800 ألف يهودى يهربون من إسرائيل إلى أوطانهم الأصلية

العدد الأسبوعي



المهاجرون لا يجدون وظائف ويعتمدون على مساعدات أسرهم الأصلية... والموظفون يستغلون جهلهم بالعبرية وينصبون عليهم

تروج إسرائيل، بشكل ملح ودائم على تصوير نفسها باعتبارها أرضاً للأحلام وأنها الوطن الذى يحلم أى يهودى بالعودة إليه أى ما كانت بلاده الحالية، إلا أن الحقيقة أمر مختلف تماماً، لأن اليهود العائدين وأبناءهم الذين ولدوا فى تل أبيب بدأوا فى العودة إلى أوطانهم الأصلية.

منذ عام 1948 كانت إسرائيل تعتمد على موجات الهجرة من شتى أنحاء العالم، ومنذ ذلك الوقت تشجع تل أبيب يهود العالم على الهجرة إليها، عن طريق الوكالة اليهودية، التى تنتشر مكاتبها فى كل دول العالم تقريباً، ولا تزال وسائل الإعلام العبرية تهتم بشدة بتغطية وصول المهاجرين من الخارج، ويتم نشر صور الفوج حتى وإن لم يتجاوز عدده الـ100 فرد، وذلك للحفاظ على كيان الدولة من الانهيار.

مع الوقت بدأت موجات الهجرة إلى إسرائيل تقل تدريجياً، ثم بدأ مئات الآلاف من الإسرائيليين يعودون إلى بلدانهم الأصلية لأنهم اكتشفوا أنهم يعيشون منذ مجيئهم فى غابة من الأكاذيب والتضليل وعمليات النصب.

وسجلت بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، مؤخراً، أن معظم المهاجرين من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، لم يتمكنوا من التأقلم على حياتهم داخل إسرائيل، وقرروا العودة إلى وطنهم الأصلى.

وحسب الأمريكى جيل يوئاف،30 عاماً، فإنه بعد 3 سنوات قضاها فى إسرائيل يريد العودة إلى وطنه: «أصابنى اليأس لأننى أحب الحياة وأكره الموت ولكن من حسن حظى أنى جئت إلى هنا وحدى وبإمكانى العودة بسهولة وإيجاد عمل ومنزل فى أمريكا،.. خسرت بالطبع أموالاً كثيرة بسبب الهجرة لإسرائيل وهناك آلاف الأسر التى تسعى للعودة ولكنها غير قادرة على فعل ذلك فهذا مجتمع من الصعب التأقلم داخله رغم الدعاية التى كانت تروجها الحكومة بأن إسرائيل هى بيتنا الأوحد».

وهناك صفحة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك تحمل عنوان «keep olim»، أسسها أحد المهاجرين ويشارك فيها 35 ألف مهاجر من جميع الجنسيات بإسرائيل، والصفحة حافلة بانتقادات وسخرية من الظلم والبيروقراطية التى يتعرض لها المهاجرون بإسرائيل، وبعد 3 سنوات تطور نشاط الصفحة لتصبح رابطة اجتماعية باسم « no oleh alone» وتعنى «لن يكون المهاجر وحده»، حيث تهتم بشئون المهاجرين الجدد وتقدم لهم المساعدات المالية، وهناك خط ساخن يُقدم المساعدات النفسية لمن أُصيبوا بالإحباط من المجتمع الإسرائيلى.

وذكر مؤسس الرابطة أن هناك 170 مهاجراً قرروا العودة مؤخراً إلى بلادهم بعد أن اصطدموا بالواقع بشكل لم يتصوروه حيث لم يجدوا مأوى أو عملاً مناسباً داخل إسرائيل رغم قدومهم من دول غنية كانت توفر لهم فرص عمل مناسبة.

