د. حماد عبدالله يكتب: المدابغ المصرية وإنهيار صناعة "الجلود" !!

مقالات الرأي




إحتلت مصر مرتبة متقدمة (زمان) فى صناعة الجلود والأحذية والأحزمة والحقائب ( والجاكتات والسويترات) الجلد والشمواه وكنت أتذكر فى الستينييات حينما يرتدى أحد أغنياؤنا بالجامعة جاكت جلد أو شمواه فهو تعبيراً عن غناؤه وقدرته كما كان المسافر للخارج يحمل معه هدايا من الصناعات الجلدية المصرية وكان حى (المدابغ)  فى مجرى العيون بالخليج المصرى (سابقاً ) هو أشهر منطقة صناعية على حدود القاهرة القديمة !!
وكان أغنياء البلد وممن يسمون اليوم برجال أعمال البلد زمان هم أصحاب تلك المدابغ ورجال الصناعة فيها وكانت أحياء كبيرة تقوم على الصناعات المكملة لصناعة الدباغة والجلود وخاصة فى أحياء (بين الصورين) بباب الشعرية (والمغربلين) بالدرب الأحمر هذه الأحياء تقوم على أعمال الورش الصغيرة والتى تصنع (الفوندى)(والنعل) (والكعب) من الجلد المصرى المدبوغ وكانت القاهرة تمتلىء بمحلات تصنع الأحذية وأتذكر فى الأعياد كنا نحجز لدى الورش (الحذاء) الذى نسهر حتى صباح العيد وقبل الصلاة لإستلام (الحذاء) بعد "خلعه" من (القالب الخشب) وكان فى العادة لكل عميل قالب بإسمه لدى (صانع أحذيته) !! (الجزمجى) !
هكذا كانت الحياة وعلاقتها بالجلود ودباغتها وصناعتها وتصديرها وكذلك إستهلاكها محلياً!!




وهناك أسماء شهيرة من رجال الأعمال فى مجال الأحذية والجلود المرحوم الأستاذ سعيد الطويل(رئيس جمعية رجال الأعمال الأسبق) والأستاذ/صلاح محمد محمود (رئيس غرفة صناعة الجلود الأسبق) وما زال هناك نجوم فى هذه الصناعة أتذكر منهم رجل الأعمال النائب السابق بمجلس الشعب عن منطقة منيل الروضة ومصر القديمة المرحوم (ممدوح ثابت مكى) وهو أيضاً كان عضو نشط بإتحاد الصناعات المصرية  أيام كان محمد فريد خميس رئيساً لهذا الإتحاد!!
كل هذا يدفعنا إلى أن نسأل أين هى المدابغ الجديدة  -أين وعود الحكومة بعد نقل المدابغ إلى منطقة بدر الصناعية"منطقة الروبيكى" وماذا نتج عن ذلك النقل  ؟  

لماذا لم نستطع أن نعود بهذه الصناعة إلى ما كانت عليه حتى اليوم ؟؟

لماذا التراخى فى عدم وجود سجلات للدباغين ولصانعى الجلود المصرية والتراخى فى مراقبة المخازن والتراخى فى تنفيذ القوانين والقرارات الوزارية المنظمة لصناعة الجلود فى مصر إن هذه الصناعة قد سادها الفوضى العارمة نتيجة تسيب إدارى حكومى وأصبحت العشوائيات هى سيدة الموقف فى المدابغ المصرية ولعل هذه التعبيرات نقلاً عن غرفة صناعة الجلود فى إتحاد الصناعات المصرية فإن حالة الفوضى فرضت نوع من أساليب إرساء ثقافة الجهل والمرض على هذه الصناعة !!