نجوم المونديال (11).. أسطورة الكرة الألمانية "جيرد مولر" ثالث أعظم هداف في تاريخ كأس العالم

الفجر الرياضي



 

"نجوم المونديال" زاوية يقدمها "الفجر الرياضي" وتستمر حتى انطلاق بطولة كأس العالم "روسيا 2018"، و يُلقي من خلالها الضوء على مسيرة أحد نجوم المونديال الذين حققوا إنجازات عظيمة سواء على المستوى الشخصي أو لمنتخبات بلادهم خلال تاريخ البطولة العالمية.

 

بطل حكايتنا المونديالية اليوم وقبل 11 يومًا على انطلاق منافسات كأس العالم "روسيا 2018" هو أسطورة بمعنى الكلمة صال وجال كثيرًا في ملاعب الساحرة المستديرة سجل العديد من الأهداف الحاسمة خلال مسيرته الكروية وحصد الكثير من الالقاب والبطولات والجوائز، وسجل اسمه بحروف من ذهب في سجلات تاريخ الكرة العالمية ألا وهو النجم الألماني السابق "جيرد مولر" ثالث أعظم هداف في تاريخ كأس العالم وأحد أبرز الهدافين في تاريخ الدوري الألماني.

 

ولد جيرد مولر في 3 نوفمبر لعام 1945 بمدينة "نوردلينجن" الألمانية، وبدأ مشواره الكروي في سن التاسعة في مسقط رأسه بمدينة نوردلينجن، التي لا تبعد عن ميونيخ سوى ساعة ونصف بالسيارة، وببلوغه سن الـ17 تدرج في جميع الفئات العمرية لنادي نوردلينجن، وخلال موسم 1962-1963 سجل لفريقه عددا هائلا من الأهداف بلغت 180 هدفًا.

 

في عام 1964 انضم "مولر" لصفوف فريق بايرن ميونيخ الألماني، الذي كان ينافس وقتها في دوري الدرجة الثانية، وكان مدرب الفريق زلاتكو تشيك كاجكوفسكي يسخر منه ويقول "ماذا أفعل برباع في فريقي؟"، حيث كان مولر يبدو كلاعب رفع أثقال من أوروبا الشرقية بالنظر لضخامة الجزء العلوي من جسده وقصر ساقيه، بالإضافة إلى فخذيه الممتلئتين.

 

وأبقاه "كاجكوفسكي" طوال عشر مباريات على دكة البدلاء، إلى أن حانت الفرصة وأشركه في التشكيلة الأساسية للفريق بإيعاز من الرئيس السابق لنادي بايرن ميونيخ فيلهيلم نويديكر، الذي كان يعمل مقاولاً في مجال البناء، ولم يكن مولر ينتظر أكثر من ذلك، حيث تمكن في بدايته الأولى في البطولة الإقليمية في أكتوبر 1964 من هز شباك نادي فرايبورج مرتين. وكانت تلك أول لبنة في مشواره الكروي على مستوى الكرة العالمية، ومنذ ذلك الوقت أصبح مدربه كاجكوفسكي يناديه بلقب "مولر القصير البدين".

 

لعب مولر خلال مسيرته مع بايرن ميونيخ 453 مباراة وسجل 398 هدفًا، نجح في عام 1965 برفقة زملائه سيب ماير وفرانز بيكنباور في قيادة الفريق البافاري للصعود للدوري الألماني الممتاز "البوندسليجا" ، وتمكن الفريق خلال أول موسم له بين أندية الصفوة من احتلال المركز الثالث في ترتيب الدوري، كما حقق لقب كأس ألمانيا وهو اللقب الذي أحرزه أيضاً في سنوات 1967 ،1969 ، 1971، أما أول لقب في الدوري الألماني حققه عام 1969، وكرر الفوز بلقب البطولة المحلية 3 مرات أخرى أعوام 1972 و1973 و1974، وفاز معه بكأس الكؤوس الأوروبية ، ولقب دوري أبطال أوروبا 3 مرات أعوام 1974، 1975، 1976، كما توج مع الفريق البافاري بلقب كأس العالم للأندية "الانتركونتنينتال".

 

وظل "مولر" هداف فريق بايرن ميونيخ إبتداء من موسم 1964-1965 حتى موسم 1977-1978، كما فاز بلقب هداف الدوري الألماني الممتاز سبع مرات (1967 و1969 و1970 و1972 و1973 و1974 و1978).

 

وفي عام 1979 قبل جيرد مولر عرضاً مغرياً للسفر برفقة زوجته أوشي وابنته نيكول للعب في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أراد أن يبدأ صفحة جديدة في مشواره الكروي بعدما أصبح خارج حسابات المدرب السابق لنادي بايرن ميونيخ بال سيرني حتى أنه تم استبداله لأول مرة في حياته قبل نهاية المباراة، و وقع مولر لمدة عامين ونصف لصالح نادي فورت لاودردال سترايكرز، الذي يلعب في دوري أمريكا الشمالية للمحترفين، وبلغ معه عام 1980 نهائي الدوري، إلا أنه خسره أمام فريق كوزموس نيويورك، الذي يلعب له زميله السابق فرانز بيكنباور، بنتيجة 3-0.، وخاض 80 مباراة بين 1979 و1981 في الدوري الأمريكي، بلغ فيها الشباك 40 مرة.

