مي سمير تكتب: أردوغان.. "ديكتاتور من يومه"

مقالات الرأي



"لوبوان" الفرنسية ترصد جرائمه داخل وخارج تركيا

المجلة عن الرئيس التركي: مصاب بجنون العظمة والرغبة فى السيطرة على المسلمين بأوروبا

بنى ضريحاً له فى مسجد عملاق على مرتفعات إسطنبول.. ويجبر أشخاصاً على تذوق طعامه خشية القتل بالسم

المعارضة: مرشحنا ضده فى الانتخابات المبكرة فى السجن ونحن متهمون بالخيانة

مسئول سابق بـ"العدالة والتنمية" أردوغان ضغط لبيع شركات الخصخصة لأقاربه


«منذ وجوده فى السلطة منذ 15 عاما، يؤسس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، نظاما ديكتاتورياً يثير مخاوف أوروبا»، بهذه العبارة افتتحت مجلة لوبوان الفرنسية ملفها الرئيسى فى العدد الأخير والذى حمل عنوان «أردوغان: الديكاتاتور»

يبدأ الملف برسم صورة للمشهد فى تركيا وتحديداً من داخل ملعب باكيركوى لكرة السلة فى اسطنبول الذى تحول إلى دار للسينما وامتلأت مدرجاته بأشخاص ترفع أعلام أو رايات فى انتظار بدء الفيلم.

ومع مقدمة موسيقية فخمة بدأ الفيلم الذى يعرض قصة القائد الذى يحكم تركيا منذ 15 عاماً، دون أن ينسى أى تفصيلة منذ طفولته فى شوارع اسطنبول الشعبية، لقائه مع زوجته، ولادة أطفاله، حبه لكرة القدم، وكذلك إقامته فى السجن.

وينتهى المشهد بعبارات من نوعية «إنه يحمى المظلومين فى جميع أنحاء العالم»، و»يبنى خطوة بخطوة تركيا العظيمة»، و»إنه مصلح ديمقراطى»، مع انتهاء الفيلم يدخل أردوغان إلى أرض الملعب وكأنه أحد نجوم موسيقى الروك، ثم يبدأ كلمته ويشرح لماذا يجب على الأتراك التصويت له فى الانتخابات الرئاسية وكذلك انتخاب المرشحين من حزبه العدالة والتنمية فى الانتخابات التشريعية.

طرد 150 ألف موظف من عملهم ويلاحق الحقوقيين

مراسل لوبوان فى أنقرة رومان حيبرت، يعتبر أن هذا المشهد ما هو إلا انعكاس لحملة انتخابية مضحكة، خاصة أن صلاح الدين دميرتاس، أحد المنافسين الرئيسيين لأردوغان، يخوض الانتخابات من السجن، كما تحظر حالة الطوارئ تجمع أكثر من 10 أشخاص، ويمكن اعتبار أى انتقاد صادر ضد الرئيس إهانة، يعاقب عليها الصحفى لعدة أشهر فى السجن، وتراقب الشرطة الشبكات الاجتماعية، بجانب 150 ألف موظف مدنى تم إقالتهم منذ محاولة الانقلاب على أردوغان فى صيف عام 2016، ويجد نشطاء العديد من منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية أنفسهم متهمين بروابط مع المنظمات الإرهابية.

فى ملعب كرة السلة، يستمتع أردوغان بالفعل بجولته، وفى غضون بضعة أسابيع - وبغض النظر عن إمكانية حدوث مفاجأة - سيكون لديه صلاحيات كاملة بفضل تعديل الدستور بوضع كل السلطات التنفيذية فى يد الرئيس، والذى تمكن من تمريره عن طريق الاستفتاء فى العام الماضى.

ويحتفل أردوغان بانتصاره مع مؤيديه، سكان هذه المناطق الشعبية فى اسطنبول الذين جعلوه ملكاً وبفضلهم حقق رئيس تركيا أداء سياسياً غير مسبوق ألا وهو بناء نظام استبدادى بدعم من ناخبيه.

تقدم أردوغان بشكل تدريجى فى الحياة السياسية، فلم يكن فى البداية يمتلك السمات التقليدية للنخبة التركية وعندما تولى قيادة الشباب فى حزب الخلاص الوطنى الإسلامى، الذى أسسه مرشده نجم الدين أربكان، كان عمره 20 عاماً فقط، لكنه أدرك بسرعة شديدة أنه ليس من الضرورى أن يبحث عن المتعاطفين فى المساجد، ولكن فى المقاهى.

