إيمان كمال تكتب: أهل الفن "صحيح مساكين"

مقالات الرأي



فى فيلم عائلة زيزى ترفض الأم «عقيلة راتب» دخول ابنتها «سعاد حسنى» مجال التمثيل خوفا من «السمعة السيئة المعروفة عن الفنانين» فيرد عليها ابنها الأكبر الذى يجسده «فؤاد المهندس» بأن مهنة الفن كغيرها من المهن بها أشخاص صالحون وأشخاص فاسدون كأى مجال إلا أن الأضواء المسلطة عليهم والصحافة الصفراء التى تختص بأخبار فلان أحب فلانة وعلان أقام علاقة مع علانة تسببت فى تشويه صورتهم.

فى معظم أفلامنا الفنانة  «ارتست» امرأة سيئة السمعة تستجيب للعلاقات.. ليل نهار تعيش بين الشرب والخمور، هى امرأة بلا عائلة فقد تكون هربت أو تمردت - متلازمة الانحلال مع العمل بمهنة الفن – مما يضطر صناع العمل فى نهاية الحدوتة أن تعلن البطلات التوبة كى تعيش حياتها طبيعية ويتقبلها المجتمع.

يسألنى الكثيرون حين أدافع عن الفن والتمثيل هل تقبلين أن تكون ابنتك فنانة؟ أرد ببساطة «ياريت».. بل أحلم بأن تكون استعراضية مثل سعاد حسنى ونعيمة عاكف والطفلة فيروز –إن رغبت بالتأكيد- لكن الصدمة الحقيقية حين قمت بالاستفسار على أحد الجروبات النسائية عن أماكن وطرق تعليم الاستعراض معبرة عن حلمى بأن تكون ابنتى استعراضية مثل نجوم الزمن الجميل.. فوجدت سيلا من السباب  واللعنة لأفكارى ولمهنة الفن وبأنه لابد وأن أراجع نفسى قبل أن أدخلها بيدى فى الضلال.

وهو ما دفعنى للتساؤل لماذا نهتم بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج؟ إذا كنا نرى بأن من يقومون بها أشخاص سيئو السمعة؟ لماذا نحب أفلام الزمن الجميل مادام هناك تأكيد واضح من مجتمع الفضيلة بأن أهل الفن مذنبون طوال الوقت وفى ضلال وانحلال؟

فترة دراستى الجامعية عملت بالتمثيل لسنوات محدودة.. وكنت أتعامل بحذر شديد بسبب السمعة «المتعارف عليها» وكنت صغيرة السن ومحدودة الخبرة.. بكل تأكيد قابلت الصالح والفاسد.. وعملت فى نفس المرحلة العمرية بمهن مختلفة مصنع..شركة.. تدريس سعيا وراء التجارب والخبرات.. ولم تكن الصورة وقتها وردية.

أتذكر جيدا أول عمل لى كنت مازالت 15 عاما ذهبت للعمل فى مصنع لصديق والدى رحمه الله.. لا أنسى «الخضة» التى شعرت بها وأحد الأشخاص المسئولين فى العمل قرر أن  يتحدث لى على سبيل «الدردشة» عن علاقات جنسية وكيف تقوم بعض النساء اللاتى يعرفها بالعادة السرية، وبطفولة وبراءة تجاهلت الموقف تماما.. وتعرضى لكم من الألفاظ والتحرشات من أشخاص  آخرين فى مهن مختلفة.. وهو بالتأكيد لا يهين المهنة ولا أصحابها وإنما يهين الشخص «الفاسد بالضرورة».

بديهيا لا يوجد مهنة فى العالم كل من يعمل بها صالحون فقط ولا حتى فاسدون، فجميعنا بشر نحمل بداخلنا  «الصواب والخطيئة».. كما أن الفنانين بكل تأكيد يوجد بينهم النقيضان.. وهنا أعود لمقولة الراحل الجميل فؤاد المهندس بأن تسليط الأضواء وحب النميمة جعلهم الأكثر عرضة للانتقاد..

فى الحقيقة شعرت بحالة من الخذلان والوجيعة وأنا أتابع الأصدقاء من الوسط الفنى وهم يكتبون ما يتعرضون له من «بهدلة»  كأنهم «أهل فضيحة» بعد القضية المتداولة للمخرج خالد يوسف والفنانات.. وهنا لا تعنينى القضية- فهى شخصية تهم أصحابها.. فلا أدين أحدا ولا أبرئ أحدا- لكن يظل الفن «مهنة نبيلة» يشقى أصحابها نفسيا وبدنيا لإسعادنا فى لحظات أمام الشاشة الساحرة.. سأظل أحلم بأن تكون ابنتى يوما مثل سعاد حسنى أو نعيمة عاكف وغيرهن من النجمات اللاتى تركن بصمة حقيقية واضحة اخترقت قلوبنا للأبد.. سأعلمها أن الفن ليس عملا تربويا لكنه صورة شاعرية جميلة للحياة.