أحمد فشير يكتب: هل حقًا نحب رسول الله؟

مقالات الرأي

أحمد فشير
أحمد فشير


يحتاج الفرد إلى "وجبة" من آنِ لآخر، وليس شرطًا حينما نستدعي كلمة وجبة فإننا نعني طعامًا لاقترانه بها.. لا، فالوجبات كثيرة، منها الثقافية في الندوات ومجالس العلم، وأخرى شهوانية، وطُرقها معلومة، ولكنني أقصد هنا "الإيمانية" المتمثلة في دروس الوعظ وحلقات الذِكر والخُطب. 

وتعتبر أشهرها من حيث دورية الانعقاد وكثرة الحضور، "خُطبة الجمعة" تلك الجلسة المعلوماتية الدسمة، وثمرتها المتمثلة في ساعة الإجابة، وأداء فرض العين الذي ألزم الله به كل مُسلم لشحن القلوب بطاقة إيمانية تساعده على مواصلة المعروف من جديد. 

وتزامنًا مع حلول المولد النبوي الشريف، والذي كان موضوع خطبة الجمعة الماضية، للفلت النظر واستنهاض الهمم نحو سيرة سيد الأولين والآخرين، لخص الخطيب، موضوعها في سؤالٍ واحد: "هل حقًا نحب رسول الله؟"، وجه الخطيب هذا السؤال إلى جميع الحضور مراعيًا اختلاف أحوالهم، التاجر الذي يحتكر "سلعة" والناس في حاجة إليها، المُدرس الذي يغالي في ثمن الدروس الخصوصية ويستبيح أموال أولياء الأمور، الفتيان والفتيات والشذوذ في  ملابسهم والإفراط في أوقاتهم والمواقع المحرمة، الآباء والأمهات والتربية وغرس الأخلاق ومكارمها، صائحا من منبره: "أين أنتم من حب رسول الله؟!". 

أرى أن الإجابة تتلخص في سورة التوبة الآية (٢٠) والتي خيّرَّ الله عز وجل المسلمين بين أولوليات حياة الفرد وحب رسول الله، حيث يقول تعالى: " قل إن كان ءابآؤكم وأبنآؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتُمُوها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين".

ويقف شفيع الخلائق محمد، صلى الله عليه وسلم، على الحوض يوم القيامة، فتأخذ الملائكة أُناس ذات الشمال، فيقول: "إنهم مني.. إنهم مني" وفي روايات أخرى " هؤلاء أصحابي"، فترد عليه الملائكة: "إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك"، فيرد: "سحقًا سحقًا لمن غير بعدي"، نسأل الله ألا نكون منهم. 

والشاهد أنه ينبغي لكلٍ منا، الجواب قبل الوقوف بين يدي الله، فما أسهل الادعاء والتظاهر بحب النبي وإحياء الموالد وترويج الشعارات "وإحنا بتوع النبي وبنحب النبي"، فالكلام سهل وما أيسره، ولكن ماذا لو طبقنا ذلك وجعلنا تلك المحبة واقعًا ملموسًا ومنهاج حياة في دنيا الناس؟.

جاء المنافقون في عهد رسول الله يشهدون بحبهم له، بملئ أفواههم، ففضح الله كذبهم وأجلى نفاقهم، وأنزل فيهم قرءآنًا يتلى إلى يوم القيامة: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون"، فهل نحن صادقون أم الأخرى؟.. وللحديث بقية.