65 عام بين الأموات .. " تُربي" المنيا يروي تفاصيل مهنة "الأسرار"

محافظات

بوابة الفجر


" كم من عزيزٍ أذل الموتُ مصرعه.. كانت على رأسهِ الراياتُ تخفقُ ".. منذ أن تطأ قدمك هذا المكان، تصيبك حاله أما السكينة أو الخوف كل منهم على حسب أعمالك، وتتوقف لدقائق أمام جدران والمدافن لترى حكايات وأساطير.

تبدأ "الفجر" جولتها داخل مقابر "الفحام"، تلك المقابر الكائنة بقرية "الزاوية القبلية، التابعه إداريًا لمركز المنيا، لتكشف أسرار الموتى الأحياء، وأساطير الحقيقة والسراب.. ففي تمام الساعه الثانية عشر ظهرًا بدأت جولتنا داخل مقابر ومدافن الفحام، كانت شوارعها تكاد تكون خالية من الزائرين الموزعين "الرحمة والنور" على أهالى المنطقة.

تميزه نظرة عينيه الواثقة الغامضة، عبد الفتاح عبد الحميد ابراهيم مهنته "التربي"، البالغ من العمر 86 عاما، التي توارثها عن أجداده، وبدأ في ممارستها وهو في سن العشرين عاما، حين كان يصحبه والده معه في حالات الدفن ليعتاد على الأمر ولا يهاب الاقتراب من الموت، يبتسم "عبد الفتاح"، متباهيا: بعد أكثر من 65 عامًا في هذه المهنة يمكنني أن أنام نوما هنيئا داخل القبور ووسط الموتى.

"65عاما مع الموتى"

يقول "عبد الفتاح" لـ"الفجر": قضيت 65 عاما فى مهنة دفن الموتى داخل القبور، ولم يقتصر الامر على دفن الموتى فقط، ولكن دورى فى مقابر "الفحام"، الاهتمام بالمدافن ورعايتها وتأمينها من المخربين او سارقى بوابات المدافن، يساعدنى في العمل نجلي " سيد" ذاك الشاب الثلاثينى، وريثي في المهنة، ليستكمل المسيرة.

"من أرواح الميتين"

"ما عفريت إلا بنى آدم ".. هكذا برر عبد الفتاح عدم شعوره ونجله بالخوف أو القلق من العيش داخل المقابر، حيث قال: منذ قدومنا للحياة لا نرى سوى أموات ومقابر، فأصبحت هى حياتنا الطبيعية، نستقبل الموتى، واعتاد أبنائى على التجول فى المقابر كل يوم دون خوف من أرواح الميتين كما يزعم البعض.

"التربة تسع بدل النفر ألفين" 

ويوضح "عبد الفتاح" العبارة الشهيرة التى تقول "التربه تساع بدل النفر ألفين" قائلا: مساحته التربة متر ونص فعندما يزداد عدد الموتى أقوم بفتح التربة وأقوم بالنزول داخلها وأبدأ فى تجهيز المدفن بإزاحة المتوفي القديم المدفون داخل التربة ويكون في ذلك الوقت عبارة عن رفات فقط "عظام "، كما أقوم بتنظيف التربة من الحصا والحجارة، كما اقوم بأضافه رمال جديده داخل المنامة وأجهز المدفن للمتوفي الجديد القادم، ويضيف، ان ذالك الموضوع أقوم بتكرارة مرات عديده عندما تكون المنامة واحدة وعدد أفراد الاسرة كبير ولا يملكون إلا مدفن واحد، لذلك خرجت مقوله "التربه تسيع بدل النفر ألفين".

"إنتهاك لحرمة الميت"

ويوضح "عبد الفتاح" أن عقوبة دفن ميت دون تصريح تصل إلى السجن لثلاث سنوات، ومن الحالات الشاقة عليه أنه أحيانا وبعد التصريح بالدفن تأمر النيابة باستخراج الجثة مرة أخرى للمعاينة أو إعادة التشريح "أصعب حاجة لما افتح القبر مرة تانية لأنه إنتهاك لحرمة الميت".

حكي "عبد الفتاح" أغرب موقف شاهده في مدفن، خلال خديثة مع "الفجر"، قائلا: ذات يوم تلقيت إتصال من إحدي الاسر، يؤكدون قدومهم الى المدافن وبصحبتة جثمان طلف متوفي، ويطالبوننى يتجهيز المدفن، بالفعل وصلت الاسرة وتحمل بين أيديها طفل صغير، أستغفرت الله تعالى وقمت بأستلامة ووضعته داخل المنامة الخاصة بة، وعندما نويت إغلاف باب المدفن فوجئت بصوت بكاء بصوت منخفض يخرج من المدفن، نبهت الاسرة بالصوت وقمت بفتح المدفن مرة أخرى وبالفعل أتضح أن الطفل غير متوفى كانت الفرحة كادت أن تودى بحياه والدته بعد ما تم تسليمة لها مرة اخرى.. وعن تحركات الموتى وانفعالاتهم داخل المدفن يقول "عبد الفتاح"، ذات ليله جائتنى عائله قضى الله تعالى أن يموت أحد شبابها غرقًا، فبعد أن تم تغسيله من قبل الاسرة، تم الاتصال بى لتجهيز المدفن الخاص بهم والاستعداد لاستقبال متوفى تابع للاسرة، جاءت الأمانة "المتوفى "، تم إنزاله داخل المدفن وفور رفع الكفن عن وجهه" كشف الوجه" فوجئت بأنفعال من قبل الشاب المتوفى وقام بضرب يده على دقنة رد فعل غريب.