"العيد في كرموز"..سيدات الإسكندرية يصنعن الكعك في الشارع لإحياء التراث

تقارير وحوارات



 

رائحة مخبوزات العيد الساخنة تطرق باب كل منزل في الحي، فتمتزج بألحان أغنيات الترحيب بقدوم عيد الفطر المبارك وتوديع شهر رمضان الذي يكاد ينتهي بعد أيام قليلة، فتجمع الجدة أحفادها وبناتها، وتُفتح أبواب الجيران على مصراعيها لمشاركة هذه اللحظة مع سكان المنطقة، أما عن صواني الصاج المحملة بالكعك والبسكويت فتستقر فوق الرؤوس التي تنتشر كالنحل داخل الخلية، للحاق بالأفران حتى تخبز ما صنعوه.

 

تلاشت هذه اللحظات السعيدة مع مرور الزمن والتطور، حتى تحولت تفاصيلها في حياة بونسيه صلاح، إلى مجرد ذكريات تسردها للصغار حيث أفتقد جيلهم إلى هذه الأجواء الممتعة التي خلقتها عادات استقبال العيد، فقلما تجد منزلًا يستعد إلى ليلة صنع كعك العيد، ونادرًا ما تلمح الصواني المحملة بمخبوزات العيد التي تخرج من تحت أيادي الأمهات  إلى الأفران، حتى المنازل أغلقت أبوابها فاكتفت بالاعتماد على محال الحلويات وربما اعتبره البعض مجرد رفاهية لا تستدعي تناولها في ظل غلاء الأسعار.

 

"حسينا إننا لازم نعيد إحياء تراث"، من هذه العبارة انطلقت "بونسيه" لتنفيذ فكرتها منذ عام 2016، بالتعاون مع مشروعي "ميتوبيا" و "شانزليزيه" لإعادة تفعيل هذه العادة القديمة التي اعتاد المصريون عليها في كل عيد، حيث أعلنت المجموعة عن فعالية صنع الكعك في أحد شوارع الإسكندرية، والتي تستهدف السيدات المحتاجات ممن تتم دعوتهن للمشاركة سنويًا.

 

ومع بدء العد التنازلي لحلول العيد بأجوائه المبهجة، تستعد "صلاح" مع أصحاب المشروعات المتعاونة إلى هذه المناسبة بشراء أدوات الكعك والعجين والصواني "الصاج" وإحضارها إلى منطقة كرموز، حيث تقام عدة فعاليات تهدف إلى الارتقاء بسلوك الأمهات البسيطة وأبنائهن "بنعلمهم صنعة جديدة يعيشوا منها".

 

ترى "بونسيه" إن هذه المبادرة تحقق عدة أهداف للمجتمع، حيث تساهم في إعادة إحياء العادات القديمة التي تضفي البهجة وتعيد الروح إلى شوارع الإسكندرية في العيد، ناهيك عن كونها نوع مختلف من المساعدات إلى البسطاء "لما بيعملوا الكحك معانا بياخدوا منه مقابل شغلهم وبكدة يكونوا خدوه بطريقة شيك مش مجرد عطف".

 

 

 

تنفذ المجموعة هذه الفكرة لعامها الثالث على التوالي، حيث تهدف إلى انتشارها في كافة محافظات مصر، لتصبح الأجيال الحديثة والقادمة شاهدة على هذه العادات التي تصنع شريطًا لا يُنسى من الذكريات، فيتناقل أحداثها الصغار قبل الكبار، بعيدًا عن السلوكيات اللاحضارية التي اختلقوها بسبب افتقارهم لأجواء المناسبات الصحيحة "انتشار العادات الكويسة بيغطي على السلوكيات الغلط في المجتمع".