أحمد الشيخ يكتب: "الفوركس".. النصب بتوقيع نجوم الفن

مقالات الرأي



مع الثورة التكنولوجية الكبيرة التى شهدتها مصر منذ سنوات بدأت تتنامى بعض المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالتطور التكنولوجي، وعلى رأسها ما يسمى (الفوركس).

 

 

وكلمة "فوركس" تشير إلى سوق العملات الأجنبية أو البورصة العالمية للعملات الأجنبية، وهي اختصار للمصطلح الاقتصادي من اللغة الأجنبية "Foreign Exchange Market" أي "سوق تداول العملات الأجنبية"، وهو سوق يمتد في جميع أنحاء العالم حيث تصرف العملات من قبل عدة مشاركين ، مثل البنوك العالمية والمؤسسات الدولية والأسواق المالية والمتداولون الأفراد.

 

ويقدر المحللون الماليون الحجم اليومي لتداول العملات في سوق الفوركس بحوالي 5 تريليون دولار (5 ألاف مليار دولار يوميا) حيث أن الاف الملايين من الدولارات تباع وتشترى كل ثانية .

 

ويتم التداول عن طريق شراء وبيع العملات الأساسية التي تحوز على الحصة الأساسية من العمليات في سوق الفوركس وهي الدولار الأمريكي (USD) العملة الأساسية واليورو الأوروبي (EUR) والجنيه الإسترليني (GBP) والفرنك السويسري (CHF) والين الياباني (JPY) والدولار الأسترالي (AUD) والدولار الكندي CAD)) وعملات أخرى عربية وأجنبية.

 

وبرزت عدد من الشركات التى أتخذت من دول أجنبية مقراً لها وأنشئت فروع لها فى عدد من الدول العربية في الأوانة الأخيرة من خلال مؤتمرات وحفلات لجذب عدد من المستثمرين بالمنطقة العربية بعضهم من مصر، ولأن القانون المصري لا يجيز هذا النشاط، تمارس تلك الجهات أنشتطها متخفية فى عباءات مختلفة وتربط أنشتطها بسوق تداول الأوراق المالية الرسمي "البورصة" سواء فى شكل دورات تدريبية أو ندوات تثقفية مروجة فى خفية لنشاط الفوركس المحظور.

 

ورغم عدم وجود قانون ينظمه إلا أن الجهات الرقابية تتغاضي عن هؤلاء، في سلوك سلبي يمثل خطورة كبيرة على الاقتصاد حيث أن تلك الشركات تستخدم وسائل جذب لصغار المستثمرين مستغلة قلة خبرتهم  بمثل هذه التجارة وتبسطها لهم بشكل مخل يؤدى بهم فى النهاية إلى الإفلاس وفقدان مدخراتهم، دون مسئولية قانونية على تلك الشركات التى تعطيها العقود المبرمة حقوق قانونية على حساب العميل تسمح لها بتصفية حساب المستثمر فى حال خسارته لحماية حقوقها المادية، ليخرج المستثمر الصغير كما يقولون "من المولد بلاحمص".

 

والعبئ الأكبر فى هذا الأمر يقع على عاتق الأجهزة الرقابية فى مصر، حيث أننا نمر بفترة دقيقة في برنامج الاصلاح الاقتصادي لا يمكن معها التهاون مع أى نشاط ضار يمكن أن يمس مدخرات صغار المستثمرين والتى تعتبر حائط صد خلفى للنظام الاقتصادي حتى وأن كانت تدار فى ظل الاقتصاد الخفي أو غير الرسمي، فهي في النهاية تضر بالوطن والمواطن.

 

ولا يمكننا ترك صغار المستثمرين الأقل دراية فريسة لتلك الشركات لتوهمهم أن نشاطها رسمي ومشروع ويحقق مكاسب خيالية دون مخاطرة، على الجانب الأخر تشوه النشاط الرسمي للتداول المتمثل فى البورصة المصرية، وتسحب منه سيولة يحتاجها لدعم برنامج الطروحات الحكومية المنتظر لدعم الاقتصاد وتنشيط البورصة وزيادة حجمها بالقدر الذي يعكس قوة الاقتصاد.

 

ناهيك عن سحب العملة الصعبة من السوق والتى يجاهد البنك المركزي المصري بكافة الطرق للحفاظ عليها وترشيدها واستخدامها في مكانها الصحيح، حيث أن كافة تعاملات هذه الشركات بالدولار، مما يساعد فى تنشيط السوق السوداء، ويعمل على تهريب العملة الصعبة خارج البلاد بطريقة ملتوية وغير قانونية.


وما أثار حفيظتى لكتابة تلك الكلمات رؤية إعلان منتشر لإحدى شركات الفوركس تدعى FBS (أف بي أس) لحفل كبير تقيمه فى مصر لعملائها بحضور ثلاثة من كبار نجوم الفن وهم الفنانون:  أبو ، وشيرين عبد الوهاب، وشادى الفونس، وخالد منصور نجمي برنامج (SNL) بالعربي يوم 4 أغسطس المقبل لإعطاء مصداقية لهذا النوع من التداول للعملات عبر الانترنت وجذب عملاء جدد في مصر، دون أى تعليق من أى جهة رقابية.

 

ما أدهشني أكثر موقف هؤلاء النجوم والفنانيين الذين يحبهم الكثيرين، الذين وضعوا انفسهم فى موقف شبهة مع شركة مشبوهة مقابل المال دون النظر لخطورة مثل هذا السلوك على من سيقعون في شباك تلك الشركة بعد وخلال الحفل لثقتهم فى هؤلاء الفنانين وليس الشركة.

 

ولكن ليست هذه المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك فدائماً ما تستغل بعض الشركات التى تعمل فى مجالات أقل ما توصف بالنصب ومنها شركات التسويق الشبكي أسماء "لامعة" فى مجال الفن لإعطاء مصدقية لأنشتطها المشبوهة، في ظل غفلة أو "تطنيش" هؤلاء الفنانين للمصلحة العامة في سبيل تحقيق مكاسب مادية.

 

على الجانب الأخر أعجبني الموقف السعودي، حيث جددت وزارة التجارة والاستثمار، تحذيراتها للمواطنين من التعامل مع شركات الفوركس المشبوهة، والانسياق وراء الإغراءات الزائفة التي تروجها تلك الشركات.

 

وطالبت الوزارة “المواطنين” عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" برفع وعيهم بالفرص الاستثمارية الواقعية لاستثمار الأموال بدلًا من اللجوء إلى شركات الفوركس الوهمية.

 

وكانت الوزارة كشفت عن نشر شركات الفوركس إعلانات مخادعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت: "إن تلك  الشركات تروج لنشاطها من خلال منصات وهمية وكاذبة؛ للاحتيال فلا يجب تصديق إعلاناتها".