 

وأنهى "مولر" مسيرته الرياضية مع نادي سميث براذرز لاونج، ولم يضع فقط حداً لمساره الكروي في فلوريدا، بل افتتح أيضاً متجر ستيك هاوس أمبري، وبما أنه قرر البقاء نهائياً في الولايات المتحدة الأمريكية باع كل ممتلكاته بمدينة ميونيخ، وفي النهاية اشتد عليه الحنين إلى الديار، فعاد في أبريل 1984 مع أسرته إلى ميونيخ حيث الأصدقاء القدامى.

 

أما عن مسيرته الدولية خاض "جيرد مولر" 62 مباراة مع المنتخب الألماني في الفترة من 1966 وحتى 1974، وسجل 68 هدفًا، منها 14 هدفا في كأس العالم ليصبح ثالث أعظم هداف في تاريخ البطولة خلف الثنائي الألماني ميروسلاف كلوزه والبرازيل رونالدو، وقاد مولر المنتخب الألماني للتتويج بلقب كأس العالم 1974 بتسجيله هدف الفوز في شباك منتخب هولندا، كما حصل مع منتخب بلاده على المركز الثالث في مونديال 1970 وحصل على لقب هداف البطولة برصيد 10 أهداف، وحصد أيضًا لقب بطولة الأمم الأوروبية مع المانشافت عام 1972.

 

ويعتبر مولر واحدا من خمسة لاعبين فقط نجحوا في هز الشباك أكثر من 700 مرة في مباريات رسمية، حيث سجل 735 هدفاً، وسجل 365 هدفًا في الدوري الألماني.

 

وحظي مولر طيلة مشواره بالعديد من الجوائز التقديرية، حيث تم اختياره أفضل لاعب في ألمانيا عام 1967 عندما كان عمره 27 سنة، وبعد ذلك بعامين توج باللقب نفسه مرة أخرى، وبعدما أحرز جائزة الحذاء الذهبي في مونديال الأرجنتين 1970، كان أول ألماني يفوز بلقب أفضل لاعب أوروبي (الكرة الذهبية) في نفس العام. وتم اختياره أيضا ثلاث مرات على التوالي ضمن تشكيلة فريق "فيفا" المثالي في أعوام (1971 و1972 و1973)، واختير كذلك عام 1973 ضمن تشكيلة فريق "يويفا"، وبجانب الجوائز التقديرية الكروية منح جائزة ورقة الغار الفضية سنة 1967، ووسام الاستحقاق الألماني سنة 1977، أما في مايو 1998 فقد تسلم وسام الاستحقاق من "فيفا"، كما تم اختياره كذلك لتمثيل مدينة ميونيخ كسفير لبطولة كأس العالم ألمانيا 2006.

 

أقيمت مباراة تكريم أسطورة الكرة الألمانية "مولر" عام 1983 أمام 50 ألف مشجع، حيث لعب خلال الشوط الأول مع بايرن ميونيخ، ثم ارتدى قميص المنتخب الألماني خلال الشوط الثاني الذي لم يلعب منه إلا بضع دقائق فقط، وانتهت المباراة لصالح بايرن ميونيخ بنتيجة 4-2، وعلى غير المعتاد لم يسجل مولر أي هدف ليسدل الستار على مسيرته الكروية.

 

وبعد إسدال الستار على مشوار كروي حافل، مر مولر بأزمة حادة، حيث لم يستوعب انتقاله من قمة النجومية إلى حياة الظل، وزاد إدمانه للكحوليات وأقر بنفسه "لقد دمرت حياتي بنفسي"، لكن مولر كان محظوظاً، إذ ساعده أصدقاؤه في بايرن ميونيخ، وخصوصاً مدير الأعمال أولي هونيس، على الوقوف مجدداً على قدميه، وبعد قضائه أربعة أسابيع ناجحة بمدينة جارميش بارتنكيرشن للعلاج من الإدمان، وقع الهداف السابق عقداً لنادي بايرن ميونيخ العريق عام 1992، وكانت مهمته هي البحث عن رعاة جدد وكذلك التنقيب على المواهب الجديدة بالإضافة إلى المشاركة في تدريب المهاجمين وحراس المرمى، وتحمل بعد ذلك مهمة تدريب فريق الشباب، ثم صار مدرباً مساعداً للفريق الأول، ونال سنة 1992 شهادة التدريب ودرب منذ موسم 1995-1996 فريق بايرن ميونيخ للهواة في الدوري الإقليمي الألماني، واستمر في مجال التدريب عدة سنوات قبل أن يُصاب بمرض "الزهايمر" ليبتعد عن الساحرة المستديرة تمامًا.

 

وكان يُلقب مولر بعدة ألقاب منها (المدفعجي – البومبير - المدفع الألماني- مولر القصير البدين)، وكان يرتدي القميص رقم 13 خلال مسيرته الكروية.