أحمد الشيخ يكتب: "خليها تنضف"

مقالات الرأي



 

وضع غريب يمر به الإعلام منذ ثورة يناير 2011 حيث أطل علينا مجموعة من الخبراء لا قبل لنا بهم في كافة المجالات، فهذا خبير اقتصادي وهذا سياحي وذاك إعلامي دون أية مؤهلات علمية أو وظيفية تؤهله لهذه الخبرة.

 

مجموعة من المدعين، تلقفتهم مجموعة من قليلي الخبرة والدراية من الصحفيين ليطلعوا علينا ببدع لا قبل لنا بها، فهذه مطلقة ومتفرغة فتتحول لخبيرة علاقات زوجية وإنسانية وهذا عطار أو شيخ جامع يتحول لإعلامي، وهذا "صايع" وعاطل "مش لاقي حاجة يعملها" فيتحول بقدرة قادر إلى داعية إسلامي.

 

المصيبة الكبرى هي تحول هؤلاء لوجوه إعلامية منتشرة في الكثير من القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، مما يضفي على نشاطهم المشبوه المصداقية في سذاجة واضحة من الكثير من الوسائل الإعلامية، وهو انعكاس للتردي المهنى الذي أصبحنا نعاني منه في بلاط صاحبة الجلالة بعد أن أصبحت الصحافة مهنة من ليس له مهنة.

 

ويذكرني هذا بواقعة غريبة حدثت لي عندما كنت رئيسًا لقسم الأخبار بموقع جريدة "الفجر" حيث جاء لي شخص يريد التدريب وهو في الأصل يعمل فني تشكيل معادن ويتقاضي 80 جنيه يوميًا في عام 2014، وهو مجال دراسته حيث أنه خريج معهد فني والتحق بالتعليم المفتوح لدراسة الإعلام، وعندما سألته  لماذا تريد العمل كصحفي؟ رد عليّ لأنه "زهق" من مهنة الحدادة ويريد مهنة ذات شكل اجتماعي جيد فقلت له، إن مهنتك إنتاجية وتساعد في التنمية الاقتصادية وراتبك يفوق راتبي وأنا رئيس قسم، ولا تقل شرفًا أو وجاهة عن مهنة الصحافة فكلاً منا صاحب مهنة يخدم بها وطنه في مجاله، ولعل هذه الفئة من خريجي الإعلام المفتوح والذين يرون أنهم يملكون بعض الموهبة هم من اتخدروا بالمهنة في ظل موجة الإصدارات الأجنبية التى ظهرت فجاة ودون رقابة.

 

كل هذا يعكس مدى التدهور المهني الذي وصلنا إليه ويرمي بأعباء ثقيلة على مجلس نقابة الصحفيين المنوط به الحفاظ على المهنة والخروج بها من تلك الكبوة، والخروج من بوتقة التدريب الصوري للصحفيين إلى تدريب حقيقي وتعليم مستمر يقوم على برامج معتمدة علمياً وعالمياً بمدربين على أعلي مستوى من الكفاءة والمهنية، مع وضع عقوبات واضحة على الأخطاء المهنية، ورصد الأخطاء من خلال لجنة متخصصة والتحقيق فيها بشكل مهني، وعمل مراجعة لأداء الصحفي بشكل دوري، من خلال لجان كل 3 سنوات على الأقل للتأكد من استمرار عمله بالمهنة، وتنقية الجداول للوقوف على الممارسين للعمل فعلياً، مع ضرورة أن يكون تحليل المخدرات إجراء أساسي عند الإلتحاق بجداول النقابة.

 

كما يجب أن يكون للنقابة دور في محاربة الدخلاء على المهنة ومدعي الصحافة والسعي لتغليظ العقوبة على من ينتحل صفة صحفي، حتى تستطيع المهنة لفظ الدخلاء والمنتحلين سواء من خبراء أو صحفيين، لكي تصبح مصر مثلما نحلم أن تكون أفضل .. "وخليها تنضف".

للتواصل مع الكاتب:

[email protected]