رامي المتولي يكتب: أفلام "الحرب على الدواعش" و"انتصار الطبيعة" تحصد الجوائز

مقالات الرأي



المسابقات الفرعية.. تميز موازٍ فى الدورة الـ٤٠ لمهرجان القاهرة


لا تزال أصداء الدورة الـ 40 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تلقى بظلالها على المهتمين بالشأن السينمائى، وما زالت وقائع الدورة التى ترأسها المنتج والسيناريست محمد حفظى ومديرها الفنى الأستاذ يوسف شريف رزق الله محط تحليل وحديث ونقد وهجوم، هى بالتأكيد من أفضل دورات المهرجان منذ سنوات فى كثير من العناصر لكن أبرزها بلا جدال هو الأفلام فالثراء الشديد فى تنوع الأفلام واختياراتها فى المسابقة الرسمية والقسم الرسمى خارج المسابقة وقسم العروض الخاصة والبانوراما الدولية وتعبيرها عن مدارس سينمائية مختلفة ومن دول متعددة وأسماء كبيرة لكن بشكل هناك المسابقات الثلاث الفرعية التى استحدثها الراحل الأستاذ سمير فريد «آفاق السينما العربية» و«أسبوع النقاد» و«سينما الغد»، والأخيرة كانت محور نفس المساحة فى العدد الماضى، المسابقات الثلاث مثلوا منافسة مع أفلام المسابقة الرسمية لدرجة التنازع والتضحية بمشاهدة أفلام فى سبيل أخرى من المسابقات الموازية على الرغم من مواعيد عرض الأفلام المتقاطعة.


1- فى "أسبوع النقاد" 6 أفلام تفوق عليهم "Aga"

وراء اختيار أفلام هذه المسابقة الموازية هو أسامة عبد الفتاح وتكونت لجنة التحكيم من أحمد الحسنى، إيمى نيكلسون، محمد حماد، وحاز على جائزة شادى عبدالسلام لأفضل فيلم «Aga» من بلغاريا، ألمانيا، فرنسا للمخرج ميلكو لازاروف والذى علق عنه عبد الفتاح فى كاتلوج الدورة الـ40 بأنه: «ينتمى للسينما البحتة، للجماليات البصرية والتعبير بالصورة أكثر من الحوار»، الوصف الذى يضع هذا الفيلم البديع فى محله بشدة.

يذهب الفيلم لمناطق متعددة ونحن معه، فهو ليس فقط توثيقا لنمط حياة فى طريقه للزوال بسبب زحف نمط الحياة المدنية على الطرق القديمة فى مواجهة الطبيعة وتقلباتها ولكن فى التأكيد بالصورة على ضآلة حجم البشر فى مقابل الطبيعة وكأنه دعوة لإعادة النظر فى علاقتنا بهذا الكوكب الضخم والتوقف عن اعتبار أن الجنس البشرى هو أفضل ما يسكن عليه ويحق له التعامل مع الطبيعة من موقف متعال.

فمن الزوجين العجوزين اللذين ما زالا يعيشان فى الأطراف بعيدا عن المدينة وسط طبيعة قاسية يتعاملان معها بحكمة وحيدين بعد رحيل الأبناء للعمل فى المدينة واتخاذهما نمطا مختلفا من الحياة.

هذا النمط من الحياة هو مصدر الصراع، الصورة فيه هى العنصر الرئيسى حيث يعبر بصورة وألوان فائقة الجودة عن نمط الحياة ويستخدم الرمز ليعبر عن الفارق بين نمط الحياتين وينتصر للأولى فزحافة الابن الميكانيكية التى خلفت بقعة سوداء على الجليد ناصع البياض قريبة الشبهة ببقع السواد الأخرى التى تقتل الحياة الطبيعية حول الوالدين وهى البقعة التى لم تفلح معها العقاقير البدائية بعد أن أصابت الأم وأودت بحياتها، هذا هو أسلوب المعالجة البصرية فى الفيلم بشكل عام إلى جانب تكوين الكادرات الذى يمثل ضآلة حجم الإنسان فى مقابل الطبيعة التى يدمرها بانتظام.


2- "آفاق السينما العربية" 7 أفلام تفوق عليهم "فتوى"

إلى جانب موقعه كنائب للمدير الفنى تولى أحمد شوقى إدارة هذه المسابقة الموازية التى تكونت لجنة تحكيمها من أبو بكر شوقى، عائشة بن أحمد، محمد قبلاوى، حاز على جائزتها الكبرى التى تحمل اسم الراحل سعد الدين وهبة فيلم «فتوى» الذى علق عليه شوقى فى كاتلوج الدورة بـ: «ما الذى يجعل بلدًا من أكثر دول المنطقة انفتاحًا وثقافة يكون فى الوقت نفسه حاضنة للكثير من المتطرفين والجهاديين؟».

الفيلم يبدأ بشكل قد يبدو تقليديا عن شاب توفى نتيجة تعرضه لحادث، لكن لا يستمر الوضع على نفس المنوال دقائق الفيلم الأولى لا تمر دون التحول الصادم، الأب القادم من فرنسا ولقائه مع الأم كشف انفصالهما ورؤية كل منهما للدين ففى الوقت يصر الأب على جلب مقرئين لتلاوة القرآن ترفض الأم بشكل قاطع ذلك. إيقاع سريع اختاره المخرج محمود بن محمود ليكون طبيعة النصف الأول من الفيلم ليتناسب مع الحدث ووقعه وصدمته على العائلة رسم خلاله الإطار الخارجى للشاب الراحل والأم والأب وهدأ وتيرة الإيقاع فى النصف الثانى ليتناسب مع طبيعته التى يعد قوامها الرئيسى التحقيق الفردى الذى يقوده الأب لمعرفة حقيقة أفكار ابنه وتحولاته وإعادة اكتشاف لروابطه مع بلده التى من خلالها نكتشف حجم التحول وتفشى الفكر المتطرف الدموى فى المجتمع المنفتح المتعلم.

عنصر التمثيل هو أبرز ما فى الفيلم من حيث الجودة، فى المقدمة أحمد الحفيان فى دور الأب إبراهيم الذى رسم إطارًا خارجيًا للشخصية استخدم أدواته كممثل كالصوت وتعبيرات الوجه ولغة الجسد ليجسد شخصية رجل على الرغم من ملامحه التى توحى بالضعف إلا أنه مقاتل ومثابر يقف بقوة ضد قوة أخرى غاشمة ليعرف ما الذى حدث لابنه، والبطولة النسائية مناصفة فى النصف الأول لغالية بن على فى دور الأم وفى النصف الثانى لسارة حناشى جارة مروان الابن الراحل وزوجة أحد التكفيريين، بالطبع سارة أفضل كممثلة عبرت عن تحولات الشخصية والتناقضات التى تحملها الشخصيات المنتمية لهذه الجماعات دون أن يكون هذا الفكر هو عقيدة عندها، سارة أفضل من غالية كممثلة والفيلم من أفضل إنتاجات العام عربيًا والسبب فى طرحه والصدمات المتتالية التى يعطيها للجمهور إلى جانب جودة عناصر أخرى مثل التصوير والإضاءة.