طارق الشناوي يكتب: "كمال الطويل وعمار الشريعى.. ومن الذى لحن "خالى البيه" و"الشكالاته"؟!

الفجر الفني



عندما تلمح عيوناً تنظر إليك شذرا وتقول لك عفوا ممنوع الاقتراب، قد يعتقد كثر أن السياسة هى فقط المنطقة الحمراء، هذا الرأى به قطعا قدر لا ينكر من الحقيقة، إلا أنه لا يعبر عن كل الحقيقة، الملفات الفنية والثقافية أحيانا محاطة أكثر بالعديد من الأسوار الشائكة.

بمجرد أن نشرت مقال الموسيقار الكبير الراحل ميشيل المصرى، والتى اقتربت فيه وبحذر من واقعة اشتراك ميشيل فى تلحين مقدمة قصيدة «قارئة الفنجان» لمحمد الموجى، البعض قرأ المقال باعتباره يحمل تشكيكا فى إنجاز ملحن كبير، الصدفة كنا نحتفل قبلها بساعات بذكرى رحيله عن عالمنا 23 عاما، عاصرت الموجى واقتربت من مدرسته الموسيقية، ومدرك تماما أنه الأستاذ، ولكن واقعة «قارئة الفنجان» والاستعانة بميشيل المصرى أيضا ليست محض خيال، عبد الحليم كان لديه فى السنوات الأخيرة من حياته الكثير من المواقف التى تؤكد على أنه صار يعتبر نفسه هو الأغنية والأغنية هى عبد الحليم، وعلى الجميع أن يخضعوا له، لها ما يؤكدها، الموجى قبل واقعة «قارئة الفنجان» بسنوات قلائل اضطر لغناء موشح «كامل الأوصاف» فى حفل أقيم فى دمشق لإحساسه بأن عبد الحليم خان اللحن، أو فى الحد الأدنى لم يردده كما أراد الموجى.

إلا أن تلك الإضافة الموسيقية التى منحها ميشيل لمقدمة القصيدة لا تعنى أن هناك مشاطرة فى الإبداع، ولكن إليكم وقائع أكثر حساسية، مثلا أغنية «قال جانى بعد يومين» لسميرة سعيد، هذا اللحن كما ذكر لى الموسيقار الكبير كمال الطويل أنه كان قد لحنه بشعر عبد الوهاب محمد للمطربة الكبير نجاة، وتم إسناد التوزيع إلى د. جمال سلامة، ولكن تعثر التنفيذ لسبب أو لآخر ونسى الطويل اللحن، وبالصدفة استمع إليه الطويل مسجلا بصوت سميرة وعليه توقيع جمال سلامة كملحن، سارع بالاتصال به فقال له «إذا ماكناش ح نأخذ من الأستاذ كمال الطويل أُمال ح نأخذ من مين؟»، واكتفى الطويل بهذا القدر، ولكنه بعدها صار حريصا على ألا يسند لجمال سلامة توزيع أى من أغانيه واتجه إلى محطة أخرى وهو عمار الشريعى.

ويبقى بين عمار والطويل مساحة عميقة من الإبداع لا تخلو من أبوة كان يمنحها الطويل للشريعى، كثيرا ما وقف الطويل إلى جانب عمار مدافعا عنه، حتى توج هذه العلاقة باللقاء المشترك لأغانى المسلسل الشهير «هى وهو»، وظل الأمر غامضا من الذى وضع بالضبط الخط اللحنى، أتيح لى على المستوى الشخصى لى أن أستمع إلى «بروفات» تعود لأكثر من ربع قرن مع الملحن الشاب زياد الطويل، كانت التسجيلات تحاول أن تجيب عن سؤال، كيف تمت صياغة ألحان مسلسل «هو وهى»؟، التى غنتها سعاد حسنى بشعر صلاح جاهين، وأشهرها «الشكالاته» و«خالى البيه»، ووجدت فيها خيطا لو أمسكنا به وحللناه لاقتربنا من الحقيقة، وهو كيف يتم الإبداع المشترك؟، اكتشفت أن الخط النغمى فى تلحين الكلمات لكمال الطويل، بينما «اللزم» الموسيقية والمقدمة والتوزيع والتنفيذ لعمار الشريعى، فى حياة الطويل وعمار، لم يكن أحد يذكر أبدا إجابة قاطعة، وكل منهما كان يمنح الآخر فضل نجاح الألحان، بينما سعاد فى كل أحاديثها كانت لا تذكر سوى أن الأغانى تلحين الطويل فقط، وحدثت بعدها جفوة وخصومة بين سعاد وعمار، فى البداية حاول عمار أكثر من مرة تنبيهها لتذكر اسمه دون جدوى، فقرر الانتقام بإسناد الأغنيتين للمطربة الشعبية فاطمة عيد، بدون علم الطويل، ومع الزمن لم يعد الناس يتذكرون سوى صوت سعاد حسنى وماتت الأغنيتان بصوت فاطمة عيد لأن مشاعر الانتقام لا تطرح إبداعا، لم يكن الطويل راضيا قطعا عما فعله عمار إلا أنه حرص على ألا يوجه إليه أى عتاب علنى.

وثيقة الطويل والشريعى التى استمعت إليها قدمت لنا بداية خيط الإجابة، والحقيقة أن الإذاعة المصرية عندما تقدم أغنيات «هو وهى» يذكر مذيع الهواء أنها من تلحين كمال الطويل بالاشتراك مع عمار الشريعى، ورحل الطويل عن عالمنا 2003 والشريعى عاش بعده بنحو عشرة أعوام، ولم يحدث أن اعترض عمار على أن يأتى اسمه تاليا ومشاركا، بينما اللحن منسوب للطويل!.

المقال نقلا عن موقع المصري اليوم