كان أردوغان يتحدث مع الناس مثل رجل الشارع العادى، ورغم أن الدين هو مصدر قناعاته، لكنه يعلم أنه ليس كافياً للفوز فى الانتخابات فى بلد مثل تركيا، حيث فرض مصطفى كمال العلمانية منذ أكثر من قرن، عندما تقدم أردوغان فى الحياة السياسية واحتل منصب عمدة إسطنبول، تكيف مع المخاوف الانتخابية فى ظل انتشار الفساد، فأدان أولئك الذين يضعون الملايين فى جيوبهم ووعد السكان الفقراء بعملية تطهير كبيرة، ستؤدى لتحسين إدارة شبكات القمامة والكهرباء والمياه.

فى كل مرحلة من مراحل صعوده كان أردوغان يدرك أن الحديث عن الليبرالية سيكون مفتاحا لمزيد من الانتصارات السياسية، وفى تلك المرحلة من الصعود كان يدرك أن الحجج الإسلامية الشعوبية لا تكفى لإغواء الطبقات المتوسطة، إنه يحتاج إلى برنامج حقيقى.

بعد قضائه أربعة أشهر فى السجن عام 1997 لقراءة قصيدة فى أحد الاجتماعات يقول فيها: «ستكون المآذن حرابنا، وستكون القباب خوذاتنا، وستكون المساجد ثكناتنا، وسيكون المؤمنون جنودنا»، يحسن أردوغان من استراتيجيته ويقرر أن يدافع عن مفاهيم مثل الديمقراطية، المساواة بين المواطنين، والليبرالية الاقتصادية، وأتت هذه الاستراتيجية بنتائجها، ومع عام 2003 أصبح رئيس الوزراء.

التقى مراسل لوبوان فى أنقرة، رومان حيبرت، المؤسس المشارك لحزب العدالة والتنمية، عبد اللطيف سينر، الذى صمم البرنامج الإصلاحى للحزب وشغل منصب نائب رئيس الوزراء بين عامى 2002 و 2007، وعن هذه الفترة يقول: «فى ذلك الوقت، أدارنا ما لا يمكن تصوره، الوصول إلى السلطة بدون جيش يمنعنا.. ضمن أغلبيتنا، تم تمثيل جميع الاتجاهات، الإسلاميون المحافظون، والإصلاحيون الذين أرادوا تحديث البلاد والقوميين...».

يدرك سينر، الرجل الثانى فى الحكومة والمسؤول عن الاقتصاد والإصلاح، بشكل تدريجى المشروع الشخصى لأردوغان، ويوضح الأمر بقوله عن أردوغان: «كان لديه غرور ضخم وجعلنا نشعر بالفعل أنه من الأفضل عدم الوقوف فى طريقه، وضع رجاله فى كل مكان.. بالنسبة لعمليات الخصخصة، أردت تقديم عروض وفقاً للأسعار دولية، بينما طالب ببيع الشركات إلى أقاربه.. لم يرد على الهاتف بعد الآن.. ثم أدركت أنه كان لديه ردود فعل التاجر السياسى وأنه كان مدفوعاً فقط بالمكاسب الانتخابية الفورية لتحقيق أرباحه.. فقررت ترك السفينة لأن هذا الانجراف لا يرضينى على الإطلاق».

دفع سينر الثمن الباهظ، وبعد مغادرته الحكومة، بينما كان يريد العودة إلى الجامعة إذ إنه أستاذ فى الاقتصاد، أدرك سريعاً أن أردوغان لم يغفر له انتقاداته، ووجد نفسه تحت المراقبة بينما لم يتمكن أبناؤه من العثور على وظائف فى الشركات التركية الكبيرة، ووصف سينر الوضع: «أصبحنا مثل المنبوذين».

يراقب السلطان دائما جمهور الناخبين، وعندما يشعر بأن قاعدته متضاربة، يبدأ فى الإشارة إلى أن الإسلام المحافظ هو الذى يتعرض للهجوم،و يقول إردوغان، الذى يطلب من كل امرأة أن يكون لديها ثلاثة أطفال على الأقل، أن الإجهاض جريمة، ويشجع على بناء المدارس الدينية، حيث تنمو المساجد بشكل كبير، بينما كان الحجاب محظورا فى السابق، عاد إلى الجامعة وفى الإدارات، ويتم التحكم فى بيع الكحول بشدة، ويتم رفع شهداء الإسلام إلى رتبة الأبطال القوميين، كما يتم توزيع مساعدات اجتماعية سخية خصوصاً بالمناطق المحرومة.

