفجر محمد أحمد، سائق أتوبيس خط التحرير – القناطر، بالحديث مع محرر "الفجر" : "بقالي  12 سنة شغال في الهيئة وعندي بيت مفتوح وأولاد عايزين تربية وحياة كريمة ومرتبي لا يتجاوز الـ 600 جنية والقبض مستحيل يتعدى الـ 700جنيه بالحوافز، منهم 200 جنيه أساسي وباقي المبلغ من الحوافز والبدلات، وبعد إجراءات الكشف مش بنحصل على الدواء إلا بعد 14 يوم".
وطالب الحكومة بتطبيق الحد الأدنى للأجور الـ 1200 جنيه، مثلما وعدت في يناير الماضي ولم ينفذ ذلك، ليلخص بذلك حياته على مدار 12 عاماً قضاها جالساً على مقعد يهتز من رداءة الطرق ممسكاً بطارة الأمان، ويلخص بها أيضاً مطالب ومشاكل عمال هيئة النقل، التي ما أن تدخل إلى الجراج أو موقف وتوجه سؤال لأحدهم حتى تستمع لنفس المأساة، فعمال هيئة النقل العام الذين يتراوح أعدادهم بين 40 إلى 45 ألف، عامل وتتراوح مرتباتهم من 500 إلى 800 جنيه كحد أقصى.
 
مواعيد العمل ووعود زائفة
وعن العمل في الهيئة، قال محمد: "بخرج للشغل من الساعة 3 صباحاً وحتى الساعة 12 ليلاً أي أكثر من 10 ساعات عمل دون وجود أي إعانة، بعد أكثر من 20 عام خدمة في القطاع، ومع ذلك لا يوجد رعاية صحية للعامل أو لأحد من أسرته"، مضيفا أن عمال الهيئة هم أقل عمال الحكومة في مرتباتهم مقارنة بعمال شركة الكهرباء والبترول، وغيرها من الشركات الحكومية .
وتابع السائق: "الحكومة وعدتنا بتطبيق قرار الحد الأدنى للأجور يوم 1 يناير الماضي، ثم وعدونا يوم 5 فبراير بتسليم العمال شهر يناير وفبراير معاً، وهو ما لم يحدث أيضا.
 
معاناة الرحلة ومنافسة "السرفيس
واستكمل "محمد": "الشارع أصبح مكتظ بالسيارات الملاكي التي يقوم أصحابها بالركن على جانبي الطريق بداية من ماسبيرو إلى بعد النايل ستي، بالإضافة إلى سيارات الأجرة (السرفيس) والتي تمثل لنا أكبر أزمة وهي التأخير عن مواعيد الوصول للمحطات، مما يجعلنا نستعجل الخروج بسرعة بدون أي راحة لنا، فإنه يقف أمامنا في نصف الطريق لتحميل الركاب حتى لا نستطيع أن نمشي أمامه لأنه يعتقد أننا نؤخر رزقه".
 
700 جنيها لا تكفي !!
يبدأ أجر السائق في هيئة النقل العام اليوم ب 60 جنيهًا، بينما يعين المحصل على أجر أساسي قدره 47 جنيه، ويعتمد الاثنان اعتمادًا كليًا على الحوافز التي تنقسم إلى عدة أنواع أهمها الحافز الثابت وعائد الإنتاج، فيأخذ المحصل 2،5 % حافز ثابت و1 % عائد إنتاج على الجنيه، بينما يحصل السائق على 2 % حافز ثابت و1 % عائد إنتاج على الجنيه.
 
علاقة الحوافز ببيع التذاكر
أوضح محمد عبد الرحيم، أحد محصلي النقل العام، أن المرتب الأساسي لا يتعدى الـ 300 جنيه وبعد الحوافز لا يتعدى الــ 700 جنيهاً ايضاً، لافتاً إلى أنه لزيادة الدخل يحصلون على الحوافز التي تأتي من بيع التذاكر، فكلما زادت نسبة بيع التذاكر كلما زادت الحوافز ومعها الرواتب التي لا تكفي لفتح بيت- حسب قوله.
 
