هاني سامي يكتب: (عودة الروح) لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية

الفجر الفني



في عام 2006 كنت ضمن حضور الدورة الــ22 من مهرجان الإسكندرية السينمائي، وكانت ترأس تلك الدورة الناقدة الراحلة إيريس نظمى إحدى العضوات البارزات لجمعية كتاب ونقاد السينما الجهة المنظمة لهذا المهرجان العريق، وكان وقتها السيناريست الراحل ممدوح الليثي رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية.

 

في افتتاح تلك الدورة جمعني حديثًا مطولًا بالدكتور طارق القيعي رئيس مدينة الإسكندرية وقتها وشقيق عدلي القيعي رجل النادي الأهلي الشهير، لم يخلو حديثه من مرارات عدة قام الرجل بطرحها، يأتي أهمها على الإطلاق هو تجاهل إدارة مهرجان الإسكندرية لأبناء الإسكندرية ومؤسسات المجتمع المدني بها بشكل متكرر، وأتذكر هنا عدة جمل هامة قالها وهى: (ينفع حد يعمل فرح في بيتي من غير حتى ما يقول لي سلام عليكم ويخلينا نساعده.. ولاد إسكندرية مقاطعين المهرجان لأنهم حاسين أنه مش بتاعهم وميخصهمش، دول حتى مش عارفين يحضروا العروض).

 

قفزت إلى ذهني تلك الواقعة وأنا موجود ضمن ضيوف مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة في دورته الــ20 بعد فترة من مقاطعتي له سنتعرض لأسبابها لاحقًا مع وجهة نظرنا في أن تكون المقاطعة والنقد الهادف وسيلة للإصلاح وتخطى السلبيات لا تخطيا لثقافة الاختلاف والاحتقان بين السينمائيين فيما يخص إدارة مهرجانات السينما في مصر.

 

حالة التناقض الواضحة بين ما حدث في مهرجان الإسكندرية قبل سنوات وما يحدث على أرض الإسماعيلية عبر مهرجانها للسينما التسجيلية والروائية القصيرة في دورته الـ 20، تدعو حقًا للتأمل ففي وجدت المتطوعون من أبناء المدينة يقدمون أداءًا مذهلًا تجاه كل ضيوف المهرجان، وجدت في الافتتاح طلابًا صغارًا في عمر ست سنوات يقدمون الزهور والأغاني ترحابًا بحضور المهرجان بقصر ثقافة الإسماعيلية، وجدت فتيات وشباب بالمرحلة الثانوية والجامعية يترقبون نظرات الضيوف عسى أن يكون احدهم فى حاجة لشيء ما، وجدت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني الإسماعيلي يشاركون بأبنائهم ويدفعون بهم دفعا بحب وسعادة بالغة للوقوف بجوار مهرجان مدينتهم الغارقة فى النضال الوطني، وجدت المتطوعون أهم جماليات المهرجان فى تلك الدورة على المستوى التنظيمي.

 

نعم قاطعت المهرجان سنوات طويلة بسبب مسالب ومشاكل ذكرها لن يفيد فى شىء لرحيل من كانوا يديرونه بشكل سيء عن الدنيا -وتلك وجهة نظري الخاصة بالطبع عما مضى، وجئت تلك الدورة أحمل الكثير من التفاؤل بعد أن وجدت وشعرت بروح جديدة وإصرارًا من القائمين على المهرجان رغبة منهم فى إنجاحه ودفع عجلة التنمية السينمائية للأمام وتطورًا لافتًا على مستوى الأفكار والتنظيم واختيار الأفلام والضيوف في دلالة واضحة لوجود وجدان مختلف يحرك الجميع لصناعة حدث نتوقف أمامه كثيرا في تلك الدورة.

 

اعتذرت العام الماضي حتى أرى الجديد، ووجدت ما ذكرته سلفًا، كنت أريد أن امنح الفرصة لأحبة يريدون تجديد دماء مهرجان هام للغاية دون إحداث أي خلل ببعض الجيد مما سبق تقديمه على المستوى الدولي فى دورات حملت الكثير من الجدل.

 

لن أتحدث عن الأفلام أو بعض نقاط الضعف فهذا أمر سيأتي وقته خلال الساعات القادمة، لكن أتحدث هنا عن الروح الجديدة للمهرجان (الروح الحلوة والتي وجدناها في كل الإسماعيلية وناسها الطيبين) يبادلوها لنا أضعاف كثيرة.. ولنا عودة.