د. حماد عبدالله يكتب: "تجربتى مع القرائه المبكره "

مقالات الرأي




أتذكر حينما تعلمت القرائه على يد الشيخ "محمد مسعود" رحمه الله صديق والدى "عليه ألف رحمه أيضاً" , وهو كان مدرسى الأول حيث طلب منه والدى أن يأتى لى بعد حضور (حصص) الدراسه "بُكتَّابْ  المحمودية " بجوار مدرسه الخديوية بالخليج المصرى ,حيث كان هذا الُكَّتابْ جزء من تكية" ما زالت ضمن أثار القاهرة الفاطمية الرائعة الواقعه على شارع الخليج المصرى وفى الجانب الشرقى لحى "الحبانية " ضمن أحياء منطقه الدرب الأحمر ,وحيث كانت تقطن عائلتى قبل الإنتقال إلى حى " منيل الروضة " عام 1953 ,وكان سكن أسرة أمى بالمغربلين وفى حارة "جمعه " يقع بيت جدتى لأمى رحمهم الله جميعاً ، أما بيت جدتى وجدى لأبى فكان يقع فى حارة "سليم الشهيرة والمتفرعة من شارع السد بالسيدة زينب " حيث مسقط رأسى وهذه الحارة سكنها معظم مشاهير الأدب فى مصر , فى هذه الحقبة الزمنية وأهمهم  على الإطلاق المرحوم الأديب الأستاذ " توفيق الحكيم " وأعود للحظه تعلمى القرائه, وكان ذلك فى وقت مبكر جداً من عمرى حيث كنت فى الرابعه من العمر , حينما فاجئت الجميع بأننى أقرأ من جريده كانت لدى ( جدى) لوالدى وكانت فرحتهم بى غير موصوفة  فأنا أكبر الأبناء من جيلى لأعمامى وعماتى وعددهم فى "وش العدو" كانوا " عشرة " وأنا أكبر الأحفاد لجدى "حماد سيد أحمد" فكانت الفرحه ممتزجه بالتباهى ,إذا أتذكر أن أخدنى معه لصلاه العشاء فى مسجد السيدة زينب , وأهدانى بدلة من "الشركسكين الأبيض " وقميص حرير أزرق ذو نقط بيضاء ، ومن ثم وضع لى دبوس على صدرى وأخذنى إلى مصوراتى "الكواكب" فى ميدان السيده زينب لكى يلتقط لى صوره هى الأولى فى عمرى , وهى التى تم وضعها على شهاده دخول المدرسه الإبتدائية فيما بعد ( رجل ذو أربع سنوات من العمر ) !.
ومنذ هذه اللحظه وأنا لا أترك كتاب أقرأه سواء كان مفهوماً لى (قدر عمرى فى هذا الوقت ) أو لا أفهمه ، المهم أننى أصبحت أقرأ كل شىء يقع فى يدى وكان من نصيبى أن أقرأ "القرأن الكريم " فى هذه السن المبكره تحت إشراف أستاذى الأول "الشيخ محمد مسعود " والذى كان لا يترك لى خطأ أبداً فى اللفظ والنطق لحرف جر , أو حرف منصوب .
ومع ذلك كانت المجلات التى أسعى بكل الطرق للحصول عليها أسبوعياً وأوفر بأى شكل ثمنها "25 مليم " فى هذا الحين للمجله الأسبوعية (سمير وتهته)  ,يوم الأحد موعد صدورها هو يوم عيد بالنسبه لى .
ومجله "السندباد البحرى" وتصدر كل أربعاء وثمنها (40 مليم ) وكانت تلك المجلات بها مسلسل مصور فى كل منها أحلم طيلة الأسبوع لإستكمال قرائة الحلقات المسلسلة والمغامرات التى سيقوم بها "الكشاف "باسل فى مجله سمير أو رحله بحريه للسندباد فى (السندباد البحرى )!! 
ولم يكن الكتاب بعيد عنى حيث فى زمن متقدم إستطعت عام 1957 حين صدرت ثلاثيه نجيب محفوظ  "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية" ,كنت لا أترك مكتبه الوافدين بشارع القصر العينى أمام كليه تجارة عين شمس (سابقاً) الا حينما يقوموا بإغلاقها  كل مساء وأخضع لشبه طردى من المكتبة للإغلاق , حيث لم يكن مصرح لى وأنا فى هذا السن ودون عضوية ,أن أستعير الكتاب 
وكنت فى المدرسه الإبتدائية أسٌمىَّ "الفه" الفصل حيث أقص على زملائى  كل ما قراته ,بطريقه محببه تَشٌدْ الأطفال إلى (حواديت حماد) , فكان أن غاب أحد الأساتذه عن الحضور لفصل من الفصول يستعيرونى من فصلى لكى (أحكى حدوته ) للأولاد وتهدأ الأمور فى الفصل الخالى من عضو التدريس حتى أحلال أحد بديلا عنه .
وهذا ما إشتهرت به فى طفولتى المبكره "القرائه والكتابه" , والقصص ,ومجلات الحائط ، والتى كانت من أهم أسباب تعرف الجميع على كطالب  أقود المدرسة الاعدادية , وشاويش فى المدرسه الثانوية , ومذيع فى إذاعه المدرسة , ومحرر جريده (مجله الحائط) وكم تعرضت للأذى فى كثير من الاحيان  لما أسجله من أحداث ما كان يجب نشرها وطردى من المدرسه  الإعدادية لمدة أسبوع لنقد لاذع قمت بنشره عن أستاذ لى فى هذه المرحلة العمرية المبكرة.
وللحديث بقية ...