طارق الشناوي يكتب: "يوم الدين" مفاجأة لم تحققها أفلام يوسف شاهين!

الفجر الفني



يفتتح مهرجان (كان) الثامنة مساء اليوم دورته المحملة بالعديد من الرسائل السياسية والاجتماعية بفيلم (الكل يعرف) للمخرج الإيرانى أصغر فرهدى، ويعرض غدا الفيلم المصرى (يوم الدين) للمخرج أبوبكر شوقى، وذلك بعد غياب دام 6 سنوات عن الصعود على السجادة الحمراء أمام قاعة (لوميير) وهو الفيلم المصرى رقم 25 الذى يشارك فى (كان).

أعلم أن السؤال عن الفيلم المصرى الذى يمثلنا فى المسابقة الرسمية لمهرجان (كان) هو الأهم الآن، نعم المشاركة المصرية تحمل الكثير من الظلال الإيجابية تتجاوز الفيلم، وهى أن هناك طاقة نور أخرى قادمة، (يوم الدين) يحمل تلك الصفة المهمة إنه الفيلم المصرى الذى يحمل لأول مرة توقيع المخرج أبوبكر شوقى، شاهدت الفيلم فى عرض  محدود جدا، ولهذا لا يجوز لى طبقاً للقواعد الأدبية المعمول بها الحديث التفصيلى عنه بأكثر مما هو معلن من قبل إدارة المهرجان حتى يعرض مساء الغد وبعدها لكل حادث حديث، إلا أننى من حقى أن أقول لكم إن لدينا فيلما رائعا بدون تفاصيل تكشف الكثير عن سر هذا الجمال الفنى، استطاع المخرج أن يقود مجموعة من الهواة لم يسبق لهم الوقوف أمام الكاميرا، الأصعب من ذلك لا يجيدون أساسا القراءة، وبذكاء حافظ على الهارمونية بمفتاح واحد لأداء الممثلين وهو سيطرة روح الهواية على كل الشخصيات، ومنح ممثليه مساحة مقننة من الحرية، بالتأكيد لجان الاختيار بالمهرجان لديهم 1900 فيلم روائى، وعندما يقع اختيارهم على هذا الفيلم فإن مؤشر الاستعانة بممثلين لم يسبق لهم التعامل مع الكاميرا لا يعنى فى حد ذاته شيئاً له قيمة، المهم هو النتاج على الشاشة، البطل كما أشارت كل وسائل الإعلام مصاب بالجذام بعد أن أحدث العديد من التشويهات فى وجهه، أودعه أهله وهو طفل فى المصحة، ويبدأ فى البحث عن جذوره، يدرك فى لحظة فقدانه لزوجته أن عليه البحث عمن يأخذ عزاءه، فهو ليس له ابن، الرحلة طرفاها الطفل اليتيم الأسمر النوبى باسم حركى (أوباما) والحمار حربى عليهما أن يصلا إلى قنا، إنها ليست أبدا قصة بشاى الحقيقية، الرجل الذى تجاوز الأربعين الذى يؤدى دورا مسيحيا، ولكنها قصة من خيال المخرج الذى سبق له أن قدم فيلما تسجيليا عن المصحة وبعدها تردد بداخله هذا السؤال: ماذا لو كان داخل هذا المكان الموحش إنسان يبحث عن عائلته، فلم يجد غير المهمشين هم القادرون على استيعابه بكل دفء.

روى لى المخرج، الذى يبلغ من العمر 33، وهو بالمناسبة خريج معهد السينما المصرى، أنه وزوجته دينا إمام قررا أن يتحملا المغامرة بأموال قليلة، يقدمان جزءا ثم يحصلان على دعم، يستكملان جزءا ثم يعرضاه على بعض الشركات والمهرجانات والمؤسسات فيحصلان على دعم، ومن دعم إلى آخر حتى وصلا إلى مهرجان (كان)، إنها الإرادة عندما تتوكأ على موهبة حقيقية فتصنع المعجزات.

هل من حقنا أن نحلم بما هو أبعد من شرف المشاركة فى المسابقة؟ نعم رغم أنه لم يحدث أن تجاوزنا ذلك، مصر لها رصيد لا بأس به من المشاركات، طبعا فى المرحلة الأخيرة صار فقط يوسف شاهين هو العنوان، ولكن نذكر أفلام البداية من (دنيا) لمحمد كريم فى الدورة الأولى للمهرجان 1946 وتعددت المشاركات داخل المهرجان (ابن النيل) ليوسف شاهين و(حياة وموت) لكمال الشيخ و(شباب امرأة) لصلاح أبوسيف و(الحرام) لهنرى بركات و(الأرض) ليوسف شاهين، وتتجاوز مشاركات يوسف شاهين فى أغلب أقسام المهرجان رقم 10، وآخر مشاركة لنا فى قسم (نظرة ما) بفيلم (اشتباك) لمحمد دياب 2016، أما المسابقة الرسمية بالمهرجان (بعد الموقعة) 2012 ليسرى نصرالله.

دورة هذا العام (تتكلم عربى) بها العديد من الأفلام والفعاليات الناطقة بالعربية، مثلا لدينا المخرجة اللبنانية الموهوبة نادين لبكى، تشارك فى المسابقة الرسمية هذه المرة بفيلم (كفر ناحوم)، ولدينا فى قسم (نظرة ما) الفيلم المغربى (صوفيا) لمريم بن مبارك، والفيلم السورى (قماشتى المفضلة) للمخرجة غايا جيجى، ناهيك عن تواجد المملكة العربية السعودية بجناح لأول مرة وعرضها مجموعة من الأفلام القصيرة، ودولة فلسطين لها جناح، حتى المخرج الفرنسى الكبير جان لوك جودار، 88 عاما، يعرض له داخل المسابقة فيلمه (كتاب الصورة) الذى صورت بعض مشاهده فى تونس ويحكى عن دولة عربية غير محددة المعالم، و بالضرورة ستجده ينطق ولو حتى على استحياء بالعربى.. هل سيزيد العرب رصيدهم الضئيل من الجوائز بواحدة؟ أتصور أن الأمر ليس بعيداً!!.