 استحالة الغياب
أما بالنسبة للعطلة الأسبوعية للعاملين بهيئة النقل العام، فترتبط راحة أي عامل بجدول راحة السيارات، حيث هناك راحة أسبوعية لكل سيارة، ولا يأخذ العامل راحته إلا مع سيارته بغض النظر عن أي ظروف.
أما بالنسبة للإجازات سنجد أن هناك صعوبة حقيقية لعمل أي يوم إجازة، فبالإضافة إلى استحالة الغياب في أيام 18، 19 فإن هناك ذات الاستحالة في الحصول على أي إجازة يومي 29، 30 وهم اليومين التاليين للقبض "يوم 28"، كما أنه تمنع أي إجازة أيام الأعياد.
 
أزمة الإجازات
وتعمل كل من الهيئة والشركة في ظل ورديات، تكفل أن يكون العمل مستمرًا 20 ساعة يوميًا تقريبًا، والمفترض أن يعمل كل من السائق والمحصل 8 ساعات فعلية، ولكن أحيانًا كثيرة تصل عدد ساعات عملهم إلى عشر أو أحدى عشر ساعة، كما أنه من المفترض أن يحصلوا على 25 % زيادة على الإضافي، ولكن في أحيان كثيرة يشكوا السائقين من أن الإضافي لا يتم حسابه بالرغم من ساعات زائدة.
ووصل التعسف في القطاعية إلى الاستفزاز، فبعد قرار منع الإجازات خلال أيام العشرة الأولى من الشهر، صدر قرار غريب لا يدل سوى على الاستهانة بظروف هؤلاء العمال ومن أجل توفير عدد الأوتوبيسات التي تعود بالعمال الذين يسكنون في مناطق بعيدة إلى منازلهم، ومفاد هذا القرار أنه تم تأجيل عودة أوتوبيس الدورة الذي يعود بالعمال إلى منازلهم في المساء ليكون بدلاً من الساعة الواحدة والنصف مساء على الثانية والنصف مساء.

العلاج و الزيادة السنوية
وتعد حالة العلاج بمستشفى الهيئة من أسوأ ما يكون ولا ويوجد ما يسمى بالعلاج الأسرى، إذ لا تصرف الهيئة لعمالها مكافأة الإنتاج الواجب صرفها أثناء إصابة العمل بمتوسط حساب آخر ثلاثة شهور.
 كما أكد العديد من العمال أن الهيئة لا تدفع التأمينات الاجتماعية لهم، منذ شهور وبعد اكتشاف عدد كبير من العمال أن الهيئة لا تقوم بدفع التأمينات، وقيام بعضهم بالمطالبة بحقهم في التأمينات، تم نقلهم للعمل في مناطق بعيدة جدًا عن منازلهم، ووزع منشور بجميع المحطات الإجراءات تقول بأن موضوع التأمينات إشاعة مغرضة وغير صحيحة.
 أما عن العلاوات الدورية فهي تقتصر على النسب البخسة الآتية: جنية ونصف زيادة سنوية للمستوى الخامس بالدولة – المحصل -، وأثنين جنية للمستوى الرابع – السائق -، وأربعة جنيهات للمستوى الثالث، وخمسة جنيهات للمستوى الثاني.
وقاد هذا القرار الاستفزازي  إلى قيام العمال باحتجاجات، وذهب إليهم رئيس قطاع الحركة بالهيئة، وعندما قام العمال بالشكوى له قائلين: "يستحيل علينا عمليًا الذهاب في هذا الوقت والعودة اليوم التالي"، رد عليهم باستفزاز قائلاً: "اللي مش عجبه يسيبها"، فقام العمال بضربه بالطوب، واستمر الأمر حتى جاء المحافظ القاهرة ونبيل المازني رئيس الهيئة، وانتهى بمجرد وعود في الساعة الرابعة مساء.
نداء للحكومة
وفي هذا السياق قال " جابر خليل علي" أحد سائقي النقل العام، إن الهيئة لا تصرف لهم العلاج وكل الذي يتحدثون عنه مجرد كلام "حبر على ورق"، لافتاً إلى أن الهيئة تستغل العمال لصرف الحوافز التي لا يحصلون إلا على القليل منها، وأن هناك عدد كبير من عمال الهيئة لا يدفعون التأمينات، ومشيراً إلى أنه عندما طالب بعضهم بحقه في التأمينات قاموا بنقلهم في أماكن أخرى .
بهذه الكلمات اختتم سائقي وعمال هيئة النقل العام حديثهم مطالبين الحكومة بالنظر في أمرهم وتسويتهم بباقي المؤسسات الحكومة ورفع رواتبهم إلى 1200 جنيه، والدفاع عنهم من سائقي "الميكرباص"  في رحلة الذهاب والعودة إلى العمل.