زاهي حواس يكتب: حذاء محمد صلاح

الفجر الفني



أعتقد أن ما فعله نيل سبنسر، أمين المصريات فى المتحف البريطانى، بوضع حذاء محمد صلاح للعرض داخل قاعة عرض الآثار المصرية لم يكن الهدف منه حب الشعب الإنجليزى لمحمد صلاح فحسب، بل لفت الأنظار والدعاية لقسم المصريات كى يشجع الشعب الإنجليزى على زيارة المتحف، نظرًا لعشقهم لمحمد صلاح والدعاية لشركة أديداس.

 

وهنا أود أن أناقش هذا الموضوع بعقلانية شديدة والبعد تمامًا عن العواطف فى هذا الأمر. وأود أيضًا أن أشير إلى أننى مثل كل المصريين فخور جدًا بمحمد صلاح الذى أصبح أيقونة مصرية عالمية. وأتابعه شخصيًا، وأعشق مبارياته مثل كل الناس فى العالم كله. وأقدر حبه لبلده مصر وما يقوم به من أعمال خيرية لبلدته وأهله بالإضافة إلى تواضعه وأدبه الشديد. وكنت أتمنى أن نضع حذاءه فى المكان المناسب له أى فى متحف رياضى أو فى أى مكان شعبى تقديرًا من العالم لهذا الشاب المصرى المعجزة.

 

وقد أعجبنى تصريح الفنان نبيل الحلفاوى على تويتر فى جريدة «المصرى اليوم» تعليقًا على هذا الحدث «ليس أثرًا من الآثار ليكون بينها ومكانه فى متحف رياضى أو فى قاعة لأساطير كرة القدم».

 

وأظنها احتفالية عابرة لن تستمر وحتى لو كانت فهى احتفاء رائع ولكن فى غير مكانه».

 

ومقالى هذا لا يقلل أبدًا من حجم محمد صلاح  عندى وحبى له إطلاقًا، وإنما أنظر للأمر نظرة موضوعية وهى أن الآثار المصرية المعروضة فى المتحف البريطانى هى تاريخ وحضارة شعب عظيم يدل على إبداعهم فى كل فروع العلم والمعرفة ولا يعقل أن نضع حذاء لأى شخص مهما كان كى يعرض بين تماثيل وآثار الفراعنة العظيمة. ونعرف أن المعروض يمثل عبقرية مصرية حديثة للاعب مصرى عبقرى، ولا يوجد أى توافق بين هذا وذاك، ولا يوجد تجانس بين آثار تمثل فترة عظيمة من تاريخ مصر الفرعونية وبين رمز حديث بين هذه الآثار العظيمة.

 

وقد شاهدنا سبنسر البريطانى وهو يضع الحذاء أمام تمثال الملك رمسيس الثانى داخل قاعة الآثار المصرية. ووجدت أن الحذاء ليس مكانه أبدًا ضمن هذه الآثار العظيمة، ولا يمكن للزائر أن يربط بين الاثنين لأنه لا يوجد أى مقارنة بين الحاضر والماضى.

 

وأنا أعتقد أن اللاعب المتواضع البسيط محمد صلاح  لن يرضى بذلك لأن شخصيته المتواضعة ترفض مثل هذا التكريم، بل فإنه يرفض العديد من التكريمات الأخرى، لذا رأيت أن من واجبى الأثرى أن أوضح رأيى العلمى فى هذا الموضوع بعيدًا عن العصبية أو تفسير رأيى بطريقة قد يفهمها البعض خطأً، لأن هذا الموضوع قد يدفع أحد المواطنين الإنجليز لطلب وضع حذاء لاعب إنجليزى آخر بجوار حذاء محمد صلاح. فهل وجدنا الأرجنتين تضع حذاء ميسى داخل متحف الآثار أو رونالدو بالبرتغال. وهل شاهدنا ساحر الكرة بيليه أو مارادونا توضع أحذيتهم داخل متاحف أثرية؟!!

 

وهنا يجب أن نسأل: هل من حق مدير المتحف البريطانى وأمين قسم المصريات أن يضعوا حذاء صلاح ضمن معروضات تاريخ وآثار الفراعنة؟!! الإجابة لا. وذلك لأن هذه الآثار تخص الشعب المصرى فقط وليس معنى وجود هذه الآثار بالمتحف البريطانى أنها ملك لهم، بالعكس هى ملك لمصر، وواجبنا أن نعترض إذا ما حدثت أى إهانة لهذه الآثار. وقد سبق أن منعنا مدير متحف برلين من وضع رأس نفرتيتى على تمثال يمثل الجزء السفلى لامرأة.

 

ومحمد صلاح دخل قلوب العالم كله والمصريين بالذات، وأنا منهم، وأتمنى أن يكون تكريمه ووضع تمثال له داخل متاحف رياضية. ولكن هذا التكريم ليس فى محله ولا فى مكانه ويمثل تعديًا وإهانة للحضارة الفرعونية ليس بسبب وجود العظيم محمد صلاح، ولكن بسبب وجود حذاء أيًا كان ضمن هذه المعروضات. وقد سعدت جدًا بقيام النائب البرلمانى عبدالحميد كمال بتقديم طلب إحاطة للوزراء المعنيين لوقف هذه المهزلة.

 

وفى النهاية، أرجو أن تقوم اللجنة الدائمة للآثار المصرية فى وزارة الآثار المصرية بمخاطبة المتحف البريطانى لإزالة الحذاء من أمام التمثال، وإذا لم يمتثلوا يجب علينا وقف جميع أعمال المتحف البريطانى بمصر وآثاره.