د. حماد عبدالله يكتب: إصابة العقول "بالتلوث" !!

مقالات الرأي




فى فترة توجه الدولة للقضاء على "التيار الناصرى" وتبديل بوصلة السياسة العامة من إتجاه الشرق إلى الغرب ، وهى فترة ما بعد رحيل الرئيس "جمال عبد الناصر" توجهت كل الأصابع الخفية والظاهرة لتعديل الدفة ، وبأخطاء فادحة سمحت لخروج الثعابين من "أجحارها" وتمكين الجماعات الإسلامية من فرض إرادتها فى الأنشطة الحياتية ، سواء بالجامعات أو المدارس حتى النقابات التى سيطرت عليها بالكامل ، وكان لعودة المصريين من دول الخليج وأيضاً بمفاهيم وثقافة غريبة عن المجتمع المصرى وثقافاته المتعددة الوجوه ، والتى جميعها تعلن أن مصر أم الدنيا وأم الثقافات وأصل الحضارات وطليعة القوى الناعمة فى المنطقة ، بل فى كل البلاد الناطقة العربية ، " مصر" أصبحت تعيش منذ هذه الحقبة فى مرحلة تحول غريبة عنها ، فظهرت الذقون الغير مهذبة ، والجلاليب البيضاء فوق السراويل المتدلى من أسفلها الحبال .
وكأننا عدنا إلى عصور ما قبل ظهور الإسلام وكانت المصيبة كلها أن التلوث بدأ يشوب عقول أبنائنا وهم اليوم (رجالنا وشبابنا) تعدلت المناهج لتواكب تلك التغييرات الجذرية فى هيكل الحياة العامة فى مصر.


ومن تعديل المناهج ، وتحت رعاية كاملة من القائمين عليها والذين إستطاعوا "بعضهم" أيضاً التسلل إلى مراكز إتخاذ القرار فى شتى مناحى الحياة الإجتماعية وكذلك الإقتصادية المصرية.
ولعل ظهور ( الذقون) وإرتباطها بالإقتصاد وشركات توظيف الأموال, ودعمها من الحكومات وأبرز أعضائها, وعودة الرأسمالية المصرية المهاجرة, والتى كانت تسمى فيما قبل بالرجعية, والإقطاع, و أعوان النظام الملكي قبل الثورة, كل هؤلاء عادوا وكل منهم له الأجندة الخاصة به, ولكن كان الأخطر على الإطلاق هم هؤلاء الذين تولوا أجندة العودة بالبلاد إلى الخلف وإلى التخلف, وسيطرة الدين ووسائطه على الحياة السياسية المصرية وكانت أولى تلك الوسائل, هو تلويث المناهج , ورفع ما يدعوا للرقي بالمجتمع والتأخي والإزدهار, والوطنية, وهو ما كان يعرف بالتربية الوطنية وإرتباط الطلاب ببعضهم البعض في دروس المواد الدينية ، التي فصلوا بينها كل حسب دينه  ، وأصبح المجتمع يتجه للإنقسام تم التحول للسيطرة علي النقابات المهنية والنوادي ، وأيضاً تجمعات أعضاء هيئات التدريس ، حتي وصلنا إلي مانحن فيه اليوم .
قبلات وأحضان في الظاهر وفي الباطن ثقافة تحولت في السبعينيات إلي رسوخ في الذهن أن هناك فرق بين المصريين وهذا يتطلب أولاً أن نعمل وبقوة علي رفع التلوث من مناهج التعليم ، وأنْ تْهتم الثقافة الوطنية وخاصة وزارة الثقافة وهيئاتها وأجهزة الشباب ، بأن نعيد لمصر خصوصيتها ، ونعيد للدولة هيبتها !!
لابد من العمل وبحزم شديد على إعادة شخصية مصر فى مناهج الدراسة من المراحل الأولى ، وإعادة الحياة للقوى الناعمة المصرية ، وربط كل ذلك بالسياسات العامة للدولة ، دون إبطاء ، فنحن على شفا الدخول إلى جهنم !!
إذا تركنا الأمور على ما هى عليه فقد كانت السنوات الأربع التى تلت (فورة 25 يناير) هى السواد بعينه حتى أن جائت الأرادة المصرية بالتغيير فى 30 يونيو وواجب أن نتعلم وألا ننسى أبداَ من قرائة التاريخ فى حياتنا السياسية !!