سينمات وسط البلد تستغيث: "الجمهور بيروح المولات.. والحكومة مش هتعمل حاجة"

الفجر الفني



"الذكريات" هي كلمة استطاعت التعبير عن ملامح الأبنية المهجورة التي تفوح منها رائحة الماضي، فهنا كان حبيبان يشاهدان فيلمًا رومانسيًا، وهنا كان مجموعة من الشباب ينبهرون بمغامرات البطل في الفيلم الأجنبي، أما هناك فيوجد طفل يصطحبه أهله لمشاهدة أحد أفلام إسماعيل ياسين الكوميدية، فتفتحت عيناه على شاشة السينما وتعلق ذهنه بأبطال كانوا ومازالوا رموزًا للفن المصري مهما مرت السنون.

"الفجر الفني" تجول بين سينمات "وسط البلد"، التي كانت قديمًا وجهة العاشقين والعائلات والشباب، وكان الذهاب إليها بمثابة "فسحة" الناس البسطاء لمشاهدة أفلام كبار النجوم، أما الآن فالوضع أصابه السوء وأصبحت سينما "المولات" المسيطر الأكبر على الوضع، بقدر ما تتميز به من توفير سبل الراحة والترفيه للأسرة، وهو ما دفع بعض أصحاب السينمات الأخرى لرفع شعار "الشغلانة مش جايبة همها".

"سينما التحرير كان ليها شنة ورنة زمان"
"آخر عرض خاص في السينما كان فيلم الإرهابي لعادل إمام"، هكذا بدأ مروان المحمدي مدير سينما "التحرير" بمنطقة الدقي، حديثه مع "الفجر الفني"، وأضاف أن السينما تابعة لشركة "دولار فيلم" للتوزيع، والتي تستعد لإجراء توسعات بها، حيث أنها تتضمن قاعة عرض واحدة، وعن نسب الإقبال، قال "المحمدي" إن كثرة دور العرض بالمقارنة بالسابق، تصب في مصلحة سينما "المول" التي تستقبل عدد أكبر من الجمهور بفضل وجود أكثر من قاعة عرض بها، مما تسبب في الظلم لسينما القاعة الواحدة.

وأضاف "المحمدي" الذي تولى إدارة سينما التحرير منذ 30 عاماً، لم تشهد السينما خلالها أي تجديدات إضافة إلى عدم تحديث نوعية الأفلام مثل تقنية "3d" التي تجذب جمهور الشباب، والتي توفرها سينما "المول"، إضافة إلى تميزها بجودة القاعة والمقاعد والإضاءة وشاشة العرض، وهو ما يجعلها المفضلة لدى الجمهور حتى مع رفع سعر التذكرة عن السينمات الأخرى، قائلا: "سينما التحرير كان ليها شنة ورنة زمان عشان كانت السينمات قليلة وكانت الأفلام الأجنبي بتشتغل أكتر من العربي".

وعن اتجاه دولة السعودية لإنشاء دور عرض سينمائي وتأثيره على الحركة الفنية في مصر، قال "المحمدي" إن دور العرض السعودية لابد أن تتمتع بجودة أكبر من المصرية، وذلك من حيث القاعات والمقاعد والخدمات المقدمة، إضافة إلى شراء الأفلام الأجنبية الأكثر رواجاً، وأضاف أن تسريب الأفلام الحديثة عبر مواقع الإنترنت يؤثر سلباً على مشاهدتها في السينما، ويعد العقبة الوحيدة التي تواجه المنتج والموزع وصاحب دار العرض حالياً، وأكمل مازحاً: "الحل إن الإنترنت يتشال لأن الرقابة مش قادرة تسيطر".

"الوزيرة الجديدة مش هتعمل حاجة..والمستثمرين خربوها"
"العيلة بتيجي في عز العيد تقف في الشارع ومش بتدخل السينما"، هكذا كان رد مجدي الشيخ مدير سينما "ديانا بالاس" منذ ما يقرب من 5 سنوات، شهدت السينما خلالها تراجعاً ملحوظاً بالمقارنة بغيرها من سينمات تتضمن أكثر من قاعة عرض، إضافة إلى تأثير التصنيف العمري الذي تفرضه الرقابة على بعض الأفلام، مما يحول دون اشتراك الأسرة في مشاهدة فيلم واحد في حال ترددها على سينما "سينجل"، فيكون "المول" هو الاختيار الأمثل لوجود خيارات متعددة.

