طارق أبوزينب يكتب: من تغير.. السعودية أم لبنان

ركن القراء



لافت جداً الغرق الاعلامي في تحليل الحراك السعودي بلبنان في الآونة الأخيرة ، واعطاء النشاط الانساني - الاخلاقي  باليوم العالمي لمكافحة المخدرات أبعاداً ليست على اجندات العملين السياسي والديبلوماسي السعوديين.

فالنشاط الرياضي - السياحي الذي  تقدمه القائم بالاعمال معالي الوزير المفوض الدكتور وليد البخاري لا يشكل جديداً  في السياسية والديبلوماسية السعودية، كما انه من طبيعة اخلاقية لطالما وسمت شخصية الرجل الذي كان على الدوام أساسا حاضراً في دعم لبنان واللبنانيين، ولبنان بالنسبة للسعودية هو الجمهورية اللبنانية كلها  وحتى لو آذاها منها "مربعات معينة" ، اما اللبنانيون فهم كل شعب هذا الجمهورية ومن دون استثناء لأي منهم مهما كان مكونه الثقافي. 

بهذا المعنى فان النشاط الذي نُظم  وعلى حضاريته وأهميته الاخلاقية في حماية الأسر والشباب من آفه المخدرات ، لا يعني بحال من الاحوال انه وسيلة ديبلوماسية تستعيض فيه المملكة بدلاً عن ضائع.

صحيح ان التباسات عدة  راكمت ضبابا في العلاقة بين لبنان والسعودية وسببها معروف وواضح عند الذين قدموا الميليشيات الطائفية على الروابط القومية والثقافية مع الرياض بوصفها قبلة روحية وقومية، لكن هذه الالتباسات يجب ان يزيلها بعض ممن يغامر ببلاد البخور والعسل.


الآن نحن امام واقع هو على الشكل التالي: نظام ايراني طائفي اقام نفسه مقام النظام اللبناني البرلماني الديموقراطي  وحل ناطقاً باسم لبنان واللبنانيين والوقائع في هذا السياق لا تحصى. والنظام الايراني وحرسه الثوري قد اتبعا سياسة ثابتة في نشر الأيديولوجية الثورية بهدف تقويض النظام الدولي والعديد من الدول عبر القوة والتخريب.

في المقابل هناك المملكة العربية السعودية بأبعادها الدينية والإنسانية  والسياسية والقومية والاقتصادية وما تمثل من تقاطع لهذه العناصر المُشكلة لأدوارها لم تنيب نفسها عن أي دولة ، وترفض مبدأ زعزعة استقرار الأنظمة او الاتيان بأنظمة موالية لها ، وعلى الرغم من عمق وجودها في لبنان وفي الوجدان اللبناني العام ، إلا أنها لم تستثمر في الدم اللبناني ، ولا في الموقع الجيوسياسي للبنان لتتصدر "هذا المحور أو ذاك" بغرض المتاجرة الدولية او ممارسة "الابتزاز الدولي" بقضية فلسطين وهي الأقدس في مواجهة دولة عنصرية لا تعدو عن كونها احتلالاً.

لقد كانت السياسة الخارجية السعودية ومنذ عقود وحتى اليوم معتمدة في تحركاتها على مبادئ وثوابت محددة تجسدت فيما يلي: حُسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري، وتعزيز العلاقات الخليجية العربية الإسلامية بما يخدم المصالح المشتركة، وانتهاج سياسة عدم الإنحياز، وتأدية دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية. والتزاما بهذه المبادئ والثوابت، تحضر في لبنان اليوم كما فعل الأجداد وسيفعل الأحفاد.

واكثر ما يبعث على الغرابة هو الوقاحة التي راحت تنضح حول مطالبة السعودية بتشجيع رعاياها على جعل لبنان وجهتهم السياحية، في حين ان غالب هؤلاء مطلوب منهم ان يضغطوا ويستعرضوا مواهبهم في الضغط على من يحاول ليل نهار تحطيم العلاقات اللبنانية - العربية خصوصا السعودية منها.

في التجريد السياسي فان الدول مصالح بحتة، لكن في حال العلاقة اللبنانية - السعودية هناك فضاء عاطفي وأخلاقي وهو بالغ الأهمية، لكن "البعض اللبناني" - وتحديداً حزب الله وتوابعه الذين يزعمون لنفسهم صفة "حلفاء"- هذا "البعض " يريد لهذا الفضاء السقوط كي لا يبقى من لبنان العربي شيء.

السعودية هي ما اعلنه القائم بالاعمال الوزير المفوض الدكتور وليد البخاري من دار الفتوى عن الحرص على لبنان واللبنانيين واستقرارهم، والسعودية من موقعها القيادي في العالمين العربي والاسلامي. هكذا ،  فان من تغير هو لبنان ، أما السعودية فانها ما بدلت تبديلا.