المذنبون.. أغنياء الطبقة ينهبون الدعم ويتهربون من سداد الضرائب

العدد الأسبوعي



يتقاضى المحامون الكبار أتعابهم فى كثير من القضايا عدة ملايين من الجنيهات، لكنهم يرفضون فى الوقت نفسه إصدار فاتورة لموكليهم ولو بألف جنيه، وهو نفس ما يفعله الطبيب الكبير والمحاسبون وأصحاب الورش والصنايعية، وهؤلاء جميعاً يحصلون على آلاف الجنيهات يومياً دون أن يسجلوا على أنفسهم ورقة تكشف عن حجم أرباحهم.

ونفس هذه الفئات ترفض دفع الضرائب وكأنهم «ماسكين على البلد ذلة»، وكأن الضرائب منحة منهم للوطن وليس واجبًا على كل مواطن الغنى قبل الفقير، وترفض هذه الفئات إجراءات الإصلاح الاقتصادى ويحاولون تصوير الأمر بأن ارتفاع الأسعار وخفض الدعم حولهم إلى فقراء رغم أنهم يستفيدون من الدعم طيلة عشرات السنوات دون سداد ضرائب ما يعنى أنهم يعيشون عالة على الوطن وعالة على الفقراء أيضاً.

يحصل المحامون والأطباء والمحاسبون الكبار وأصحاب الورش المتوسطة على كامل حقوقهم من خدمات وطاقة رخيصة، وفوق كل ذلك لا يمكن للدولة الحصول على ضرائب منهم وإلا تم اتهامها بالتعسف رغم أن التهرب من سداد الضرائب جريمة جنائية فى أى دولة متقدمة.

كان يمكن ألا يتعرض مواطنون كثيرون الوطن من ورائهم للألم من الإجراءات الاقتصادية الصعبة التى تتابعت على البلاد خلال الـ3 سنوات الأخيرة، وذلك فى حال واحدة، إذا سدد جميع هذه الشرائح من الفئات التى ذكرناها،إذ تصل حجم الضرائب المقدرة عليهم إلى عشرات المليارات وربما تصل للمئات، إلا أنهم يتسترون خلف القانون لجر الدولة إلى المنازعات الضريبية والتحكيم وتقدير الخبراء واللجان والمحاكم هروباً من الدفع، وإذا انتهى الماراثون بهزيمتهم سيكونون قد كسبوا سنوات طويلة يستثمرون خلالها مستحقات الضرائب وفى النهاية وكأنهم لم يدفعوا شيئاً.

هذا الأسلوب أقرب إلى حرب صامتة وخبيثة ليس ضد الدولة ولكن ضد محدودى الدخل والفقراء الذين يدفعون ضرائبهم من المنبع خصوصاً موظفى الدولة والشركات الخاصة، وكل جنيه يتهرب كبار المحامين والأطباء والمحاسبين من سداده للدولة يعنى مزيداً من المعاناة لفقراء الوطن، ويعنى مزيداً من الألم ويعنى أيضاً استمرار إجراءات الإصلاح الاقتصادى لمدة أطول أى تضاعف أعداد الفقراء.

صوت هذه الفئات عال ولديها منطق وقدرة على تشويه إجراءات الدولة وجهود الحكومة، رغم أنهم هم الجناة الحقيقيون، ولو فكروا بمنطق سليم لاكتشفوا أنهم يأكلون لحم أجسادهم فما الفائدة فى أن يصبحوا أغنياء إذا تحول المحيط الذى يعيشون فيه إلى ساحة للفوضى.