طارق الشناوي يكتب: أشواك النجاح القاتلة بين عادل إمام ومحمد رمضان!!

الفجر الفني



ما هو الغريب فيما يفعله محمد رمضان عما بالضبط كان يفعله عادل إمام؟ عادل منذ نهاية السبعينيات، ومع إرهاصات النجومية وتفوقه الرقمى، نبتت له أشواك، وهى إذا لم تجد من تطعنه يطعن بها النجم نفسه، عادل كان يحرص على إثارة غيظ منافسيه ويدميهم بتلك الأشواك، مع الحفاظ على جمهوره، بينما رمضان يوجه نصل أشواكه لزملائه، ويثير بين الحين والآخر حفيظة وحنق جمهوره. عادل كانت له مجموعة من الصحفيين ومن مختلف الأعمار والتوجهات يعملون فى فريقه، ليأكدوا للقاسى والدانى أنه الأول، هو أول فنان يلعب بالرقم ع المكشوف، كان يحرص فى مسرحه بشارع (الحرية) قبل أن ينتقل لشارع (الهرم)، على أن يضع على السبورة فى حجرته يوميا إيراداته وإيرادات المنافسين ليتأكد كل من يزوره أنه (نمرة واحد)، فى أحاديثه كثيرا ما يعلن: لا تهمنى الجوائز يكفينى الشباك، يحرص على أن يوضع فى مكانة خاصة بعيدا عن كل زملائه، ولهذا فهو لا يسجل برامج تليفزيونية سبقه إليها الآخرون، حتى لا يبدو وكأنه يقف معهم فى الطابور، يُصنع له برنامج مثل (أغلى نجم)، ليقول المنتجون والمخرجون إنه الأرخص رغم حصوله على الرقم الأعلى كأجر.

 

يمارس سطوة مطلقة على الجميع، كثير من النجمات، بمن فيهن سعاد حسنى، عانين من صلفه وغروره، طبعا الخطأ لا يبرر الخطأ، ولكنها مع الأسف (جينات) تنتقل للجيل الجديد من أنياب النجومية. عادل مثلا فى الثمانينيات- قبل المحمول- كان يحرص فى أحاديثه على نفى أنه يمتلك تليفونا فى سيارته الخاصة، وكان التليفون فى الضمير الجمعى هو دلالة على الثراء الفاحش، عادل قطعا يستطيع شراء  (سنترال) متكامل، إلا أنه يعلم أن جمهوره يريد أن يراه مثلهم بالجينز والتى شيرت، وهذا هو الزى الغالب له فى القسط  الوافر من أفلامه، الجماهير لا تمتلك أساسا سيارة فكيف يعلن أن لديه تليفونا فى السيارة؟!، رمضان يحرص على أن يلتقط لنفسه صورة مع أغلى سيارتين فى العالم، إنه يذكرنى ببنت البلد التى كانت تتباهى بعدد الأساور فى معصمها، وابن البلد الذى يفتخر بعدد أسنان  (اللولى) فى فمه. عادل مثلا أشهر ما قدمه على المسرح (الواد سيد الشغال) ووجد أن لقب (الواد) لا يليق به فقدم بعدها مسرحية (الزعيم) فصارت لقبا له، والصحافة لا تذكر اسمه وإلا وقد سبقه لقب الزعيم، رغم أنه فعليا لا تتوافر فيه سمات الزعامة. رمضان كان من الممكن أن يُصبح (حبيشة) مثلا أو (الألمانى) أو (عبده موتة)، ولكنه وعلى طريقة عادل إمام أراد أن يعثر على اسم يمنحه مكانة خاصة ويلتصق به فكان (الأسطورة)!!.

 

الفارق الزمنى بين عادل ورمضان 50 عاما، عادل استطاع الاستمرار كل هذه السنوات لأنه دائما يحيط اختياراته بقدر من الذكاء، عندما ظهر جيل هنيدى، قبل عشرين عاما، وباتوا يحققون إيرادات أعلى، غيّر فورا البوصلة وتعامل مع جيل جديد من المخرجين، وانتقل أيضا للكاتب يوسف معاطى الذى استطاع فك شفرة هذا الجيل، قبل أن يستبدله فى (عوالم خفية) بورشة أكثر روشنة وأقل إبداعا. لم يفتح عادل النيران على من أزاحوه عن القمة، بل عرف كيف يستردها منهم، رمضان يهتف فى كل لحظة (أنا نمرة واحد)، أفقدوه صوابه وطاقته عندما أدخلوه فى معارك صغيرة متلاحقة وهو يرد عليهم بصلف مثل (لا عزاء للأغبياء)، أو أن (الأسود لا تعبأ بما تفعله الحمير). عادل لايزال يواصل الحضور، ليس لأنه الأكثر موهبة، ولكن لقدرته على تقليم أشواك النجاح، رمضان مع الأسف تقتله شيئا فشيئا أشواك النجاح!!.


المقال نقلا عن "المصري اليوم"