الحكومة «ودن من طين وأخرى من عجين».. أزمة لبن الأطفال عرض مستمر

العدد الأسبوعي



الرضع وأمهاتهم فى انتظار تحرك البرلمان.. ومصادر: ليس هناك حلول قبل العيد

عادة ما تشهد الأسواق ومنافذ التوزيع أزمة نقص نوع من أنواع لبن الأطفال المدعم، لكن نقص جميع الأنواع يعد كارثة حقيقية، خاصة فى الأصناف المخصصة للرضع ناقصى النمو، ومن يعانون من حساسية اللاكتوز.

الأزمة التى تشهدها السوق المحلية، ليست جديدة، لكنها تمس هذه المرة أصناف الألبان العلاجية، التى يحتاج إليها الطفل منذ الولادة وحتى عمر سنة، فى حين تتعامل الحكومة مع الأمر كما لو كان سيحل من تلقاء نفسه، وليس جديدا.

«أمانى محمد» تبلغ طفلتها من العمر 30 يوماً، تقول: «لا أملك سوى أن أدعو الله بعد أن فشلت كل محاولاتى للحصول على لبن مخصص للحساسية الشديدة للاكتيلوز، ولا يمكن إرضاعها باللبن الطبيعى، لأنه يسبب لها ألما شديدا بالبطن، وانتفاخات، وقيئا مستمرا وإسهالا»، وأوضحت أن الطبيبة المسئولة بمستشفى أبو الريش كتبت لها «بيبى لاك FL»، على أن يصرف من صيدلية المستشفى، لكن الصيدلى أكد عدم وجوده، وقال لها «ممكن تلاقيه فى الطب الوقائي»، وهناك علمت أنه غير مدعم ولا يتعامل فيه الطب الوقائى، وخلال شهر حصل والد الطفلة على علبتين فقط بسعر السوق السوداء، الذى تجاوز 3 أضعاف السعر الرسمى.

عن أسباب لجوء الأم للبن الصناعى، قال الدكتور محمد رشاد، أستاذ طب الأطفال، إن بعض الحالات يستلزم علاجها الرضاعة الصناعية، ومنها عدم تحمل هضم سكر اللبن «لاكتوز»، لأن الطفل يعانى من نقص إنزيم لاكتاز، إما لسبب وراثى وهو نادر، وإما بسبب سوء تغذية، ونزلات معوية، ومن أعراض المرض القيء والإسهال المستمر مع الرضاعة الطبيعية، وبالتحاليل يمكن معرفة نقص الإنزيم، والعلاج فى لبن بيبى لاك FL، لأنه يخلو من اللاكتوز.

وأوضح أن هناك أطفالا لديهم حساسية من البروتين الحيوانى للبن، وهذه الأمراض تشخص بناء على أعراض معينة، منها عدم ازدياد وزن الطفل والإسهال والقيء المستمر، وحل لم يتم إعطاء الطفل لبنا صناعيا مناسبا، يمكن أن يتسبب ذلك وفاته، وفى هذه الحالة نعطى EC بيبى لاك، وهناك أطفال يعانون من نقص النمو (المبتسرين)، ويحتاجون لتغذية معينة، تبدأ بالوضع فى الحضانة، وإذا لم تستطع الأم الإرضاع، فيمكن تغذية الطفل بلبن الأم عن طريق أنبوب أو بالقطارة، وأضاف أن لبن الأم لا يفسد إذا وضع فى الثلاجة لمدة 48 ساعة، كما يمكن إعطاء الطفل لبن بيبى لاك بريماتيور، وهو نوع ليس له بديل.

فى نفس السياق، يقول الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، إنه ليس هناك ألبان فى الوزارة، سواء مدعومة أو غير مدعومة، وهناك أزمة شديدة جدا فى 1200 منفذ للأمومة والطفولة، كما أن الأزمة قائمة منذ ما يقرب من 10 أيام، ومن المنتظر أن تستمر إلى ما بعد العيد.

وأكد أن سبب الأزمة يرجع إلى العديد من العوامل، أبرزها نظام الميكنة الذى دشنته وزارة الصحة، والذى يحرم الكثير من الأطفال من اللبن المدعم، وأشار إلى أن جزءا آخر من الأزمة يعود لعدم وجود ألبان فعليا فى بعض المنافذ، خاصة الأطفال من عمر 6 أشهر إلى عامين.

وأضاف أن نقص الألبان الحرة المستوردة عن طريق القطاع الخاص، فاقم الأزمة، لعزوفه عن الاستيراد بعد تدخل جهات حكومية، وحدوث مضاربات سعرية.

كما أكد أنه من المفترض أن هناك مليونا وستمائة ألف مولود سنويا يستحق الدعم 11% منهم، أى أننا نحتاج 630 ألف علبة لتجاوز الأزمة، ومن المفترض أن الدعم الحكومى المخصص لألبان الأطفال من 2012 فى الانخفاض، موضحا أنه كان 680 مليون جنيه فى 2010، ووصل حاليا إلى 480 مليون جنيه، رغم أن عدد المواليد فى ازدياد، وأيضا سعر الصرف، بما يشير إلى أن النقص يتجاوز 60% .

وعن إجراءات الحكومة للسيطرة على الأزمة، أشار إلى أن الأمر بيد لجنة الصحة بالبرلمان، لأن الوضع سيئ.

وأكد على عونى، رئيس الشعبة العامة للأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن أبرز الأصناف التى تشهد نقصًا هى «بيبى لاك» و«أبتاميل»، وذلك منذ قرابة شهر، بسبب قلة الاستيراد عن المطلوب.

كما أشار إلى أن عدم توافر اللبن الذى اعتاد الطفل عليه يضطر الأم لاستبداله بنوع آخر، وهنا تحدث مشكلة عدم تقبل الرضيع للبن الجديد، وقد تحدث نزلة معوية.

وانتقد الدكتور محيى عبيد، نقيب الصيادلة، عدم وجود رد فعل قوى من الحكومة، رغم تكرار الأزمة، وتعاملها مع الأزمة على أنها ستحل من تلقاء نفسها، واستنكر بشدة عدم قيام وزارة الصحة بإنشاء مصنع لإنتاج تلك النوعية من الألبان، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد، وأشار إلى أن مصر تستورد سنوياً بما يتجاوز مليار جنيه لبن أطفال من دول مختلفة، فى حين أن تكلفة إنشاء المصنع لا تتجاوز 100 مليون جنيه.

وأكد أن تفاقم الأزمة بسبب عدة عوامل، منها رفع سعر علبة اللبن المدعم للأشهر الستة الأولى من عمر الطفل إلى 43 جنيها، وهى تباع فى السوق السوداء بأسعار مضاعفة، أما الألبان غير المدعمة فقد ارتفع سعرها بنسبة 300%.

أما عن نقص الألبان الحرة، وأسباب ذلك فتقول د. ندى عدلى، إحدى العاملات بشركة هيرو بيبى، إن الألبان متوفرة لكنها سلعة مثل غيرها تأثرت بسعر الدولار، ما أدى لزيادة سعرها وتخفيض الكميات المستوردة، وبالتالى قل التوزيع، لكن الشركة قامت بتوزيع بعض الأنواع على مناطق معينة، لسد العجز بها، وأوضحت أن سعر العبوة من بعض الأنواع يصل إلى 129 جنيهاً، صعودا من 57 جنيهاً.