روبوت "Versius" يساعد الجراحين في إجراء العمليات بطريقة أسرع وأكثر دقة

تكنولوجى



ابتكر مجموعة من العلماء البريطانيين بشركة كامبريدج للروبوتات الطبية الجراحية CMR Surgical أصغر روبوت جراحي في العالم والذي يُطلق عليه اسم فيرسيوس Versius، حيث من المتوقع أن يمكن استخدامه داخل غرف العمليات للمرة الأولى في وقت لاحق من هذا العام إذا تمت الموافقة على استخدامه إكلينيكيا، وفقًا لما جاء في تقرير صحيفة الجارديان.

من المعروف أن أكثر المهارات الجراحية دقة هي المهارات المطلوبة في العمليات الجراحية التي يطلق عليها عمليات ثقب المفتاح Keyhole Procedures، وهي الجراحات التي تتم من خلال فتحات صغيرة متعددة بجسم المريض ليُجري من خلالها الجراح العملية، وهذه الفتحات تكون أقل بكثير من الفتحات المطلوبة في العمليات الجراحية المفتوحة.

عادةً ما يحتاج الجراحون المتدربون إلى 60 إلى 80 ساعة من التدريب لإجراء مثل هذه العمليات بدقة عالية، ولكن في غرفة عمليات نموذجية تمكن طبيب يمتلك بضع ساعات فقط من الخبرة التدريبية على أداء هذه النوع من العمليات بدقة كبيرة.

وقد قام الطبيب بتنفيذ هذا العمل بمساعدة Versius أصغر روبوت جراحي في العالم. وهو واحد من الروبوتات الجراحية المتقدمة التي من المتوقع أن تغير طريقة أداء العمليات الجراحية عن طريق إتاحة إجراء عشرات أو مئات الآلاف من العمليات الجراحية كل عام.

يتكون الروبوت الجراحي Versius من ثلاثة أذرع روبوتية -كل منها أكبر بقليل من الذراع البشرية- كاملة مع مفاصل الكتف والمرفق والرسغ وتلك الأذرع مثبتة على وحدة متنقلة بحجم المقعد، يتحكم فيها الجراح من خلال وحدة التحكم حيث يقوم بتوجيه الأذرع أثناء إجراء جراحة ثقب المفتاح.

تم تصميم الروبوت لتنفيذ مجموعة واسعة من جراحات ثقب المفتاح بما في ذلك استئصال الرحم، إزالة البروستاتا، جراحة الأذن والأنف والحنجرة، وإصلاح الفتق. وتدعي شركة CMR أن تكاليف استخدام الروبوت لن تكون أعلى بكثير من تكاليف إجراء عمليات ثقب المفتاح التي تتم باستخدام الأدوات اليدوية التقليدية.

قال مارك سلاك رئيس قسم أمراض النساء في مستشفى أدينبروك في كامبريدج، والشريك المؤسس لشركة CMR Surgical: "إن الغالبية العظمى من المرضى لا يزالون يفضلون القيام بالجراحات المفتوحة على الرغم من جميع مزايا جراحات ثقب المفتاح وذلك لأن قلة من الجراحين فقط لديهم مهارة عمل هذا النوع من العمليات، ولهذا فإن الروبوت Versius من المتوقع أن يحدث تغيير كبير في عالم الجراحة".

كما أضاف سلاك: "نجح الروبوت الجراحي فيرسيوس Versius في تقليل وقت التدريب من اللازم لتعلم ربط عقدة جراحية من أكثر من 100 جلسة تدريب عند استخدام الأدوات اليدوية التقليدية إلى 30 دقيقة فقط".

لا شك أن الروبوتات الجراحية موجودة بالفعل ولكن الموديلات الحديثة أسهل في الاستخدام وتستهلك مساحة أقل بكثير، والبعض منهم مثل Versius يتميز بسهولة تحريكه من مكان لآخر. وقد سبق وهيمن الروبوت دافنشي على مجال الجراحة منذ اعتماده في عام 2000، حيث  لديه نموذج بمنفذ منفرد single port جديد في خط الأنابيب والذي يسمح بإجراء الجراحة من خلال فتحة واحد.

وقال خايمي وونج  كبير الأطباء المسؤولين في Intuitive Surgical: "لدينا ثلاث آلات وكاميرا تدخل جميعها من خلال نقطة واحدة ثم تتمدد داخل المريض، فكلما قل عدد الفتحات بجسم المريض كلما قلت احتمالية العدوى وكانت الجراحة أقل ألمًا".