برنامج مكلف للغاية، بتمويل من اقتصاد كان مزدهرا حيث كان يسجل نسبة نمو وصلت لـ7 و8٪، .حيث أصبح الوضع حالياً يثير قلق الخبراء، خصوصاً مع ارتفاع الديون العامة، وانفجار التضخم، وانتشار البطالة فى مختلف الأرجاء، ما جعل كثيرين يراهنون على الانهيار القادم للاقتصاد التركى.

هناك كثير من التحليلات تؤكد أن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى يونيو 2018 هدفه الأول عدم الانتظار إلى ما بعد نهاية هذا العام لأنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد التركى انهياراً كبيراً.

دليل جنونه: بناء قصر بـنصف مليار يورو

لكى يبرهن للجميع أنه السيد المطلق فى تركيا، يطلق أردوغان مشاريع ضخمة لا حصر لها، ويحتوى مقره الرئاسى الجديد فى أنقرة «القصر الأبيض»، على 1.150 غرفة وهو مقام على مساحة 200 ألف متر مربع «4 أضعاف حجم قصر فرساى»، بينما وصلت تكلفته إلى نصف مليار يورو.

وسيكون الجسر الثالث على مضيق البوسفور الذى بناه بتكلفة مئات الملايين من اليورو، واحداً من أعلى الجسور فى العالم، وعند موت أردوغان، سيضم مسجد «كامليكا» العملاق الذى يجرى بناؤه على مرتفعات اسطنبول، ضريحه.

وحسب مجلة لوبوان مثل هذه المشاريع لا تعكس فقط جنون العظمة، حيث يريد أردوغان أن يثبت للأتراك أن تركيا الجديدة ليست فكرة فى الهواء، والذين لا يلتزمون بهذا المشروع العظيم فهموا بسرعة أنه يجب عليهم الصمت.

فى عام 2013، فى وسط اسطنبول، وعلى حافة ميدان تقسيم، كان منتزه جيزى، أحد المساحات الخضراء القليلة فى المدينة مركزاً للاحتجاج ضد الرئيس التركى، لبضعة أسابيع، وامتزجت الثورة مع الدم فى ظل الشرسة فى التعامل مع المتظاهرين بسبب سيطرة مشاعر الخوف المرضى «البارانويا» على السلطان.

يرى أردوغان التهديد فى كل مكان، وتنمو قائمة أعدائه يوماً بعد يوم، وهو مقتنع بأن يقترب من مصير تورجوت أوزال، الرئيس التركى السابق الذى قتل عام 1993 بينما كان يشرب عصير الليمون أثناء معارضته للجيش، لذا يحرص أردوغان على أن يتذوق شخص وجباته قبل أن يتناولها.

أخذ الشك المرضى الذى أصاب الرئيس التركى، منعطفاً كبيراً فى نهاية عام 2013، عندما انفجرت فضيحة فساد واسعة لعدد من الوزراء وبعض أقاربه، بما فى ذلك بلال أحد أبنائه، ويعرف أردوغان من أين تأتى الضربة، لذا يوجه أصابع الاتهام لشبكة غولن التى تضم من 2 إلى 3 ملايين عضو.

وساعدت هذه الشبكة، التى كانت لها نشاطات فى البنوك، فى الجيش وفى الأعمال التجارية، أردوغان خلال فترة احتلاله للسلطة، وفى أعقاب هذه الفضيحة، أغلق الصحف التى تنتقد نفوذه بأمر من المحكمة، وتم وضع الآلاف من الأتراك تحت المراقبة، وحالياً هاجمته حركة غولن، فبدأ أردوغان فى القبض على أتباعها الواحد تلو الآخر.

إن محاولة الإطاحة بنظامه فى صيف عام 2016، منح أردوغان الفرصة لهزيمة أولئك الذين ساعدوه فى بناء نظامه الاستبدادى، هذه العملية، التى قادها بعض كبار الضباط غير المنظمين، تم إحباطها بسرعة، فى أعقاب هذه المحاولة، فقد 265 شخصا حياتهم، وبدأت حملة قمع هائلة، أشبه بمطاردة الساحرات ولكن من الحجم الكبير. ويطالب أردوغان حلفائه الأمريكان بطرد فتح الله غولن، وفى غضون بضعة أسابيع، حرم 50 ألف شخص من جوازات السفر، وفصل 150 ألف موظف مدنى فى الجيش والتعليم والعدل، وتم إرسال عشرات الصحفيين إلى السجن، ويعلن الرئيس التركى أنه يستطيع، إذا رغب الناس، إعادة فرض عقوبة الإعدام.

