نفحة من الماضي.. الشيخ "محمد رفعت" علامة مسجلة في شهر رمضان

تقارير وحوارات



عرف بأنه "قيثارة السماء"، حينما يفتح آثير الإذاعة المصرية خاصة في ليالي رمضان تعلم أن هناك حنجرة ذهبية ترسل إلى مسامعك ما تيسر من القرآن الكريم حتى تدمن هذا الصوت، فإنه مرسلًا تلاوته في عذوبة وخشوع، يجبرك أن تنصت باهتمامًا بالغًا حتى وإن كنت مشغولًا بأمر ما، فصوته الرنان الرخيم أبدع منذ نعومة أظافره في مسامع عاشقيه وحتى "الزغطة" التي كانت سببًا في رحيل كنز من كنوز قراء القرآن الكريم في العالم العربي والإذاعة المصرية، أنه الشيخ محمد رفعت.

 

"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا"

بهذه الآية من سورة الفتح افتتح الشيخ محمد رفعت البث الأول للإذاعة المصرية في 31 مايو  لعام 1934م، بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري- آنذاك- بجواز إذاعة القرآن الكريم، حتى أفتى له بجواز ذلك.

 

التسجيل لـ BBC عربية

كما سجل الشيخ رفعت سورة مريم للإذاعة البريطانية بي بي سي العربية، بعد أن استفتى الإمام المراغي حول إجازة إذاعة القرآن الكريم لغير المسلمين، والذي بدوره أفتى بجواز القراءة وأنه ليس حرامًا.

 

فقدان البصر

ولد الشيخ محمد رفعت بنظر ضعيف، حيث أنه فقد بصر إحدى عينيه صغيرًا، إلا أنه تلقى خبطة من أحدهم في عينيه في عام 1936 ميلاديًا، ثم فقد بصره تمامًا، ووفق ما جاء بصفحة الشيخ محمد رفعت، بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مؤكدًا أن الشيخ رفعت كان نظرة ضعيف جدُا و ليس فاقد البصر حتى عام 1936م، مشيرًا إلى أن الحقيقة أنه أصيب بمرض في عينه فى عمر السنتين وعلى أثرة فقدت إحدى عينية البصر تمامًا وظلت الأخرى ضعيفة حتى عام 1936 أثناء تدافع المعجبين به فى مسجد سيدى جابر بالإسكندرية دخل أصبع أحدهم فى عينه و بعد هذا فقد البصر تمامًا، وأشارت الصفحة إلى أن ذلك نقلًا عن: "كتاب أصوات من نور نقلا عن أبنة الشيخ رفعت للصحفى محمود الخولي".

 

"إن قارئ القرآن لا يهان"

على الرغم من فقدان بصره مبكرًا إلا أنه كان يتلى القرآن الكريم وكأنه بصيرًا بالرسالة، ولكن "مرض الزغطة" في ذلك الوقت، والذي يعرف بسرطان الحنجرة، أحال أن يكمل مشواره لصوت المستمعين، فقد أصيب به عام 1943م، وذلك أثناء تلاوته لبداية سورة الكهف، خلال تسجيله للإذاعة المصرية، فاحتجب عن استكمال قراءته للإذاعة، خوفًا من أن تصيبه الزغطة أثناء التسجيل، مكتفيًا بالقراءة بالمسجد، حتى اشتد المرض عليه، واعتكف لمدة 8 سنوات بالمنزل حتى وافته المنية عن عمر يناهز 68 عامًا.

 

وقال في مرضه: "إن قارئ القرآن لا يهان"، ردًا على ما تم جمعه من عون من محبيه ومن ملوك ورؤوساء العالم الإسلامي، مقدمًا اعتذاره بهذه الكلمات، خاصة وأنه لم يكن يمتلك تكاليف العلاج.

 

30 ساعة في طي النسيان

ومن جانبها، سردت الحاجة هناء حسين، حفيدة الشيخ محمد رفعت،  في تصريحات صحفية، أن هناك 30 ساعة تسجيل صوتي نادر للشيخ رفعت، تم إهداءها للإذاعة المصرية مجانًا إلا أن هناك 30 ساعة أخرى لم يتم تجهيزها بشكل كامل، حيث تم الانتهاء من 15 ساعة فقط ولكن بجودة ليست بالجيدة تمامًا، والـ 15 ساعة الأخرى لم يتم إعدادها حتى الآن، مشيرة إلى أن هذه الساعات قد تم تسجيلها من خلال زكريا باشا مهران، أحد أعيان أسيوط وعضو مجلس الشيوخ المصري- آنذاك-، الذي كان مولعًا بالشيخ رفعت.

 

وحينما توفي كل من الشيخ رفعت وزكريا باشا هرعت الأسرة إلى منزل الأخير من أجل الحصول على هذه التسجيلات، وكانت زوجة زكريا باشا في استقبالهم وأهدتهم بالكامل هذه التسجيلات، وحملت الأسرة على عاتقها ترميم تلك التسجيلات وتحويلها لصيغة تتناسب مع التسجيلات الحديثة من أجل إذاعتها عبر الإذاعة المصرية، إلا أنهم يعملون وحدهم في ذلك دون مساعدة- على حد قول حفيدة الشيخ محمد رفعت-.

 

من هو محمد رفعت؟

ولد الشيخ محمد رفعت في 9 مايو لعام 1882 م، بحي المغربلين بالقاهرة القديمة، وتوفي في تاريخ مولده لعام 1950م،  وهو أول من أقاموا مدرسة للتجويد الفرقاني في مصر، وحفظ القرآن في سن الخامسة، وتوفي والده، وهو في عمر التاسعة، وكان التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، وتولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب سنة 1918م وهو في سن الخامسة عشر.