د. أماني ألبرت تكتب: حرب الشائعات على السوشيال ميديا (3)

مقالات الرأي



تلقيت بكل التقدير والاعتزاز رسالة من أستاذي العالم الجليل الدكتور محمود يوسف - أحد أهم رواد العلاقات العامة في مصر والوطن العربي ومن أوائل الذين قاموا بالتنظير في مجال الشائعات والحرب النفسية – تلقيت رسالة مفادها "ضرورة توضيح قصور الإعلام الحكومي وضعف فاعليته وتواضع أساليبه وعجزه عن مسايرة الأحداث وخاصة عند حدوث الأزمات!"

والحقيقة لقد وضع العالم الجليل يده على مكمن المشكلة وخلاصة الحل، فإن أردنا التطوير الحقيقي علينا مواجهة جوانب القصور بكل جرأة وإخلاص لا التغاضي عنها وكأنها غير موجودة. 

الإعلام الحكومي لديه كوادر خرجت وعلمت أجيال، نتمني جميعًا أن يتم الإستعانة بهم في معالجة الأحداث، خاصة في أوقات الأزمات التي يواجهها الوطن. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يتصدى الاعلام الحكومي للشائعات أم يتجاهله؟ 

الملاحظ أن تعامل الإعلام الحكومي مع الشائعات يتسم بالتطرف، قد يميل أقصى اليمين أو أقصي اليسار. إما بالتجاهل التام لموضوع الشائعة وهذا ما يحدث في الغالب، وإما بتصريحات مستفزة غير مدروسة تروج للشائعة وتزيد من توسيع دائرة الخلاف وكأنها معركة غير مقرر لها الانتهاء. وفي ضوء المبالغات لا نصل لحلول بل تزداد الحالة سوءًا. لذا هل يضع الإعلام الحكومي محتوى الأحداث الجارية وموضوع الشائعات تحت عدسته المكبرة ليناقشها بتوازن خال من المبالغة؟

ما يقودنا لسؤال آخر، هو كيف سيتصدى الاعلام الحكومي للشائعات خاصة بعد تراجع معدلات التعرض له وتقدم مواقع التواصل الاجتماعي عليه؟ كيف سيصد الأكاذيب ويوضح الحقائق وقد تسرب عدد كبير من الجمهور بعيدًا عنه؟

أثبتت دراسات كثيرة أن مواقع التواصل الاجتماعي احتلت مكانة متقدمة في كثافة استخدام الجمهور لها بمعدلات تعرض غير مسبوقة، تراجع معها نصيب وسائل الاعلام الجماهيري.  

ولما كانت وسائل التواصل الاجتماعي منصات اعلامية مجانية بلا رقيب أو محاسب، وساهمت بشدة في انتشار الشائعات، كان من الضروري والواجب أن يفرض الاعلام الحكومي نفسه في هذه الساحة بتفعيل دوره من خلال الحسابات الرسمية للوزارات والهيئات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالرد وتفنيد الأسباب وتوضيح وجهات النظر. 

فرغم تراجع معدلات التعرض لوسائل الاتصال الجماهيري إلا أنها مازالت تحتفظ بمصداقية عالية لدى الجمهور مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي، فهي أكثر ثقة وأكثر تصديق لدى الجمهور.
 
لذا فالحل يكمن في عمل علاقة تبادلية بفتح قنوات اتصال بين الوسيلتين. السوشيال ميدا ووسائل الاتصال الجماهيري لعرض متبادل بين ما يتم إذاعته في وسائل التواصل الجماهيري على صفحات الإعلام الرسمي عبر السوشيال ميديا، والعكس بالعكس بعرض تعليقات وأراء الجمهور المتوازنة في تعقيباتهم من حسابات التواصل الاجتماعي على وسائل الاعلام الجماهيري.

العلاقة التبادلية قادرة على خلق أداة قوية للمواجهة، فالنشر ثم النشر والتكرار قادر ان يكون حائط صد قوي ضد كلمات لا أساس لها من الصحة. 

ورغم أن ثقة الجمهور في وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للاخبار منخفضة، ستخلق العلاقة التبادلية وتضفي نوع من أنواع المصداقية على التصريحات المتبادلة من الإعلام الجماهيري الذي يحتل مكانة ومصداقية أعلى. 

كما أن تعاون المسئولين الحكوميين مع الاعلام الحكومي واجب وطني، فالشرح بالحقائق والأسانيد من أهل الخبرة الرسميين كفيل بالتغلب على البلبلة التي تصنعها الإشاعات، وكفيل بكشف المعالجات المتسرعة على حقيقتها التي تُرجح كفة السبق الصحفي على تحري الدقة والموضوعية.