وأكد أنه كان يعمل فى الإعلام أثناء وجوده فى الولايات المتحدة، وهناك أقنعه عملاء الوكالة اليهودية، بسهولة إيجاد عمل مناسب له فى إسرائيل، لكنه فوجئ بأن كلامهم مجرد وهم، لدرجة أنه كان يعتمد فى طعامه على ما يمنحه له جيرانه ثم بدأت أسرته ترسل له الأموال لإعانته على العيش، وهو ما دفعه لإنشاء هذه الرابطة لمساعدة الفقراء والمحتاجين من المهاجرين الجدد.

ويقول «كيت» الذى هاجر لإسرائيل منذ 6 أعوام ونصف العام قادماً من بريطانيا، إنه وأسرته جاءوا إلى إسرائيل، وتعرضوا للنصب والابتزاز من جهات وإدارات حكومية، وفى كل مكان توجهوا إليه سواء بنكاً أو مركزاً للتأمين الصحى أو شركة للتليفون المحمول، كان الموظفون يطلبون منهم التوقيع على عقود مكتوبة باللغة العبرية، وعندما كانوا يحتجون يزعم الموظفون أنها فى مصلحتهم.

وأضاف «كيت»: «بعد مرور عدة أشهر اكتشفنا أنهم حصلوا منا على عمولات ومبالغ ضخمة بالإضافة إلى عمليات مصرفية عملاقة قام بها البنك دون علمنا وتبين لنا أنهم يصطادون كل من يجهل العبرية للنصب عليه، ولا نمتلك أى وسيلة ندافع بها عن أنفسنا لعدم إجادتنا للغة تحدثاً أو كتابة لكى نفهم ما يدور حولنا لقد قتلنا الفساد والبيروقراطية فى إسرائيل».

وتروى سيدة إسرائيلية قررت العودة لموطنها الأصلى أوكرانيا، قصتها مع المجتمع الإسرائيلى الذى وصفته بالعنصرية وذلك بقولها: «نشأت فى دولة يخشى اليهود فيها الاعتراف بهويتهم الدينية بسبب ما تعرضوا له خلال الحرب العالمية الثانية، لذا كانت لدى رغبة فى الهجرة لإسرائيل للعيش كيهودية والزواج من يهودى علناً، ولكنى فوجئت بسخافات من جانب البعض منهم من يسخر من طريقة نطقى للعبرية ويندهشون لكونى يهودية بسبب ملامحى الغربية بالإضافة إلى التشكيك الدائم فى مستوى ثقافتى ودرجتى العلمية لذا قررت العودة إلى موطنى الأصلى، وأسأل لماذا تنفق إسرائيل والوكالة اليهودية كل هذه الأموال لجذب المهاجرين ثم يتم معاملتهم بشكل سيئ وكنت أتلقى المساعدات من الذين سبقونى فى الهجرة فقط حتى شعرت أننى أمثل عبئاً عليهم».

ورغم أن الإحصاءات الصادرة من الوكالة اليهودية تشير إلى أن نسبة المهاجرين لإسرائيل الذين قرروا العودة لموطنهم الأصلى بلغت 12%، إلا أن رئيس رابطة «no oleh alone» أكد أن النسبة تجاوزت الـ25 %، لأن المغادرين لا يبلغوا مكتب الوكالة أو وزارة الهجرة بذلك، ما يعنى عدم دقة الأرقام الرسمية.

ومع الوضع فى الاعتبار وفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية الصادرة عام 2016، أنه منذ إقامة إسرائيل قبل 70 سنة، هاجر إليها 3.2 مليون مهاجر، 43 % منهم قدموا من روسيا عام 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفييتى، ومع حساب نسبة نزوح 25 % منهم إلى موطنهم الأصلى، سنجد أن عدد الذين غادروا إسرائيل خلال السنوات الماضية نحو 800 ألف شخص، مع الإشارة إلى أن عدد سكان إسرائيل يبلغ 8.8 مليون نسمة فقط، وفقاً لآخر إحصاء.