حسب النائب كارس أيهان بيلجين، أحد قادة حزب الشعوب الديمقراطى، وهو حزب يسارى يدافع عن الأقلية الكردية، والذى قضى مؤخراً عدة أسابيع فى السجن: «من المستحيل اليوم إجراء انتخابات موثوقة فى البلاد.. فمرشحنا الرئاسى ، صلاح الدين دميرتاس فى السجن.. والصحافة صامتة.. ونحن نعتبر خونة للأمة.. وليس لنا الحق فى انتقاد العمليات العسكرية التى تتم فى سوريا على خلفية اتهامنا بالخيانة العظمى.. لقد سرقت الديمقراطية».

حرب مفتوحة مع الحلفاء القدامى وخلافات مع العالم

هذا الانجراف الديكتاتورى لأردوغان لم يعد يقلق الأتراك فقط، حيث أثار ما شهدته تركيا من حالات ابتزاز، تشدق، وتهديدات فى السنوات الأخيرة، مخاوف استراتيجية واقتصادية من أوروبا والولايات المتحدة، تجاه حليفهم التركى عضو حلف الناتو والذى يشرع فى عملية التقدم للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبى.

وتشير مجلة لوبوان إلى أن العلاقة بين السلطان التركى والغرب بدأت بشهر عسل، وعند وصوله إلى رأس الدولة، ضاعف أردوغان من بوادر الانفتاح، وسارع فى عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، والتى بدأت فى عام 1999، وقدم التعهدات اللازمة، من إلغاء عقوبة الإعدام إلى زيادة الإصلاحات، خاصة تلك المتعلقة بالأكراد، الذين يسمح لهم بتدريس لغتهم فى المدارس.

ووقع الأوروبيون فى حب هذا القائد التركى الجديد، رغم أنه إسلامى وقومى إلا أنه محاور جذاب، وفى بروكسل، تم تخصيص المساعدات مليار يورو سنوياً حتى عام 2020، لمساعدة تركيا على استكمال مسيرتها نحو الاندماج.

لكن سرعان ما تبدأ المواجهة، ورفضت قبرص اتفاقية إعادة توحيد الجزيرة، وهو أول توقف لعضوية تركيا فى الاتحاد الأوروبى، وفى لقاءاته، يتهم أردوغان الزعماء الأوروبيين بعدم وفائهم بوعودهم والإذعان أمام الرأى العام الذى لم يقبل أبدا إمكانية الالتحام مع هذا البلد الذى يبلغ عدد سكانه 80 مليون نسمة ، بسبب الإسلاموفوبيا، وترمز استقالة رئيس الوزراء التركى السابق، أحمد داود أوغلو، فى مايو 2016، إلى هذا التمزق، حيث كان أوغلو هو الشخص الذى تفاوض بشكل ملموس لمدة عقد مع بروكسل.

لمدة عامين، كانت الحرب مفتوحة.. وفى هذه المباراة من المصارعة، كان أردوغان هو الفائز.. حيث اختار عدم إعطاء أى هدية لأوروبا، التى هى فى حاجة ماسة إليه، ويستخدم ضعف الأوروبيين لتحقيق أقصى ربح له، وفى مارس 2017 ، أعادت هولندا وزيرتين تركيتين كانا يقومان بحملة على الأرض الأوروبية، ثم استخدمت الشرطة الهولندية الكلاب وخراطيم المياه لتفريق عدة مئات من المتظاهرين الأتراك.

فى المقابل صرح رجب طيب أردوغان على الفور: «ظننت أن النازية قد ماتت، لكننى كنت مخطئا، النازية لا تزال منتشرة فى الغرب، يظهر وجهه الحقيقى».

مع ألمانيا، فإن الوضع مشتعل مع ما يقرب من 3 ملايين تركى فى ألمانيا، ما يعتبر أكبر جالية تركية مغتربة فى العالم، خصوصاً أن منهم نحو 1.2 مليون يحملون الجنسية الألمانية، وبالتالى لديهم الحق فى التصويت، ولذلك فإن أنجيلا ميركل عرضة بشكل خاص لابتزاز واستفزاز أردوغان، الذى يلاعبها جيداً، ولا يتردد أبدا فى التعليق على الحياة السياسية الألمانية.

