أحمد فشير يكتب: الأغنية المصرية في مهب الريح

مقالات الرأي



بينما يرحل شهر رمضان الكريم، ونعته بالكرم لم يكن محابة له أو مجاملة، فرغم زيارته التي يهل بها علينا من نفحات وتجليات؛ إلا أنه حينما يرحل يكافئنا بفرحة أخرى وهي "العيد"، ومع مجيئ كل عيد تستعيد قنوات التلفزيون ومحطات الأثير (الراديو) أغنيتي "يا ليلة العيد" و"أهلاً بالعيد".

 

"ليلة العيد" أغنية من مواليد عام ١٩٣٩ كتبها (أحمد رامي) ولحنها (السنباطي) وغنتها كوكب الشرق (أم كلثوم)، فالبرغم من مرور نحو ٨٠ عام وورود الفنانين والمطربين من كل حدبٍ ووصب إلا أنهم عجزوا عن تدشين (عمل فني) مع التركيز على كلمة "فني" يضاهي "ليلة العيد".. فما هذا الفقر الذي تتعرض له الأغنية المصرية؟.


وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الأكثر سماعًا والأقرب لقلوب المصريين العمل الفني الآخر "أهلاً بالعيد"، فقبل أن تخرط إلى النور، رفضت (صفاء أبو السعود) في البداية غنائها؛ مخافة من أن تضع نفسها في مقارنة مع (أم كلثوم) بالإضافة إلى أن "ليلة العيد" تستحوذ على درجة قبول لدي المصريين تفوق أي عمل فني آخر، ولكن غنتها (أبو السعود) وتألقت وتزاملت الأعمال الفنية "المحترمة" معًا فحينما نسمع ليلة العيد فلابد من أن تعقبها أهلاً بالعيد.


أما في الأونة الأخيرة تهاوت طموحات المطربين والمطربات، غنوا كلمات هشة بألحان مفزعةعبثة مجردة من أي إبداع أو فكر، فلم تخرج علينا طوال الأعوام الماضية أغنية تؤثر فينا ونتأثر بها خصوصًا في الأحداث الوطنية أو الأعياد الرسمية، والسبب أن الأعمال الفنية يتم طبخها سريعًا فسرعان ما نجوع بعد سماعها.


وكانت النتيجة من هذا العبث والضجيج وانعدام نشر الثقافة؛ ظهور أجيال تتبرء من هويتها المصرية بل من لغتها العربية قراءة وغناء، يستنكرون كل قديم ويشمئزون منه، يميلون كل الميل للأغاني الهابطة ذات الكلام الركيك والذي أحيانًا يصل إلى التجريح، فالتهاون في إيجاد حلول لهذه المشكلة كارثة بكافة المقاييس.


نريد إعادة الشيء لطبيعته، من خلال ثقافة وفكر وغناء يعيد للأجيال هويتها وانتمائها، يكسبها الثقة ويمكنها أن تختار الجيد من الردئ وتفرق بين الغث والسمين.. بل إن حماية ثقافتنا وهويتنا أمر لا يمكن السكوت عليها، فا بناء الإنسان أهم من بناء البنيان ..وللحديث بقية.


للتواصل مع الكاتب: [email protected]