خلصت تعالى بكرة.. حكايات مآساوية من طوابير قطع تذاكر القطارات قبل العيد (معايشة)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


مع انبلاج شعاع الفجر، شرعت إحدى المسافرات في رحلتها للحصول على تذكرة القطار المتجه إلى محافظة أسوان، بخطوات متسارعة صوب صالة حجز الدرجة الأولى داخل "محطة مصر"، ليباغتها حشود من الرجال الأصحاء مصطفين أمام الشباك الوحيد المخصص لبيع تذاكر وجه قبلي، فوقفت تتأمل الموقف لبرْهةٍ قبل أن تتسأل عن طابور السيدات الذي كان مكتظًا أيضًا بالشباب، فوضعت حقيبتها على الأرض وظلت جالسة تنتظر دورها حتى يحين وقت العمل، ولكن عقب انتظارها 13ساعة أخبرتها الموظفة المسؤولة بعدم توافر تذاكر "خلصت تعالي بكرة".


قطعت إيمان فايد، الطالبة بالفرقة الرابعة كلية التربية الرياضية، مسافات طويلة من منطقة مدينة نصر، حتى وصلت إلى محطة مصر برمسيس، خَشْية تبديل القطارات والانتقال من "عربة" لأخرى داخل ممرات طويلة مصطدمة بالمهرولين، مثل كل عيد، لاسيما وأنها برفقة والدتها  المسنة-والتي تأتي للقاهرة كل فترة للعلاج- وبالرغم من ذلك لم تستطع حصولها على التذاكر "بقالي يومين رايحة جاية على شباك التذاكر علشان أوفر تذكرتين ليه ولأمي.. لكن معرفتش حتى لما نزلت بدري احصل غير على تذكرتين درجة ثانية مكيف إسباني.. لأن كل ثلاثة رجال مقابلهم امرأة.. والطبيعي أن التذاكر تخلص.. ده غير أن الأعداد كبيرة وموظفة واحدة فقط هي اللي بتقطع التذاكر.. وجهاز الكمبيوتر كل ساعتين يفصل ونقعد بالساعات على ما يتصلح".



"أسعار التذاكر زادات.. ومفيش رقابة والخدمة سيئة"، عبارة قالتها الفتاة ذات الواحد والعشرين ربيعًا، والتي أكدت أن هناك بعض الأشخاص يحاولون استغلال الشباب في الشراء لهم "تذكرة"، وعقب تجميع أكبر عدد من التذاكر يبيعونها في السوق السوداء على الرصيف 11 "ده غير أن الموظفة المسئولة عن بيع التذاكر حاولت أن تخفي بعضها في منديل والرجالة اتلمت عليها وحصلت مشكلة كبيرة تسببت في تضيع وقتنا وفرصتنا في الحصول على التذاكر".

ومع إعلان هيئة السكك الحديدية، توفير مقاعد بالقطارات الإضافية لاستيعاب حركة السفر إلى الصعيد في عيد الأضحى، إلا أن المواطنين فوجئوا بنفاد التذاكر المخصصة للعيد لبعض المحافظات على رأسها أسوان، قنا، الأقصر، حيث وجدوا أنفسهم مضطرين للحجز لسوهاج، ومن ثم استكمال الرحلة لبلادهم، من أجل قضاء إجازة العيد مع ذويهم ، قالتها فاطمة يوسف-التي شارفت الخمسين من عمرها- عقب أن انتظرت دورها لساعات عديدة"موقفة ابن بنتي في الطابور لحد ما يجي دوري وأقوم اقطع تذكرتين.. مش قادرة ازاحم وسط الواقفين.. وبقالنا أكتر من عشر ساعات ولا حد قالي إنتِ فين.. وأنا كبيرة في العمر.. وكل الشبابيك دخله على بعضها.. ومن امبارح والحال كده وبالعافية بنتي وبناتها الاثنين عرفوا يجيبوا ثلاثة تذاكر وسافرت معاهم علشان بنات وفضلنا نعافر لحد ما عرفنا نجيب تذكرة سوهاج ومنها بقى نبدل بدل ما نقضي العيد في المحطة".



إلى جانب الطابور وقفت فتاتين في العقد الثاني من عمرهم، يترقبن خروج الأم، التي ظلت واقفة على شباك التذاكر لأكثر من أربع ساعات، دون أن تحصل على ثلاث تذاكر بنفس التوقيت "بعد كل ده يدوني تذكرتين قطار أسوان الساعة 8 وواحدة الساعة 11 يعني نسافر ازاي ودول بنات يعني يسافروا هما وأنا ألحقهم في القطار اللي بعده ازاي"، لتعود مجددًا هناء السيد، في البحث عن تبديل التذاكر. 

على بعد خطوات من شباك تذاكر الوجه القبلي، وقف إبراهيم سليمان، حائرًا ووجهه يتصبب عرقًا ويعلوه الإرهاق بعد الوقوف في الطابور دون أن يحصل على "تذكرة"، مقررًا أن يستقل القطار المتجة صوب قنا، دون أن يشتري تذكرة، عقب أن ذهبت كل محاولاته سُدى "دفع الغرامة أرحم بكتيرمن البهدلة إيه يعني 70 جنية المهم أوصل واقضي العيد مع أهالي"، لاسيما وأن عرس شقيقته أول أيام العيد ويحرص على مشاركتها طقوس عرسها.



بينما بدأ حسين السيد-اسم مستعار- البحث عن بائعي التذاكر في السوق السوداء "كل عيد بحجز قبلها بشهرين علشان أهرب من صداع الطابور .. بس المرة دي انشغلت فاضطريت للوسيلة الأسهل وقومت بشراء تذكرة درجة أولى بدلاً من 270 جنيه اشتريها بـ300 جنية، وبكده أكون حليت الأزمة.. بدل ماجي اقف طول اليوم والنهاية معروفة".

وظل أحمد نبيل، يسترق النظر إلى زوجته، التي جلست أكثر من خمس ساعات تنتظره آملة في حصوله على تذكرة القطار المتجة صوب قنا، ليعود لها بخفي حنَين،  وهو ما اضطره لسفره عقب العيد، بعدما فوجئ بانتهاء تذاكر السفر خلال أيام عيد الأضحى.