شركات الأجهزة الطبية مثل شركة ميدترونيك Medtronic وشركة Verb Surgical  -وهما نتاج شراكة بين شركة جونسون آند جونسون وشركة ألفابت الأم لشركة جوجل- تمتلك روبوتات جراحية في المراحل الأخيرة من التطور والتي لاتزال في مرحلة ما قبل اختبار الاستخدام الإكلينيكي.

من جهته قال البروفيسور ديريك ألدرسون رئيس الكلية الملكية للجراحين: "أعتقد أن الروبوتات من المحتمل أن تتوسع بشكل كبير في السنوات العشر القادمة، فقد أصبح من الواضح بالفعل أنه بإمكانك تعليم الناس القيام بجراحة الروبوت أسرع بكثير، كما أن منحنيات التعلم أصبحت أسرع بكثير من الجراحة التقليدية بالمنظار".

يوجد العديد من مميزات جراحة ثقب المفتاح مقارنة بالجراحة المفتوحة والمعروفة بشكل جيد: حيث تقلل معدلات الفتق إلى النصف، وتكون عواقب العدوى أقل حدة بكثير بالإضافة إلى الحاجة إلى عدد أقل من المسكنات. ولكن نظرًا لحجم الخبرة الفنية المطلوبة فإن العديد من المرضى لا يحصلون على هذه الفرصة.

تقوم هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا NHS بإجراء 71% من جراحة الزائدة الدودية و 28% من جراحات استئصال القولون و13% من جراحات استئصال الرحم و 32% من استئصال الرئة وأقل من نصف جراحات الحوض والبطن من خلال عمليات ثقب المفتاح.

واجراء مثل هذا العدد الهائل من العمليات الجراحية باستخدام الأدوات اليدوية والمنظار يمثل صعوبة كبيرة على الجراح الذي يجب أن يقوم بكل حركة من خلال فتحة صغيرة في جسم المريض، مع تحريك يده إلى اليمين لنقل أداته إلى اليسار وهكذا. وغالبا ما يضطر الجراحون إلى الانحناء أو الانحناء بأذرع ممددة بزوايا حرجة مما يؤدي إلى تعرضهم لإصابات الإجهاد المتكررة الشائعة (RSI) التي تصيب الظهر والركبة والرقبة، ولكن مع وجود الروبوتات الجراحية  سيتخلص الجراحين من كل هذه المشاكل حيث تم تصميمها بشكل مريح وسهل الاستخدام.

وقال سلاك: "بلغ سن التقاعد للأطباء 67 عامًا، وسوف يرتفع أكثر في غضون عام أو عامين، لذلك نحتاج إلى إطالة فترة عمل الجراحين الكبار، لكن جراحات ثقب المفتاح التقليدية تقصر فترة عملهم نتيجة لتعرضهم لإصابات الإجهاد المتكررة الشائعة (RSI) والتي أصبحت مشكلة كبيرة".

فعلى الرغم من وصفها بأنها الجراحة الروبوتية ولكن يتم التحكم في معظم تقنياتها المتطورة بشكل كبير من قبل الطبيب البشري. وقال البروفيسور جوانج-زونغ يانغ مدير مركز هاملين للجراحة الروبوتية في إمبريال كوليدج في لندن: "يعتقد بعض المرضى أن الروبوت هو الذي يدير العملية من تلقاء نفسه، وهذا ليس شيء صحيح".

تهدف الأتمتة في الوقت الحالي إلى تخفيف الهزات اليدوية لمنع الجراح من لمس أو الإضرار بالأعصاب أو الأوعية الدموية أو الأعضاء المجاورة. وفي المستقبل يمكن أن تساعد بيانات القياس عن بعد التي تم جمعها من أعداد كبيرة من العمليات الجراحية في التعرف على أكثر الطرق الفعالة لإجراء العمليات وتقديم تغذية راجعة لحظية للجراحين لتحسين أسلوبهم.

وقد علق على ذلك لوك هاريس مدير التكنولوجيا في شركة CMR Surgical: "سنرى تغيير كبير في الحاجز القائم بين الإنسان  والآلة، ففي النهاية سنصل إلى النقطة التي يمكن للجراح أن يقول فيها للروبوت ضع غرزة هنا من فضلك، لكننا مازلنا في بداية تلك الرحلة".

وقد اقترح هاريس أن ظهور الجراحة الروبوتية يمكن أن يمهد الطريق لعمليات عن بعد يقوم بها الجراحون الذين يجلسون في غرفة التحكم في مدينة أو بلد مختلف عن بلد المريض.