فى سبتمبر 2017، وخلال المبارزة المتلفزة بين أنجيلا ميركل ومارتن شولز، قبيل الانتخابات التشريعية الألمانية، اتهم أردوغان زعيمى أكبر حزبين سياسيين فى ألمانيا بممارسة «الأساليب الفاشية والنازية»، وفى الصيف الماضى، استقبل الرئيس التركى وزير الخارجية الألمانى فى ذلك الوقت سيجمار جابرييل، ولم يتردد فى توجيه عبارات حادة إليه قائلاً: «من أنت للتحدث مع رئيس تركيا؟ أعرف حدودك! هل تحاول إعطاءنا دورسا.. منذ متى وأنت فى السياسة؟ ماهو عمرك؟».

فرنسا ليست مستبعدة، وأشارت مجلة لوبوان الفرنسية عن محاولات تركيا للسيطرة على المواطنين الفرنسيين من أصل تركى من أجل التأثير فى المشهد السياسى الفرنسى، أشارت المجلة إلى الفرع الفرنسى لاتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبى UETD، وهى منظمة غير سياسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات، وتعزيز التدريب وتعليم الفرنسيين من أصل تركى.

لكن هذه الرابطة، النشطة أيضا فى ألمانيا أو بلجيكا أو سويسرا، مرتبطة بشكل مباشر بأردوغان نفسه وصممت كشبكة من الفروع فى خدمة حزب العدالة والتنمية.

وخلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا فى 5 يناير، التقى أردوغان مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى الإليزيه، ثم قام بزيارة خاصة إلى أحمد أوجراس مؤسس UETD، وهو أيضا الرئيس الحالى لمجلس العبادة الإسلامية الفرنسى، ويراقب هذا الزعيم الدينى مصائر إسلام فرنسا منذ يوليو 2017.

ورغم نفى أوجراس ارتباطه بالنظام التركى إلا أن الاتحاد يلعب دوراً كبيراً فى تجميع وتحريك الناخبين المسلمين فى فرنسا، كما يتم توفير الدعاية لنظام التركى من خلال مؤسسة ديتيب والتى تدير شبكة المساجد تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية التركية وتضم 250 مسجدا و150 إماما، وكذلك من خلال منظمة رؤية الراسخة فى شرق فرنسا وتضم 70 مسجداً، وقد انحازت كل هذه المؤسسات لأردوغان بعد محاولة الإطاحة بحكمه فى 2016 وشنت هجوماً واسع النطاق على حركة غولن.

فى عام 2017، كان مكتب المدعى العام الاتحادى الألمانى يشعر بالقلق من أن بعض الأئمة الأتراك يطبقون ملفات سياسية تابعة أنقرة، كما بدأت سويسرا والسويد إجراءات قضائية ضد بعض هذه المؤسسات، ولكن فى فرنسا، لم يتم فتح أى تحقيق كبير فى الوقت الحالى. كما تناولت المجلة محاولة أردوغان لتوسيع نفوذ المنظمة فى منطقة المغرب العربى وبالتحديد مع الجزائر بفضل مساعدة جماعة الإخوان فى المنطقة، كما ألقت لوبوان الضوء على جرائمه فى عفرين بسوريا، وحسب المجلة الفرنسية فى أن الأوضاع فى عفرين فى ظل السيطرة التركية تذكر تعيد إلى الأذهان صورة الموصل والرقة عندما كانتا تحت النظام الإرهابى لخلافة داعش، وأشارت المجلة إلى أنه : «فى ظل النهب والاغتصاب والتحية النازية، تعانى المدينة التى انتزعها الأتراك من الأكراد من التطهير العرقى الحقيقى». تحقيق المجلة الفرنسية يكشف حالة الغليان التى أصابت العالم الغربى بشكل عام وأوروبا بشكل خاص من سياسات أردوغان الذى يواجه أزمة حقيقة فى ظل انهيار متوقع للاقتصاد التركى، وحتى فى حالة فوزه فى انتخابات الرئاسة فى يونيو القادم، فإن حكم السلطان التركى يواجه أزمات، سواء داخلية أو خارجية، تهدد مصير السلطان القابع فى القصر الأبيض يخشى من محاولة تسميمه مع كل وجبة يتناولها.