"طايع".. أول عمل بعد "مومياء" شادي

منوعات



 شهيرة النجار

عبد السلام يكتب بواقعية


لا أخفى أنها المرة الأولى، التى أتابع فيها عمرو يوسف، بعد مسلسل الدالى، قبل عشر سنوات، والذى كان أول ظهور له فيه، ودوره فى المسلسل جعلنى لا أحب مشاهدته، لكن عند متابعة العمل الجديد من أول حلقة تغير رأيى. بداية هو إنتاج رامى عادل إمام، ذات الشركة المنتجة لمسلسل والده عادل إمام، عوالم خفية، والذى لنا معه وقفة أيضاً.

العمل مكتوب بفكر جديد عن التنقيب عن الآثار فى الصعيد، ومافيا البيع والعلاقة بين سارق الآثار والدولة، وكيفية تغلغل حرامية الآثار بالدولة، من خلال شخصية حربى، التى يجسدها باقتدار عمرو عبد الجليل، الذى تفوق على نفسه فى الدور، لدرجة تجعلك من شدة انسجامك مع المشاهدة لا تملك القدرة على كرهه، بل تحبه وتتعاطف معه، رغم أنه يجسد الشر كاملاً، سارق آثار وقاتل وحارق بيوت، كل شيء وحش، لكن عمرو بأدائه الرائع يجعلك تحبه، ويخرج لك الجانب الإنسانى فى تلك الشخصية ويبلورها.

الحبكة الدرامية والتصوير ولا أروع لصعيد مصر، وأعتقد أنها المرة الأولى بعد فيلم المومياء لشادى عبد السلام، يتم تسليط الضوء بشكل صحيح عن فكر واعتقاد أهل الصعيد، فى تجارة الآثار، التى يرونها سليمة، بينما الدولة تجرمها، بل إن قرية بأكملها تنافس بعضها البعض فى التنقيب، وتحارب بعضها على من يسبق قبل الآخر من يبيع أولاً، بل إن مهر العروس يكون من كنوز الآثار، ففى أحد المشاهد وهو رغم قصره، لكنه يلخص الحال جلياً، العريس يقدم لعروسه قطع جنيهات ذهبية، ومعها عقد يقول لها هذا من مقبرة أميرة ملكية.

ترد والدته: هذا كان مهرى من أبوك، وتنظر ليديها، ما فى يدى ذهب من تحت الأرض، أخذته وسيحته، فإذا أردتى يا عروس أن تسيحيه وتعملى مصاغ جديد، أنت حرة، وإذا أبقيتى عليه كما هو، فهذا شأنك، منتهى الواقعية لوضع يعيشه الصعيد، ونحن نضع رءوسنا فى التراب، العمل لم ينس قضية الثأر والصراع بين العلم والجهل والدين، ولأول مرة يكشف عن فكرة «الدلال»، وهى الملهم الذى «بالبلدى مخاوى»، يأتيه إحساس أن بهذا المكان آثار أم لا، وكيف أن «الدلال» وهى ملكة لا توجد عند كثيرين، هى من الأهمية ما يجعلها تشفع لصاحبها، حتى الخيانة فى عمل تجار الآثار ولا يستطيعون التضحية به.

عمرو يوسف الذى يتنافس مع عمرو عبدالجليل، يكونان سيمفونية درامية محبكة، العمل شارك فيه سهير المرشدى، لكن مساحة الدور لا تليق واسمها الكبير، حتى الآن مشاهدها لا تتعدى خمسة أو ستة مشاهد، يمكن أن تقدمها أى ممثلة أخرى، ولكن اسم وتاريخ المرشدى لا يليق وهذا الدور، صبا مبارك من شدة إتقانها للهجة الصعيدية وتوحد ملامحها مع فتيات الصعيد نسيت أنها فنانة أردنية.

عمل درامى أعتقد أنه من أهم ثلاثة أعمال، تقدم على شاشة رمضان هذا العام، بل إنه حجز لنفسه مكانة وسط الأعمال التى ستؤرخ بصدق لتاريخ الآثار فى مصر، بوعى ودون إسفاف أو شطح كعادة كتاب الدراما والسينما، العمل لا ينقصه شيء، متكامل كتابياً وإخراجيا وتمثيلياً، والحقيقة تم ظلم عمرو عبدالجليل، بعدم وضع صورته على تتر العمل، بجوار عمرو يوسف، أرى أنه تسويقيا ونجومياً لا يقل عن عمرو يوسف، إن لم يكن تفوق عليه، ولكنها لعبة كتاب الدراما.