محمد عصام يكتب: ضوابط العمل الخيري بمصر

مقالات الرأي




يأتي رمضان كل عام وتزداد معه الإعلانات الترويجية الخاصة بالتبرع لصالح أعمال الخير التي ترعاها عدد من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني في محاولة منها لتلبية أحتياجات الفئات الفقيرة من مسكن وملبس وعلاج، ولعب دور محوري في إحداث تنميه شاملة بالمجتمع، وهو الدور الأساسي المنوط بالحكومة ولكنها أعتبرته من الصعب القيام به منفردًا في الوقت الحالي إلا بمعاونة تلك الجهات.

 

 

أتذكر جيدًا أن من أوائل تلك الجمعيات التي مارست دورها في العمل الاجتماعي بمصر كانت جمعية "الأورمان" والتي بالفعل نفذت العديد من المشروعات والأعمال الخيرية استطاعت بها أن تخدم الفقراء ومازالت  حتي الان، وتواكب مع ظهورها فكرة إنشاء حساب قومي توجه أمواله لإقامة مستشفي سرطان الأطفال 57357، وليس معني هذا أنه كان لايوجد جمعيات تقوم بهذا الدور قبل هذان المشروعان، لكنهم يعدان الأشهر في مصر بعد ظهورهما اللافت من خلال الدعايه المستمره علي شاشات التلفاز.

 

 

وبالطبع مع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية والزيادة السكنية، وإزدياد نسب الفقر والبطالة في البلاد، ارتفع عدد تلك الجمعيات بشكل لافت، وكان لابد للحكومة عمل وقفة أمام هذا العدد المهول بعدما أصبح ذهن المتبرع مشتت في اختيار جمعية من ضمن العشرات لتوجيه تبرعاته إليها، هذا التشتت الذهني لدي المتبرع جاء بعد الصراع بين تلك الجمعيات علي شاشات التلفزيون، فأصبحت كل جمعية تروج لأعمالها الخيرية علي أساس سلعه تتنافس بها مع الجمعية الأخري، غير مراعية لضوابط العمل الأجتماعي الذي يعد أسمي الأعمال.

 

 

أضف إلى ذلك أن تعدد تلك الجمعيات والدعاية المستمرة جعل أموال المصريين الموجهة لأعمال الخير ضعيفه فبدلا من أن كانت توجه لجمعية أو جمعيتين علي الأقل أصبحت تقسم علي العشرات، مما أدي إلى ضعف العائد المادي لتلك الجمعيات من التبرعات وتعطل مشاريعها،  الأمر الذي ينظر له بإحتمال تراجع دورها في المستقبل.

 

 

أذكر أن تحدث لي أحد القائمين علي إحدي المشروعات الخيرية المتعلقة بمجال التعليم في مصر، بأن المشروع الذي يعد حلم مصر القومي مهدد بالإيقاف وتسريح الطلاب نظرًا لضعف التبرعات،  ولمح لي مسؤول أخر بأحد الجمعيات الخيرية بأن الجمعية غير قادرة علي القيام بالأعمال الخيرية وتوزيع الطعام بعد التراجع الرهيب في حجم التبرعات الموجهة لها في ظل التنافسيه الشرسة التي تتعرض لها مع الجمعيات الأخرى. 

 

 

 

علي الحكومه أن تتدخل لفرض ضوابط جديدة علي العمل الأجتماعي بمصر وتنظيمه، لأهميته في بناء المجتمعات خاصه الفقيرة مثل مصر، من خلال عمل كيان موحد تحت يد مشيخة الأزهر والكنيسة، يضم في عضويته جميع الجمعيات الخيريه ويكون له حساب موحد في البنوك المصرية توجه له  أموال التبرعات والذكاة، ويشرف عليه ممثل من الحكومة حتي تعرض تلك الجمعيات مشروعاتهم التنموية عليها والتي تريد أن تنفذها قبل الشروع فيها؛ ويكون للحكومة القرار في الموافقة عليه أو تأجيل تنفيذه حسب مدي أحتياجها لهذا المشروع.