وأضاف "الشيخ" أن الدولة تجاهلت إجراء أي تجديدات على سينمات القطاع العام منذ سنوات طويلة، ومنها سينما "ديانا" التي لم تجدد منذ التسعينيات، إضافة إلى استئجارها لمستثمرين عملوا على "تخريبها" أكثر لمدة 17 عاماً، قائلا: "المستثمر زي ماخدها زي ما رماها، حسبي الله ونعم الوكيل في محمد رمزي ووائل عبدالله وأمثالهم من اللي خربوا السينمات الحكومية"، مؤكدا أن مواسم الأعياد هي الأكثر انتعاشاً خلال العام، مشيرا إلى عدم تأثير تسريب الأفلام عبر مواقع الإنترنت على نسب مشاهدتها بالسينمات.

وعن اهتمام د. إيناس عبدالدايم وزير الثقافة الجديد بالنشاط السينمائي بمصر، قال "الشيخ" إنها لن تفعل ذلك بالتأكيد، موضحاً أن الوزارة تتجه إلى عرض السينمات للإيجار بدلا من الاهتمام بها، وذلك لأن شركة مصر للصوت والضوء والسينما لا تملك بيعها، لاعتبارها من التراث، إضافة إلى عدم امتلاكها لها وكونها إيجار قديم ويمتلكها ورثة منذ عشرات السنين، وأضاف أن السينما يرجع عمرها لفترة الثلاثينيات وقاعتها تتضمن 900 مقعد، على عكس قاعات سينما "المول" التي يظهر الإقبال بها أكثر لتضمن قاعتها 80 او 100 مقعد.

"سينما المول ترضي جميع الأذواق.. وأفلام السقا ومحمد إمام بتجيب إيرادات".
وعلى بضع خطوات، كان الحال يبدو أفضل في سينما "أوديون"، حيث أكد ممدوح راضي نائب مدير السينما، أن المكان له رواده منذ سنوات طويلة، لما يجدوه من خدمات مميزة ومعاملة حسنة، إضافة إلى الاهتمام بتجديد السينما قبل دخول الأعياد والمواسم، على عكس بعض سينمات القطاع العام التي تعاني من قلة التجديدات حتى أن الجمهور قد يذهب إليها فيجد "التكييف عطلان"، وأكد أن سينما المولات تتميز بإرضاء جميع الأذواق ووجود أفلام تناسب جميع أفراد الأسرة.

وأضاف "راضي" أن أسعار التذاكر بسينما أوديون ثابتة ولا تتغير، وهي 30 جنيهاً للفيلم العربي و35 جنيهاً للأجنبي وتخفض إلى 30 جنيهاً في حفلتي 10 ومنتصف الليل، مؤكداً أن ارتفاع سعر التذاكر بسينما المول يكون نظير ما تقدمه من خدمات لجمهورها، لكنها لا تأخذ من نسب الإقبال على السينمات الأخرى، لأن هناك عوامل أخرى تتسبب في ضعف الإقبال العام، مثل فترات الامتحانات وما قبل شهر رمضان، مؤكداً أن أفلام احمد السقا ومحمد إمام حققت إيرادات كبيرة عند عرضها.

وأكد "راضي" أن التزام السينما بالتصنيف العمري على الأفلام يؤثر سلباً على نسب إقبال الجمهور خاصة من العائلات، قائلا: "الزوج والزوجة هيسيبوا أولادهم فين"، وأضاف أن التصنيف غير ضروري لأن الأفلام تعرض بعد ذلك عبر القنوات الفضائية ويراها الصغير والكبير، وعن اتجاه السعودية لإنشاء دور عرض سينمائي، قال "راضي" إنهم سوف يعرضوا أفلامنا بالتأكيد في سينماتهم، وهذا سيساعد على تسويق الفيلم المصري في منطقة الخليج.

مواطن يمني بالقاهرة: "بحب حلمي وعادل إمام.. والسينما المصرية لها جمهورها بالإمارات"
والتقينا بJ"يوسف ناجي" مواطن يمني يقيم في الإمارات، أثناء زيارته إلى مصر للمرة الأولى، ووقوفه أمام أبواب سينما "مترو" بشارع طلعت حرب، حيث قال إنه يحب الأفلام المصرية ويحرص على مشاهدتها قبل عرضها ببلده، لأنها تتميز عن الأفلام الأجنبية بتحدث الممثلين بلهجة عربية إضافة إلى الكوميديا الأقرب لقلبه، وأضاف أنه يحب الزعيم عادل إمام، والنجم أحمد حلمي خاصة دوره في فيلم "إكس لارج"، وأشار إلى وجود السينما المصرية في المرتبة الثانية بعد الهندية، من حيث إقبال الجمهور في الإمارات.

ويستكمل "الفجر الفني" رصده للسينمات المغلقة بالقاهرة والجيزة وما ترتبط به من ذكريات لدى الجمهور في وقت لاحق.